فى الصميم

تحرك مصر.. والمسئولية العربية

جـلال عـارف
جـلال عـارف

تضع مصر اليوم أمام وزراء الخارجية العرب الصورة الكاملة للموقف من الأزمة الليبية ومن السد الأثيوبى. التحرك المصرى لا يأتى فقط من منظور وطنى يدافع عن أمن مصر واستقرارها ومصالحها الحيوية، ولكنه ينطلق أيضا من بعد قومى لايستطيع أن يغفل المخاطر التى تحيط بالوطن العربى والتحديات التى تواجهه، ولايمكن مطلقا أن يتجاهل أن استهداف مصر هو استهداف الوطن العربى كله، وأن استعادة مصر لدورها هو ضمانة لأمن واستقرار الأمة العربية التى تتعرض من سنوات لأفدح المخاطر.
مايحدث فى ليبيا الشقيقة ليس منقطعاً عما يحدث فى أنحاء الوطن العربى. ماترتكبه تركيا من جرائم بحق الشعب الليبى لاينفصل عن تحركها العدوانى فى سوريا والعراق ومحاولتها التمدد فى ارجاء الوطن العربى بالتدخل فى اليمن والتواجد العسكرى فى قطر والصومال وماكانت تخطط له فى السودان قبل الثورة.
لقد آن الأوان لايقاف هذه العربدة العثمانية على الأرض العربية، إعلان مصر لموقفها الحازم والحاسم بجانب شعب ليبيا وجيشها الوطنى ضد عصابات الإرهاب المدعومة بالتواجد العسكرى التركى يترجم الحق فى الدفاع الشرعى عن أمن مصر، ويمثل ـ فى نفس الوقت ـ نقطة انطلاق لموقف عربى يوقف العدوان الخارجى وينهى استباحة الأرض العربية.. فماذا ستفعل الدول العربية فى موقف لم يعد يتحمل الهروب من المسئولية؟!
وفى ملف السد الأثيوبى.. كان لابد لمصر أن تضع الصورة كاملة أمام الأشقاء العرب وهى تخوض - بكل صبر وحكمة- معركة الحياة حول مياه النيل. سيجد الاشقاء العرب أن مصر قدمت كل ما يمكن من مرونة وتفهم لاحتياجات أثيوبيا، وأنها تحملت على مدى عقد كامل من السنين مراوغة أثيوبيا وتعنتها، وأنها مازالت -حتى الآن تتمسك بالحل التفاوضى الذى يضمن حقوق كل الأطراف ويتفق مع المواثيق الدولية، ويضمن الحقوق التاريخية والمشروعة لدولتى المصب «مصر والسودان» ويمنع البدء فى ملء خزان السد قبل التوصل إلى اتفاق ملزم وعادل بين الأطراف الثلاثة.
تتحرك مصر فى إطار الشرعية الدولية، وتعطى للحلول السلمية كل الفرص. لكنها لا تتهاون فى حقوقها ولا تسمح بتهديد أمنها الذى لا ينفصل عن الأمن العربى الشامل.
من موقع المسئولية تضع مصر صورة الموقف أمام أعضاء الجامعة العربية. ومن موقع المسئولية يبقى الأمل فى أن تكون المواقف على قدر المخاطر التى تواجهها الأمة.