تساؤلات

علاقــات عامـــة

أحمد عباس
أحمد عباس

> ومن خدع العلاقات العامة، وأكاذيبها، ورذائلها.. مثلا، أن تستيقظ نهارا ذات يوم فتجد فيروسا مدمرا، يضرب العالم طولا وعرضا، يشيع القلق، ويفرض الترقب. أن تجد تلاحقا غير منطقيا للأحداث، رحلات طيران تُلغى، وبعثات ديبلوماسية تغادر، وسفارات تعلق العمل، ومجالات جوية تُغلق، ودراسة تتوقف، ومدن كاملة تُصاب بالشلل، وغالبًا هى مدن صغيرة، يتم إختيارها لتكون "لوكيشن" لتصوير الفيلم، وتذاع لقطات فيديو مستمرة لشوارع خالية لبؤرة بعينها. طبيعى أيضاً أن تنشط مبيعات، وتختفى أخرى، وأن تظهر تراشقات سياسية، واتهامات بالإضرار العمدى من بلد ما لبلد آخر. فى زمرة الأحداث لامانع من إشاعة بعض من الفوضى المحسوبة، بسيناريو واضح، و"سكريبت" يُنفذ بدقة دون خروج عنه، أو تجويد وإضافة. ولا مانع اذن من اعلان أرقام ما، منها مثلا عدد ضحايا للڤيروس القاتل، وتصوير مصابين فى أماكن متفرقة، آه.. ربما تجد أيضًا مستشفيات تُبنى فى أيام معدودات، وإلى آخره من الأحداث.. والواقع أننى "بطلت أصدق"، فأى وباء هذا الذى يتم الإعلان عنه فجأة ثم تظهر ضحاياه، أفهم جيدًا أن نجد ضحايا أولا، وثانيا، ثم وثالثا، بعدها نبدأ البحث والتطوير، ووصف الأعراض، والتوصل لتوصيف إن كان فيروس أو غيره، ثم نطلق عليه اسما مُشتقا اما من مرض أصلي، أو مكتشف المرض نفسه، وهكذا تُدار الأمور، أما أن تحدث الأشياء جميعها فجأة، فذلك غير منطقى إطلاقًا ولما سئلت عن هذه الجائحة الخطيرة منذ أسبوع مضى قولت: " دى حملة علاقات عامة، اطمئنوا.. مفيش حاجة، الصين بتبيع دواء جديد"!
> ومن ذكاء العلاقات العامة أيضًا، تكون مستمعًا جيدًا، تنصت أكثر، تصمت تمامًا مهما سمعت من مغالطات، أو مخالطات تمزج الواقع باللا منطقي. أن تستطيع اقتناص الفرص، وأن تكون مُباغتًا، فلا أحد يتوقعك، ولا يتمكن منك.. أما تلك "المناظرة" كما أميل لتسميتها، والتى دارت بين فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، ود. الخشت رئيس جامعة القاهرة، فلست أراها معركة فى حلبة كما تناولها الجميع، أليس ذلك ما ننادى به من رغبتنا فى الحوار، وضرورة إثراءه، إذن ماذا أصابنا عندما تحقق منه جزء بسيطً.. والحق أن د. أحمد الطيب كان صبورًا، وبلغة العلاقات العامة، استطاع اقتناص فرصته، واستغلها بأفضل ما يكون، ولا أعلم إن كان مُدربًا على مثل تلك المهارات، أو يمارسها بفطرته الجنوبية الذكية، لكن فى كلتا الحالتين أنا فخور بالنتيجة. ورأيى أن الإمام الأكبر كان مدركًا إلى من يتحدث، وأين، وطبيعة الحضور، وشكل الحدث الدولي، بل وأيضًا ربما يعرف من يشاهد، وأجزم أنه خمن من سيشاهد - وهذه علاقات عامة صرف- وإقتنص فرصته ليذيع رسالة للأمة، مضمون وصولها، ويدفعنا للبحث والتفكير عن "ما وراء الأكمة" كما وصفها فضيلته، وبالمناسبة.. لو أن مواطن عادى تمامًا يشبهنى أنا وملايين غيري، دفعته هذه المناظرة للبحث عن كلمة واحدة فقط، فوالله، والله، الكل كسبان، وبعد أن شاهدت الفيديو كاملا بلا اجتزاء، بحثت عن هذه الكلمة التى عبرت فى سياق اللقاء "الأكمة"، والأكمة هى التلة العالية التى تخفى ما يجيء وراءها.. ووالله أنا أحبك فى الله يا فضيلة الإمام.
> أخيرًا، إلى الفنانة الأنيقة رجاء الجداوى.. بلاش تتكلمى فى تجديد الخطاب الدينى يا مدام رجاء.