قضية ورأى

خواطر حول سد النهضة

م. فرج حمودة
م. فرج حمودة

من معايشتى اليومية للإثيوبيين بمستوياتهم المختلفة طيلة تسع سنوات قضيتها فى أديس أبابا منتسبا للاتحاد الأفريقى بروتوكوليا بدرجة وزير، وزرت شمالها وجنوبها وشرقها وغربها وكنت أشترى احتياجات منزلى كاملة بنفسى وبالتالى كنت محتكا بكل الطبقات، وجدت أن الشعب الإثيوبى البسيط يحب مصر جدا ولا تكاد تجد واحدا منهم لا يتمنى فى حياته إلا أن يزور مصر، ولكن ميليس زيناوى رئيس وزراء أثيوبيا السابق والحزب الحاكم وإعلامه ورجاله من بعده صوروا لهم أن مصر بنت حضارتها من نيلهم وهم أحق بماء النيل ليبنوا حضارتهم ويكاد يكون حشده للرأى الشعبى يصل لحشد ناصر للمصريين لبناء السد العالى، وللحق هم شعب نشيط ذكى لماح ويفهم فى ذات الوقت حقيقة ألعاب الأحزاب وأكاد أؤكد أنه يمقتها جميعا وخاصة الحزب الحاكم بحكم قبليتهم وإثنياتهم.
وأذكر أن وزير الصناعة الإثيوبى فى حكومة ديسالين قال لى فى حفل فى السفارة المصرية فى معرض حديث عن العلاقات مع مصر إن إثيوبيا ستحتاج لمصر فى شراء أو تسويق نصف إنتاج كهرباء سد النهضة حين تربط مع أوروبا واستطرد أن كل جيران إثيوبيا وحتى إثيوبيا نفسها لن يستهلكوا نصف الإنتاج وأن هذا وارد واعتمدت عليه دراسة جدوى السد من قبل إنشائه وخاصة أن إثيوبيا ظهرت فيها طاقة باطن الأرض بمستوى واعد وهو ما يحدث حاليا.
وأما عن اتفاقية واشنطن فتصورى الشخصى أنه قد تم بحث كل النواحى الفنية وتوصلنا لحلول ترضى الطرفين ولا أعلم ما اتفق عليه بخصوص المشاركة فى التشغيل الفعلى لكنى أتصور أن الهروب الكبير من التوقيع كان بسبب رعبهم من تحديد وسيلة أو طريقة فض ما نختلف عليه مستقبلا فهم خلال كل المفاوضات كانوا عبارة عن طائر فى سماء مفتوحة لا تحده قوانين دولية ولا أمم متحدة ولا محكمة عدل ولا اتحاد أفريقى فى حضنهم وهذه الاتفاقية تجبره أن يمشى على أرض الواقع ويلتزم، وأنا واحد من الناس كنت أحسد الرئيس السيسى على صبره الشديد، فلم يضجر بل ومازح أبى أحمد أمام عدسات العالم.
وأمس الأول وبعد أن أعلن وزير الرى المصرى أن المفاوضات لم تحقق تقدماً بسبب تعنت أثيوبيا.. عبث شيطانى الجميل برأسى يوسوس لى قائلا: إنه ربما تريد إثيوبيا أن تصل بمصر أن تدمر السد لعلمها أن هناك خطأ جسيما فيه ربما لتسرعهم فى توسعة تخزينه أو تصميماته أو تنفيذه، وهو ما يعطى الحزب الحاكم الظهور بدم الشهيد أمام شعبه، وبمظهر المغلوب كرها أمام من مولوا بناء السد بعد تأكدهم أن مصر فعلا لن تتركهم يعبثون بمصير نهرها وخاصة بعد تأكيد الرئيس السيسى قولته المشهورة ( القوى محدش يقدر ياخد لقمته).
والله ليست مجاملة ولا شبهة (تطبيل) حين أقول: إثيوبيا الآن فى مأزق، برافو سيسي، برافو فريق التفاوض، وأحسدكم على صبركم.
> مهندس استشارى