إنها مصر

ليبيا وإعلان القاهرة

كرم جبر
كرم جبر

الحل العسكرى أصبح مستحيلاً، وإراقة الدماء عنوان الأزمة، والتدخلات الأجنبية مزقت ما تبقى من ليبيا، وانطلق «إعلان القاهرة» الذى أعلنه الرئيس السيسى أمس من أهداف مهمة هى وقف إطلاق النار ابتداء من الاثنين - غداً - وبدء مرحلة جديدة ليعود الأمن والهدوء والاستقرار إلى الشقيقة ليبيا.
المبادرة المصرية التى أعلنها الرئيس جاءت بعد مباحثات مطولة، شارك فيها المستشار عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي، والمشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية، وسط تأكيدات بأن استقرار ليبيا يدعم استقرار مصر.
الرئيس السيسى كان حريصاً على أن تقود المبادرة إلى حالة جديدة من الحوار والتفاهم بين كل الأطراف الليبية، وتمهيد الطريق إلى تسوية سياسية تحفظ أمن ليبيا وسلامة شعبها ووحدة أراضيها، ووضع حد للتدخلات الأجنبية السافرة التى تستنزف ثرواتها.
لن يخيم الاستقرار على ليبيا، إلا إذا سلمت الميليشيات والجماعات الإرهابية أسلحتها، وتمكين الجيش الليبى من تولى مسئولياته فى حفظ الأمن والاستقرار، جيش وطنى واحد يحمى الدولة ويصون ثرواتها، ويقضى على الميليشيات المسلحة التى تنشر الفوضى والقتل.
حل الأزمة الليبية يكون أيضاً بمشاركة كل الأطراف التى يهمها الشأن الليبى فى مباحثات السلام فى جنيف، والانطلاق نحو توحيد المؤسسات الليبية من خلال مبادرات متكاملة والتوزيع العادل للثروة والحفاظ عليها، وعدم السماح للميليشيات المسلحة بالاستيلاء عليها.
ليبيا فى قلب مصر، فهى الجار والشقيق ويرتبط الشعبان بعلاقات متينة منذ آلاف السنين، ولم تكن فى يوم من الأيام تشكل التهديد الحالي، الذى ترتب على التدخل التركى بجيش كبير، حدد حفتر عدده بنحو عشرة آلاف.
ليس أمام الجيش الليبى - كما قال حفتر - سوى استعادة سيادة الدولة الليبية، لأن التدخل الأجنبى يعزز الاستقطاب فى ظل حكومة الوفاق غير الدستورية، التى تتحايل لإفشال الحلول السياسية وفتحت الأراضى الليبية لتركيا، لتنقل إليها الإرهابيين من كل مكان والأسلحة والعتاد.
تركيا - يقول حفتر - استباحت ليبيا لتهديد مصر، وترعى العناصر الإرهابية، وتُفشل كل محاولات إخراج ليبيا من الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية، وتشجع حكومة الوفاق على أن تضرب بكل الاتفاقات عرض الحائط.
اللقاء الذى تم أمس فى الاتحادية بحضور عدد كبير من سفراء الدول العربية والأجنبية، صاحبه تفاؤل كبير بأن يتم إسكات الأسلحة ويبدأ حوار السلام، فى ظل تأكيدات رئيس مجلس النواب الليبي، بأن جيش بلاده يؤدى مهمته الدستورية فى تطهير البلاد من الجماعات والميليشيات المسلحة.
كل الأطراف على المحك، ومصلحة الشعب الليبى هى وقف إطلاق النار غداً الاثنين، واللجوء إلى التسوية السياسية، حتى يعود الوطن الليبى إلى الهدوء والأمن، وينعم شعبه بالحياة، بعد أن مزقته الصراعات الدامية، وحروب الميليشيات.