"مستعمرة الجزام" في مصر بين أمل الشفاء وألم الفراق 2012- ص 05:48:43 السبت 01 - سبتمبر محمود عبد الوهاب   الحاجة نرجس وشقيقتها عزيزة دخلا "مستعمرة  الجزام" منذ أربعين سنة إحداهما كفيفة والأخرى تساعدها علي تحمل شظف الحياة .  هما من إحدى محافظات صعيد مصر تمكن المرض من جسدهما في وقت لم يكن الدواء ذا فاعلية حقيقة تم وضعهما في قسم الحروق  لحالتها الحرجة تقول الحاجة عزيزة "لم نتزوج بسبب المرض ولكننا تركنا كل ذكرياتنا خلف ظهورنا وتعايشنا مع أهلنا الجدد في المستعمرة فهم الباقيين لنا وما هي إلا أيام نقضيها حتى نري وجه رب كريم " . أما " صابحة" ابنة محافظة الفيوم فقالت "حضرت إلي هنا وأنا بنت سبع سنوات ليس لي ذكريات كثيرة بالخارج وتأقلمت في العيش هنا حتى بلغ عمري الآن 56 سنه يزورني بعض أقاربي في المواسم والأعياد وأود زيارتهم لي باستمرار لكن ما باليد حيلة فنظرة المجتمع لنا غير سارة وغير منصفة . هكذا حفر مرضي مستعمرة الجذام ذكرياتهم الأليمة علي جدران المستعمرة منذ نشأتها في عهد الملك فؤاد الأول من 98 سنه بعد عزلهم لرعايتهم إجبارياَ علي مساحة من الأرض تصل 262 فدان مترامية الأطراف شكلت موقعها الحالي بمنطقة أبي زعبل بحي الخانكة . وصف كلمة مستعمرة توحي لك بأن المكان أشبه بكتيبة عسكرية لكنك تجد بوابة كبيرة مفتوحة علي آخرها وترى مساحة كبيرة من المباني التي تتخللها مساحات خضراء وعدد من أعلام بعض الدول الأوربية إلي جانب علم مصر. ورغم كل ذلك يؤكد مدير المستعمرة د.أحد شاكر قائلا " إن مريض الجزام أصبح علاجه سهلا وخلال عامين يكون المريض قد شفي تماماً ويعيش علي دواء شهري مثل مريض السكر والضغط ولا خوف من التعامل معه أثناء تعاطي العلاج ".   أما ممثل برنامج مكافحة الجزام بوزارة الصحة د. صلاح عبد النبي فيقول " لقد تخطت المستعمرة حاجز التعامل مع مرضي الجزام فقط بل تم دمج المستشفي مع المجتمع الخارجي بفتح عيادات خارجية وتخصصات للأمراض الأخرى لجذب المواطنين العاديين من القرى القريبة للانتفاع بتلك الخدمات وتقريب التعامل مع مرضي الجزام حيث يتردد علي تلك العيادات يومياً أعداد كبيرة." وتقول د. مني درويش استشاري الأمراض المعدية بوزارة الصحة أن الوزارة وصلت بمعدلات الشفاء من مرض الجذام إلي أعلي من معدلات منظمة الصحة العالمية وزيادة أقسام الكشف المبكر عن المرض بمناطق العمرانية والقلعة والعامرية بالإسكندرية . وظل حلم العودة إلي الديار والاندماج في المجتمع مرة أخري يراودهم خاصة بعد أن تقلصت الإصابات بالمرض إلي أدني معدلاتها بنسبة 11. % لكل عشرة ألاف مواطن وارتفاع معدل الشفاء بين المصابين وتقلص أعدادهم في الفترة الأخيرة من تاريخ المرض في مصر.  الأمر الذي ساعد الكثير من المرضي المصابين بالتعايش مع المرض خارج كردون المستعمرة في قرية الشهيد عبد المنعم رياض التي استوطنها المرضي وأسرهم بعد تجاوبهم مع العلاج ،وتكوين أسر جديدة مع أفراد من غير حاملي المرض ، وأبو أن تكون جدران المستعمرة هي سجنهم فقرروا العيش في عشش من الصفيح بدلاً العودة لديارهم القديمة والتي يشعرون فيها بالغربة، ليضربوا قصصاً واقعية في الاندماج الطبيعي مع المجتمع المحيط بالمستعمرة.