منافس للصحافة الورقية أم مروًج لها..الـ"بي دي أف " المجاني في ميزان رؤساء تحرير الصحف القومية

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

أسابيع قليلة مرت على قرار الهيئة الوطنية للصحافة في 28 مارس الماضي إتاحة نسخة "بي دي إف PDF" مجانية من جميع الإصدارات الورقية للصحف القومية عبر البوابات الإلكترونية للمؤسسات في تمام الساعة السادسة مساء للإصدار اليومي، وبعد 48 ساعة من صدور الإصدار الأسبوعي.

ولأسباب مختلفة، تأثر التوزيع في بعض المناطق بسبب مواعيد حظر التجوال، وتراجع حركة المواطنين بالشارع مع التزامهم العزل المنزلي ، كما ظهر تخوف من نقل الإصدارات للعدوى، وعززه قيام بعض الدول العربية بوقف طباعة الصحف، ومع ذلك حاولت صحف مثل "الأخبار" و"أخبار اليوم" الإبقاء على توزيعها بتخصيص خط ساخن باسم "حالا" لتوصيل الصحف للمنازل.

ورغم ارتباط إصدار الصحف عبر نسق "pdf" عالميا بتعزيز تسويقها جذبا لمعلنين جدد، أو بتوقف الإصدار الورقي ومن ثم توفرها باشتراك، إلا أن بعض الصحف في مصر أتاحته مجانا وبعضها الآخر- غالبا من الصحف الخاصة- وفرته مقابل اشتراك. 

واستطلعت وكالة أنباء الشرق الأوسط آراء قيادات الصحف القومية في مدى تجاوب القراء مع التجربة الجديدة، وما إذا كانت بمثابة طوق الإنقاذ لصناعة تعاني المشكلات أم أنها ستضر بالتوزيع المتراجع. 

يصف علاء ثابت رئيس تحرير "الأهرام" إتاحة نسخة "pdf" بالمفيد لقراء الصحف القومية في ظل انتشار فيروس "كورونا"، وما ترتب عليه من مواعيد حظر التجوال، وإتاحة ساعات قليلة لعمال التوزيع.

ولفت إلى أن إصدار الأهرام بصيغة "pdf" عوض توقف الموقع الإليكتروني للأهرام الذي كان يحقق حوالي 650 ألف زيارة يوميا من مختلف دول العالم، لاحتوائه كل ما ينشر على صفحات الجريدة مما وضعها بالمرتبة الأولى في الشرق الأوسط.

وأضاف "قدمنا الإصدار مجانا دعما للناس وسط هذه الأزمة، بالتوازي من مبادرات أخرى مثل مبادرة وزارة الثقافة لتقديم عدد من الحفلات "أونلاين"، ولكن بعد انتهاء الأزمة ننتظر أن يصبح ذلك مقابل اشتراك لتحقيق عوائد مهمة جدا للمؤسسات التي تعتمد على التوزيع في تحقيق ربح.

ومن جهته، يرى خالد ميري رئيس تحرير صحيفة "الأخبار" أن إتاحة نسخة من الجريدة بنسق "pdf" لا يعد منافسا للتوزيع التقليدي، لأن طرح هذه النسخ يتم في السادسة مساء حين يكون موعد التوزيع قد انتهى، ولذا فهي تمكن من لم يستطيعوا شراء الجريدة من الحصول على الإصدار ولو في وقت متأخر. 

وأعرب ميري عن اعتقاده أن وجود الصحيفة بصيغة "pdf" قد يجذب مزيدا من القراء للانضمام لسوق قراء الصحيفة في شكلها التقليدي إذا ما اقتنعوا بالمنتج والمادة التي تقدم. 

ومن ناحيته، عزا عبد الرازق توفيق رئيس تحرير جريدة الجمهورية، استمرار توزيع الإصدار الورقي بنفس القوة رغم إتاحته إليكترونيا بشكل مجاني، إلى بعض عناصر الجذب غير المتاحة إليكترونيا مثل الملحق التعليمي الموجه بشكل رئيسي لطلاب الثانوية العامة.

ورأى توفيق أن أزمات مثل "عاصفة الأمطار" و"فيروس كورونا" أسقطت من أرادوا التحريض ونشر الأكاذيب عبر "دولة السوشال ميديا"، بحسب تعبيره، لتظل الريادة والمصداقية للإعلام الوطني الذي التف حوله الناس، مما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الإشادة بالإعلام ودوره الرائع فى التوعية بمخاطر أزمة فيروس كورونا، وذلك خلال لقائه مع عدد من السيدات المصريات في 22 مارس الماضي.

أما محمد شبانة رئيس تحرير مجلة الأهرام الرياضي، فيرى أن فكرة إصدارات الصحف القومية مجانا بنسق "pdf" خلال هذه الفترة جاء نتيجة ظروف خاصة، فالقارئ لم يعد يتمتع برفاهية شراء الجريدة أو المجلة، لذا أتاحتها الهيئة الوطنية للصحافة مجانا، لكنه نوه بأنه من المستحيل تطبيق هذه الفكرة طوال الوقت ولابد أن تصبح بمقابل بعد تخطي فترة الوباء. 

وأشار إلى أن العالم كله يتجه إلى إتاحة نسخ المطبوعات بصيغة "pdf" بمقابل، الأمر الذي سيكون معتادا للقارئ في المستقبل، لتصدر تشريعات تقنن تداولها وتحظره بشكل غير شرعي عبر "واتس أب" أو غيره من الوسائل. 

ورأى شبانة أن تأثير الصحافة الورقية بالغ القوة ما أجادت، قائلا "أصدرنا أعدادا من مجلة الأهرام الرياضي بأغلفة أثارت حديث وسائل إعلام عالمية.. وهذا هو تأثير الصحافة الورقية، فهي قادرة على جذب اهتمام جميع وسائل الإعلام الأخرى". 

وتابع أنه كان قد قرر وقف الموقع الإلكتروني لمجلة "الأهرام الرياضي" بعد توليه رئاسة التحرير في يونيو ٢٠١٧، قائلا "أردت إثبات قوة الصحافة الورقية، فقمت بإضافة مكونات نجاح الصحافة الإليكترونية إلى المجلة، وحولتها إلى موقع ورقي غني بالصور والجرافيكس مع قليل من الكتابة، ورغم اشتغالي بكل الألوان الصحفية فأنا مقتنع بأن الصحافة الورقية هي الأكثر تأثيرا." 

بدوره، قال محمد أمين رئيس تحرير مجلة "أكتوبر" إن تجربة نشر نسخة مجانية بصيغة "pdf" يرجع إلى يوليو 2017 بغرض التسويق للإصدار الورقي، إلا أنها كانت تصبح متاحة إليكترونيا بعد فترة من التوزيع.

وأشار إلى أنه في بداية تطبيق العزل المنزلي تأثر توزيع المجلة مثل غيرها من المطبوعات بسبب تراجع حركة الناس بنحو ثلاثة ملايين مواطن، قائلا "ما يهمنا هو الوصول للقارئ بمادتنا التحريرية سواء من خلال الـ "pdf" أو موقع الإصدار وفيديوهات العرض للمادة الموجودة به"، مؤكدا أن للإصدار الإليكتروني للمجلة جودة عالية ويسمح بالقراءة بأريحية شديدة، وهو ميزة للمعلن لأنه يصل لمزيد من القراء.