نقطة فى بحر

أستاذنا جويدة.. عفواً

محمد درويش
محمد درويش

محمد درويش

أنا من مريدى قلم الشاعر والكاتب الكبير فاروق جويدة، أطالع كل جمعة مقاله فى العدد الأسبوعى من جريدة الأهرام وأتذكر مفكرة الاثنين للأديب الراحل يوسف إدريس وكيف اقترن قلماهما بهموم الوطن وناسه والتعبير عنه بضمير الكاتب الذى يمثل ضمير أمة تنير الطريق أمام الراعى والرعية.
وربما كانت المرة الأولى التى وجدت نفسى مختلفا الى حد كبير مع ما طرحه شاعرنا جويدة فى مقال أمس الأول الجمعة.
الكاتب الكبير رسم لنا عازفا بالحروف صورة قاتمة للإعلام المصرى سواء كان ملكية عامة أو خاصة صورة قدمها لنا جويدة وكأننا كمتابعين لإعلامنا لا ندرى عنه شيئا، ولا نستطيع أن نتبين الغث من السمين، وكأن وعينا يتشكل فقط كما تهوى الفضائيات وكما تبتغى الصحف وهنا أذكره أن النهر جرت فيه مياه جديدة وأن ما نشأنا عليه كأجيال فى عقدها السابع أو الثامن من العمر لا يمكن أبداً أن يصلح لأجيال جديدة لها أدوات أحدث وربما أعمق ولولا تطور هذه الأدوات ما تطورت الانسانية أساسا وهو تطور يقوده الشباب وربما تعجز عنه الأجيال الأقدم إلا من رحم ربي.
لقد طالب جويدة بإسناد أعمال الدراما الى من تم تهميشهم - كما يقول - من رموز مصر فى الفنون والآداب والإبداع، وأذكره بعملين كانا بمثابة عودة الروح الى الدراما المصرية وحديث كل بيت وهما فيلم «الممر» ومسلسل «الاختيار» وأذكره أيضا بأن القائمين على صنعهما جيل من الشباب قدم عملين إبداعيين سيخلدان فى تاريخ الدراما المصرية، وليعد بذاكرته الى واحد من كتاب السيناريو العظام الذى لم يقدم فى العشرين عاما الأخيرة من حياته إلا عملا واحدا وكان فشله مدوياً.
وفى مقاله يعزو فاروق جويدة أن ما حدث فى محنة كورونا كان وراءه الإعلام المصرى الذى كان سببا كما يقول فى غياب الوعى والهمجية والمسئولية!.
ولو نظر على خريطة الكرة الأرضية لوجد أن غياب الوعى نال قطاعات عريضة من الجماهير فى أرقى بلاد الدنيا وهو ما تمثل فى حرص هذه الدول على إعادة الإجراءات الاحترازية بصورة متشددة بعد أن كاد يترك الحبل على الغارب، أى أنها لم تكن أبدا مسئولية الإعلام بقدر ما هى سلوكيات بشر تتحد فى كل زمان ومكان.
وإذا كانت مؤسسات الدولة كما يقول الكاتب لم تستطع أن تضع حتى الآن أهدافاً وبرامج مدروسة لكل القضايا التى تتعلق ببناء الانسان المصرى ثقافة وفكرا ووعيا، فإنى أرى أن هذا الكلام على إطلاقه ظلم كبير لمشروعات مثل تطوير العشوائيات وإعلان التخلص منها بنهاية هذا العام وأيضا مثل مبادرات ١٠٠مليون صحة وفيروس سى وغيرها وما يحدث فى تطوير التعليم الثانوى واذا كانت مثل هذه المشروعات الصحية والنقلة الاجتماعية والاقتصادية مثل مشروعات الضمان الاجتماعى وتكافل وكرامة لا تساهم فى الارتقاء بثقافة الناس وسلوكياتهم فما هو المطلوب إذن؟!
 حمّل الكاتب الإعلام المصرى بقطاعيه العام والخاص ما يرى أنها عملية تشويه للذوق المصرى وأطمئنه أنه مازال بخير وتشهد على ذلك حفلات الأوبرا والموسيقى العربية حتى وهى أون لاين بسبب ظروف كورونا أما مطربو الشارع فهم فئة تعيش على ما يبثه اليوتيوب  ووسائل التكنولوجيا الحديثة وهم وأمثالهم من صناع السينما الرديئة بريق يتوهج فى لحظة وسرعان ما يخبو ولا يبقى منه الا السراب.
وأخيرا أليس نشر مقالك فى واحدة من أكبر الصحف القومية دليلاً على أن الدولة ترغب فى بناء المواطن وترتقى بوعيه.