خواطر

حــول صفقـــة القــرن الترامبيـة الفلسطينيون أصحاب الرأى الأخير

جلال دويدار
جلال دويدار

 أخيرا أعلن الرئيس الأمريكى ترامب عما يسمى بصفقة القرن المريبة بزعم إقرار السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ليس من توصيف لهذه الصفقة سوى أنها تكريس لإستراتيجية الصهيونية العالمية باغتيال وتصفية القضية الفلسطينية لصالح الدولة الإسرائيلية.
 ليس أدل على ذلك سوى أن البلطجى نتنياهو العدو الأول للسلام هو الذى خطط وأعد هذه الصفقة التمثيلية المشبوهة. فى هذا الإطار حرص ترامب أن ينفرد نتنياهو بالتواجد على مسرح إعلانها.
 كل الدلائل تؤكد أن هذا الترامب يستهدف من وراء ارتكاب جريمة هذه الصفقة التغطية على إجراءات محاكمته أمام الكونجرس. يضاف إلى ذلك العمل على استجداء الصوت اليهودى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية التى ستجرى العام القادم. إن لدى ترامب أملا أن يساعده فى مواجهة مشاكله ما تم تقديمه لإسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية. ما أقدم عليه ترامب يتعارض ويتناقض مع العدالة والشرعية والمواثيق الدولية والقيم والمبادئ الأخلاقية.
 بنود صفقة ترامب تستهدف تقطيع أوصال الدولة الفلسطينية المستقبلية وفق مشروع حل الدولتين. إن ما يؤكد سوء نيته تعمده بداية الإعلان بغير وجه حق.. عن إعطاء القدس العربية لإسرائيل ونقل سفارته إليها.
 هذا الذى حدث ويحدث يذكرنا ببعد نظر سابق عصره الزعيم الراحل أنور السادات بطل الحرب والسلام (رحمه الله). إنها تمثلت فى انتصاره فى حرب أكتوبر المجيدة وهو الأمر الذى مهد لانعقاد مؤتمر مينا هاوس أوبروى الهرم للسلام فى ديسمبر ١٩٧٧.
 الدعوة لهذا المؤتمر وبإصرار من السادات شملت دعوة الفلسطينيين والسوريين لحضوره. تم ذلك على أساس استعادة أراضيهما المحتلة. إن مقاطعتهما للمؤتمر أدت إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلى بينما استطاع السادات وعلى ضوء انتصار أكتوبر أن يستعيد كل أراضينا المحتلة. هنا لابد من الإشارة أنه بالنسبة للقضية الفلسطينية فإن الذى كان معروضا وفقا لجهود السادات أضعاف أضعاف الذى جرى عرضه على مدى ٣٢ عاما منذ مؤتمر مينا هاوس وحتى جريمة صفقة القرن.
من جانب آخر فقد ساهم فى تصاعد هذه النكسة الفلسطينية شرذمة وفرقة وصراعات العرب والمسلمين. هذه المصيبة التى يعيشها العرب والمسلمون تعيدنا إلى قول المولى عز وجل فى كتابه المبين: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا). صدق الله العظيم.
 من المؤكد أن ما يتعرض له العرب والمسلمون هو نتيجة لحالتهم المزرية. إنهم واستنادا لما يملكون من إمكانات هائلة ما كان يمكن أن يتم الاستخفاف بحقوقهم بهذه الصورة المخزية. لا يخفى على أحد أن جوانب أساسية من المشكلة الفلسطينية تمس مصالح روحية إسلامية ولكن الفلسطينيين وباعتبارهم أصحاب الأرض هم المحور الأساسى للتوصل إلى حل القضية برمتها. إن تفعيل أى تحرك فاعل من جانبهم مرهون بالتخلى عن فرقتهم وصراعاتهم والعمل على تحقيق وحدتهم وتكاتفهم. عليهم أن يدركوا أن تمزقهم وشرذمتهم كانا أكبر عامل فى ضياع حقوقهم.