بدون أقنعة

نعمة الصحة

مؤمن خليفة
مؤمن خليفة

عندما نقول إن الصحة تاج فوق رءوس الأصحاء فإننا نعترف بنعمة من نعم الله على عباده ونقرها بوضوح لأننا عندما نفتقد هذه النعمة يصيبنا الهم والغم ونشعر بأن الحياة توقفت بالنسبة لنا.. ونبدأ فى فهم إشارات تمر أمامنا ولا تثير انتباهنا.. ونعى وقتها قيمة ما يعطيه المولى سبحانه وتعالى لعباده من نعم كثيرة توفر لهم سبل الحياة الكريمة.. كثير من البشر لا يدركون أن نعمة الصحة هى أهم كثيرا جدا من المال والأولاد.. وأنهم بدونها لا قيمة لهم لأن المرض يذل صاحبه لأنه غير قادر على كسب قوت يومه ولو لنفسه فقط فما بالك إذا كان عنده أطفال صغار وزوجة يعتمدون عليه فى معيشتهم؟ فى صلاة الجمعة الماضية.. ولأول مرة فى حياتى صليت جالسا على كرسى لأننى لم أستطع الوقوف وخذلتنى قدمى اليسرى تماما.. قبل فترة هاجمتنى آلام فى قدمى اليسرى وأهملت نفسى وسعيت إلى المراهم أداوى بها نفسى حتى وصلت إلى مرحلة حرجة بفعل الإهمال الشديد وبحجج واهية لا تتفق مع فداحة المرض.. وسألت نفسى: لماذا لم أحافظ على نعمة الصحة باللجوء إلى الطبيب عسى أن يخفف عنى آلامى وأن يصف لى العلاج المناسب؟ وتذكرت أن كثيرا منا مصابون بداء الإهمال ولا يتحركون الا عندما يصبح الأمر مستحيلا.. لا تهملوا صحتكم وحافظوا عليها فبدونها تتوقف عجلة الحياة.
تذكرت ذلك الرجل المسكين الذى يعمل فى طائفة المعمار والذى يتجاوز عمره الخمسين عاما بقليل وقد أثر عليه المرض من عوامل الشتاء القارس ولهيب شمس الصيف.. كان يجاهد من أجل أن يوفر لقمة العيش لأسرته فى احدى محافظات الصعيد وتزويج ابنته الشابة.. كان يحمل شيكارة من الرمل وخانته قدماه فوقع على الأرض.. ورغم أن الجميع سارع لتطييب خاطره الا أنه بكى بشدة على حاله وقال لى: لقد حانت النهاية.. هو لم يكن يقصد الموت لكنه كان يتكلم عن أسرته التى ستعانى من شظف الحياة وقلة الدخل أو انعدامه بعده.. وهناك هذا الشاب الذى سقط من فوق سقالة من دور مرتفع ومكث فى المستشفى شهورا طويلة وخرج ليعود للعمل فى كار المبانى يحمل الرمل والزلط.. ليس هناك وسيلة أخرى ليطعم أهله وأسرته الصغيرة.. يقول: المضطر يركب الصعب فليس لى وسيلة أخرى للإنفاق على أسرتى.
الإنسان يحتاج إلى الاهتمام بصحته فلا يملك سواها لكى يعيش ولا يغنى عنها أن تمتلك المال أو النفوذ فلا متعة فى الدنيا وأنت معتل الصحة ولا طعم للحياة إذا أصابك المرض.. نعم هو ابتلاء من الله وعلينا أن نرضى بقضائه والا نكفر بما آتانا وفى نفس الوقت أمرنا ربنا أن نحافظ على نعمته وألا نهملها وأن نسعى إلى العلاج والله هو الشافى. حينما لا تستطيع أن تنهض من مكانك وأن تقف على قدميك فإنك تشعر بالضعف والذل. اللهم اشف كل مريض.