محمد مهنا: توبوا وأكثروا من الدعاء والتزموا بتعليمات الوقاية

محمد مهنا
محمد مهنا

تحدث الدكتور محمد مهنا، الأستاذ بجامعة الأزهر، ورئيس مجلس أمناء أكاديمية أهل الصُّفَّة لدراسات التصوف وعلوم التراث، عما يجب على المسلم فعله خلال الفترة الحالية بعد انتشار فيروس كورونا.

وبدأ كلامه بقوله سبحانه وتعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}، قائلا انطلاقًا من قول الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}، وقوله تعالى: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا}، وما رُوِي عن العباس بن عبدالمطلب عمّ النبي- صلي الله عليه وسلم- قوله: «اللهمَّ إنه لم ينزل بلاءٌ إلا بذنبٍ، ولم يُكشفْ إلا بتوبةٍ»، ينبغي على الناس، ما يرتبط بقسمين:

القسم الأول: من حيث الحكمة والأسباب

أولًا: حسيًا:

1- علينا جميعًا أن نلتزم التزامًا تامًا بأسباب الوقاية المعلنة من جهة الدولة والمؤسسات المعنية.

2- نشر هذه التعليمات على أقصى مستوى وبكافة الوسائل الممكنة حرصًا على أنفسنا وعلى الآخرين.

3- معرفة أن الناس في هذا الوقت ينقسمون إلى فريقين، فريق مستهتر بهذا الوباء إلى حد السخرية، ولا يُبالي بأي أسباب الوقاية مما يؤدي في النهاية إلى هلاك نفسه أو غيره، وفريق آخر خائف مذعور يَبُث في الناس الهلع والرعب حتى يصل بنفسه والآخرين إلى حد اليأس واستحالة النجاة، وما علينا نحن إلا أن نلتزم بظاهر الحكمة والأخذ بالأسباب مع تمام الاطمئنان والرضا و الاستقرار النفسي والقلبي لمُسبِبِ الأسباب سبحانه وتعالى.

ثانيًا: معنويًا:

وواجبنا فيه ما يلي:

1- التوبة إلى الله تعالى وكثرة الاستغفار من جميع الذنوب الظاهرة والباطنة.

2- الالتزام بالفرائض والنوافل في أوقاتها المحددة.

3- القنوت والدعاء في الركعة الأخيرة من جميع الصلوات، أن يكشف الله عن البلاد والعباد هذا الوباء، وهو أمر مشروع عند النوازل.

4- الإكثار من ذكر الله تعالى وقراءة القرآن الكريم، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والتضرع إلى الله بقراءة الأذكار والأوراد الواردة في كتب السنة، والمأثورة عن الصالحين.

5- يُفضل الالتزام اليومي بقراءة ورد دلائل الخيرات وكان شيخنا الإمام الرائد- رضي الله عنه- يقول «دلائل الخيرات كلها خيرات».

6- أن نُكثر جميعًا من هذا الدعاء والتوسل «اللَّهمَّ إنِّا نسألُكَ ونتوجَّهُ إليكَ بنبيِّكَ سيدنا محمدٍ- صَلَّى اللَّهُ عليْهِ وعلى آلهِ وسلَّمَ- نبيِّ الرحمةِ، يا سيدي يا رسول الله إنِّا نتوجَّهُ بكَ إلى ربِّنا  في كشف هذا الضر عنا، اللهم فشفعه فينا».

القسم الثانى: من حيث القدرة والإيمان بالغيب:

- من الناس من أفرط  في تفسير مثل هذه النوازل والفتن والأوبئة وأسقطها على قيام الساعة وربما تجاوز وحدد شهورًا أو أيامًا، والله تعالى يقول في كتابه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً}، ويقول أيضًا جل وعلا: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}.

أي: لا تقطع بيقين فيما غاب عنك علمه، فالانشغال بالغيب عن واجب الوقت والخوض في أحكام القدرة مذموم، فالقدرة بحر ذاخرٌ ليس له أول ولا آخر، يرفع ويخفض، يُعِز ويٌذِل، يُعطي ويَمنع، لا يُسألُ عمَّا يَفعلُ وهم يُسألون، وكما قال الإمام جعفر الصادق- رضي الله عنه: «إن الله أراد بنا أشياء وأراد منا أشياء، فما أراده بنا أخفاه عنا، وما أراده منا بَينه لنا، فما بالنا ننشغل بما أراده بنا عما أراده منا».

وأنهى كلامه بالدعاء: «حفظنا الله وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وحفظ البلاد والعباد من كل مكروه وسوء وختم لنا بخاتمة السعادة أجمعين».