عاجل

إنها مصر

اتق شر الحليم إذا غضب

كرم جبر
كرم جبر

لم تكن مصر فى يوم من الأيام دولة معتدية، ولم تتلوث يداها بدماء الأشقاء، لم تتآمر ولم تحرض، ولم ترفع سيفاً إلا فى وجه أعدائها، ولم تبحث عن أدوار أو زعامة أو قيادة.
فى حرب تحرير الكويت لم تقبل مصر دخول العراق، ووقف جيشها الذى شارك فى الحرب على مشارف الحدود، ورفض أن تطأ أقدام جنوده أراضى دولة عربية، فقد جاءوا لتحرير الكويت وليس احتلال العرق.
ورفضت مصر مرات عديدة المشاركة فيما يسمى قوات السلام العربية، سواء فى العراق أو سوريا، حتى لا يتورط جيشها فى حروب غامضة مع ميليشيات مسلحة، وصراعات ليس له فيها ناقة ولا جمل.
عقيدة الجيش المصرى هى الدفاع عن مصر، أرضها وسمائها ونيلها وشعبها، ويتسلح بكل أسباب القوة، ليكون قادراً على أداء المهام المقدسة، متى طلبت منه.
لكن الوضع فى ليبيا مختلف.
الجار الذى تربطنا به حدود طولها ألف كيلو متر، وتتشابك القبائل والعائلات والنسب والمصاهرة، وتتحد المصالح المشتركة، وترتبط الدولتان والشعبان بعلاقات ممتدة منذ آلاف السينين.
أمن ليبيا هو أمن مصر، فإذا كان جارك غير مستقر، وتسيطر عليه ميليشيات مسلحة ودولة أجنبية، فهذا يؤثر على مصر، ويهدد أمنها واستقرارها، ويجعلها فى حالة استنفار تام.
وما يحدث فى ليبيا هو قمة الفوضى، بعد أن تحولت إلى مستنقع لمؤامرات محلية وإقليمية ودولية، وانتقلت الميليشيات من العراق والشام إلى الاراضى الليبية، بما يعنى أن الخطر الداهم أصبح على حدودنا الغربية.
خطورة الموقف
تتمثل فى محاولات تصدير الإرهاب إلى مصر، وتسلل العصابات والجماعات الإرهابية عبر الحدود، وتستطيع القوات المسلحة المصرية أن تجهض هذه المحاولات أولاً بأول لامتلاكها منظومة دفاعية قادرة على اكتشاف كل متر من الحدود.
وتتمثل فى القوات التركية الغازية، وما يعقبه من دول وجيوش أجنبية أخرى تستعد للدخول فى الحرب الدولية المنتظرة وليبيا من ناحية الموقع وثروات الغاز والبترول أكثر أهمية من سوريا.
وتتمثل فى تهديد أمن واستقرار مصر، من جانب دولة شديدة العداء وأعلن إردوغان أكثر من مرة، سعيه إلى نقل الميليشيات المسلحة إلى الأراضى المصرية.
ويكمن الخطر فى كثرة أعداد الميليشيات المسلحة بالآلاف، وتنوع الأسلحة التى تمتلكها والانتماءات والولاءات التى تحركها، لما يصعب معه ضبط الفوضى ووضع حد للصراع.
مصر لا تسعى إلى الحرب ولا تريد شيئا إلا سلامة الشعب الليبى واستقراره ووحدة أراضيه والقضاء على الميليشيات والحفاظ على مقدراته وثرواته، وتمنحها القوانين الدولية حق الدفاع الشرعى لمواجه المخاطر ووقف التهديدات.
اتق شر الحليم إذا غضب، ووصل الغضب ذروته من دولة من «رديف التاريخ»، تريد أن تعيد أمجادها وإمبراطوريتها، التى أذاقت دول وشعوب العالم كئوس الدم والتآمر.. وعاد رئيسها المخبول يحمل سيفا خشبيا ويرتدى ملابس المهرجين.
اتق شر الحليم إذا غضب، والغضب بلغ ذروته.