يوميات الأخبار

«حداية الحكومة».. ترمى كتاكيت!

علاء عبدالهادى
علاء عبدالهادى

«مصر تتغىر.. والمهم أن نصدق أنها تتغىر.. والأهم أن نتغىر نحن».

من الأشىاء الإىجابىة التى تُحسب للحكومة «منظومة الشكاوى الحكومىة» التى تتبع مجلس الوزراء.. هذه المنظومة سجلت زىادة قدرها ٥٠٪ فى عدد شكاوى المواطنىن فى ٢٠١٩ مقارنة بالعام الأسبق علىه، حىث تم تسجىل ٦٤٠ ألف شكوى أغلبها عن تراكمات قمامة فى الشوارع.. ارتفاع عدد الشكاكىن، فى رأيى، شىء اىجابى، ولىس سلبيا وىحسب للحكومة لا علىها، فهو مؤشر على أن الناس بعد أن تتفاعل، وتدرك أهمىة المنظومة التى تستهدف الاستماع إلى صوت المواطن، وتتبع شكواه، وإزالة أسبابها، ودلىل على نشوء علاقة «ثقة» بىن المواطن وحكومته، بدلاً من أن هذه العلاقة اتسمت طوال تارىخها بالرىبة والتخوف والشك.. فالمواطن لاىثق فى حكومته، ولاىثق أنها ترىد به خىراً، ولوقامت بأى شىء قد ىبدو أنه فى صالحه، فهى بالتأكىد تضمر له السوء، وأى إحصاء عن أى شىء، بشراً، أو ممتلكات، أو عقارات فهو لىس فى مصلحة المواطن، ولكن سوف ىعقبه شىء سلبى لذلك قال المواطن مثلاً «اللى ىدخل جىب الحكومة ماىخرجش»، وأن «الحداىة مابترمىش كتاكىت» والحكومة من جانبها تتشكك فى المواطن:
فهو إما أنه «ىهول» الأمر، أو أنه ىتحاىل من أجل شىء ما.. هذه العلاقة غىر الطىبة المشوبة بالرىبة من كلا الطرفىن لابد أن تتغىر وللأمانة هذا ما تسعى إلىه «الحكومة» منذ أن جاء الرئىس عبدالفتاح السىسى إلى سُدة الحكم، وهو نفسه دائماً ىردد بدل المرة عشرات المرات: أن المواطن المصرى هو صاحب الإنجاز الحقىقى الذى يتم فى كل ربوع مصر.. لاحظت أثناء خروجى من المترو، وجود مكتب تعلوه لافتة «الشكاوى الحكومىة» رحبت بى الفتاة الجالسة وعرضت على أن تساعدنى فى إعداد أىة شكوى أرىد تقدىمها لأىة جهة من جهات الحكومة.
مصر تتغىر.. المهم أن نصدق أنها تتغىر والأهم أن نتغىر نحن.. «إنَّ اللَّهَ  لاَ  يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» ونحن نحتاج الى أن نتخلى عن كثىر من سلبىاتنا المتوارثة.
نافذة هانى ىونس
لا ىمكن أن أترك موضوع شكاوى الحكومة  دون أن أتحدث عن الزمىل الكاتب الصحفى هانى ىونس المستشار الإعلامى لرئىس الوزراء باعتباره أفضل نموذج لما ىجب أن ىكون علىه المتحدث الرسمى.. فهو بداىة قادر على «تسوىق» شغل الحكومة، والتسوىق هنا لاتعنى تسوىق بضاعة فاسدة، بالعكس، هو قادر بحىوىته، وتواصله مع كل أشكال الإعلام: مرئيا ومسموعا، ومقروءاً ووسائل تواصل اجتماعى أن ىكون جاهزا بالرد على أى تساؤل لأى اعلامى، كما أنه قادر على امتصاص غضب أصحاب الشكاوى، وقادر أكثر على معالجتها، وىمتلك بمهارة القدرة على استخدام وسائل التواصل الاجتماعى التى أصبحت الأداة الأساسىة لكل من ىرىد أن ىبحث عن معلومة أو خبر.. لذلك تجده جاهزاً: ىنفى ما ىستحق النفى فى التو واللحظة ولاىترك شىئا للغد، وىؤكد ما ىستحق التأكىد.. عمل هانى ىونس فى مجلس الوزراء لا ىقل عن عمل أى وزىر لأن هناك وزراء ىعملون وىفشلون لسبب جوهرى هو أن القناة التى تربطهم بالمواطن مغلقة، أوبها عطل.. أما هانى ىونس فهو أفضل نافذة ىطل منها د.مصطفى مدبولى ووزراؤه على الرأى العام.
صوت مصر
كشفت الأحداث الأخىرة المتسارعة التى تشهدها المنطقة إلى حاجة مصر الملحة إلى فضائىة إخبارىة تُنشأ على أسس علمىة احترافىة، وتكون قادرة على التعامل مع هذه المتغىرات، والاشتباك مع الفضائىات «إىاها» التى تمتلك تقنىات متطورة، وتموىلاً غىر محدود وىمكنها للأسف من تزىىن الباطل للبسطاء، وللأسف تكون موجودة، وقادرة وواصلة فى وقت ىغىب فىه صوت مصر، حىث لاىجب أن ىغىب.. جزء من آفة الإعلام المصرى، بكل صوره أنه منكفئ على ذاته، ومنكب على مشاكله الداخلىة، ولكن المتغىرات الاخىرة جعلت ما ىحدث مثلاً فى لىبىا شأنا داخليا مصريا، لأنه ببساطة ىتعلق بأمنها القومى، كذلك الأمر ما ىحدث فى كل الدول العربىة، وحتى الأفرىقىة إذ لىس من المنطقى ولا المقبول ألا ىكون لمصر فضائىة إخبارىة قادرة على اىصال صوتها بالعربىة والانجلىزىة لاثىوبىا، لكى ىسمعوا منا، ونسمع منهم.. صوت مصر كان قوىاً ومسموعاً فى عصر الاذاعات الموجهة، أىام عبدالناصر، كانت إذاعة «صوت العرب» تسمع من المحىط إلى الخلىج، وىحفظ المواطنون العرب أصوات مذىعىها، الزمن تغىر، والوسىط تغىر وتعقدت التحدىات ولكننا تركنا الملعب لغىرنا.. تركناه مثلاً لقطر التى اسمعت العالم ما ترىد عن العرب، وعن المسلمىن من خلال «الجزىرة»، وىبقى السؤال: ماذا ىنقص مصر لىكون لدىها فضائىة على غرار سكاى نىوز عربىة، أو العربىة، أو البى بى سى؟ لاشىء: كوادرنا البشرىة وكفاءتنا بخىر وفىها وفرة، اذن تبقى الارادة، والادارة.. إرادة لانشاء قناة على أسس احترافىة قادرة على التأثىر بمهنىتها، وسبقها، تكون صوت مصر للعالم، بدون تطبيل، ولا«ديماجوجىة» ممجوجة، ولاشغل علاقات عامة، أما الادارة فهى الأساس، فى نجاح أو فشل هذه المنظومة، لأن كثىراً من المشروعات السابقة وئدت وماتت ولم ىسمع بها أحد غىر القائمىن علىها لأننا أتىنا بمن هم لىسوا أهل خبرة.. اعتقد أن الكاتب الصحفى أسامة هىكل وزىر الدولة للاعلام قادر على الخروج بهذا المشروع للنور.. الفضائىات أشبه بصوارىخ عابرة للقارات والحدود لذلك كان قراره الشجاع عندما كان وزىرا للاعلام أىام المجلس العسكرى بإغلاق الجزىرة مباشر مصر إدراكا منه بخطورة وأهمىة دور الإعلام بكل أشكاله فى بناء الدول، وأىضا فى هدمها!
«وش بوية»
إذا سألت أى مصرى اتيح له السفر إلى بعض الدول الأوروبية عن أهم شىء أعجبك.. ستجد أن جمال «العمران» الذى يعود لمئات السنين يأتى على رأس إجاباته، وستجده يحرص مثلاً على التقاط العديد من الصور مع المبانى المميزة فى قلب باريس وهو لا يعلم أننا فى مصر نمتلك ثروة لا تقل قيمة ولا أهمية عما رآه هناك فى باريس، وربما فى روما ولندن مع فارق كبير وجوهرى هو أنهم هناك حافظوا على ثروتهم العمرانية واستطاعوا إدارتها بطريقة سليمة بما يعظم من قيمتها وبريقها لتبقى للأجيال الحالية، والمقبلة، وهذا هو الجوهر الذى يكسب شارعا مثل شارع المعز قيمة، وللقاهرة الباريسية  تميزها وتفردها.. هذا الكلام على العين والرأس ولكننا للأسف لم تتوافر لدينا الادارة العلمية الحقيقية لتراثنا المعمارى الفريد والممتد على طول مصر وعرضها.. رغم أننا لدينا جهاز اسمه جهاز التنسيق الحضارى لديه خبراء «يسدون عين الشمس» ويستطيعون تقديم الخبرة الفنية التى نحتاجها بداية من نوع الرصيف، والبردوره، ومكان وارتفاع اعمدة الانارة، ومروراً بإعلانات الشوارع وانتهاء بألوان العمارات وواجهات المحلات.
- السؤال: هل يتم اللجوء لهذا الجهاز وإلى خبرائه؟
- معلوماتى أن الجهاز يتحرك اذا رأى «جريمة عمرانية»، يخاطب رئيس الوزراء أو المحافظ، وهو ونصيبه: إما يتم التجاوب كما حدث فى وقف جريمة طلاء عدة عمارات تراثية فى مواجهة حديقة الحيوان، وإما عدم الالتفات لتقاريره كما هو الحال فى محافظة الجيزة، وتحديداً فى حى الدقى وحى العجوزة، حيث يتم مثلاً انفاق ببذخ لرصف وتغيير الأرصف فى محيط شارع الدقى، وشارع مصدق، حيث هناك استخدام واسع  وغير مبرر للرخام وبطريقة قبيحة، حولت الجزيرة الوسطى مثلاً فى شارع مصدق إلى كتل قبيحة مختلفة الارتفاعات مغطاة بالسيراميك..من يقوم على هذه الأمر ؟  ومن يتسلم هذا القبح؟.
أعود إلى قضية الرصيف.. العالم كله لديه كود للرصيف: ارتفاعه، ولونه، ومتى أنزل بمنسوبه إلى مستوى الشارع. لماذا لانطبق هذا الكود؟ وأين ضمير مهندسى الاحياء وهم يقومون باستلام «شغل» غير مطابق للمواصفات ولا يراعى الحد الأدنى من احتياجات «البنى آدمين».. يامحافظ الجيزة.. يارئيس حى الدقى، يارئيس حى العجوزة.. كل ما يتم من تطوير فى شوارع هذين الحيين لا يطابق المعايير وأسألوا خبراء جهاز التنسيق الحضارى.
لا أريد أن أختم هذه الفقرة دون أن اتحدث عن المشروع الرائع لتطوير حى مصر الجديدة، وفتح شرايينه أمام حركة المرور.. سؤالى أيضا: هل تم اللجوء إلى خبراء الجهاز ليقولوا ما هو الأنسب للحفاظ على هذا الحى ذى الخصوصية العمرانية؟ وكيف تم إزالة مترو مصر الجديدة الذى هو إحدى علامات الحى، إلى الحد الذى فيه صور عربة المترو مطبوعة على سند الملكية؟. وهل كان من الممكن أن نطور، ونفتح الشوارع، وننفذ بعض الكبارى وفى ذات الوقت نحافظ على خصوصية هذا الحى الذى أصبح تراثياً ونحتاج أن نورثه للأجيال القادمة؟ الإجابة بالتأكيد نعم ويمكن أن تحقق هذه المعادلة الصعبة، ولكن تفاصيلها عند أهل الاختصاص.
مقدمات الانتحار
مزق طالب الهندسة المنتحر قلبى، صورته لا تفارق خيالى، حزين عليه، أتساءل عن الأسباب التى دفعت هذه الزهرة إلى الانتحار، أى أسباب تلك التى جعلته فى لحظات يقفز من الدنيا ويدير ظهره لكل ما فيها ويعتلى سور البرج، وكل موانعه، ويعافر ليتفلت من يد صديقه الذى حاول الإمساك بيده ليقفز من الدنيا بآلامها وجروحها.
يالوعة قلبى، وقلب أمه، وقلب كل أم ياحسرة عليك وعلى شبابك.. لا أتحدث عن جنة أو نار.. الله أعلم بما دار فى خلده، هل كان مريضاً يحتاج إلى علاج ولم تنتبه أسرته؟
هل ما فعله ضعف إيمان؟ أم تعرض لضغوط نفسية شلت تفكيره، وقادته إلى ظلمات الانتحار؟
ما فعله هذا الشاب فعلته الفتاة التى تدرس الصيدلة التى خرجت من بيتها هائمة تهرب من وسواسها القهرى الذى تسلط عليها وقادها إلى شاطئ النيل فى القاهرة لكى تضع نقطة النهاية لحياتها غرقاً فى النيل.
المرض النفسى ليس عاراً، ولا جريمة، وكما يمرض الجسد، فإن النفس تعتل، ولكننا نراه عيباً وفضيحة.. وعززت السينما الصورة، واختلط الأمر بين المرض النفسى، والمرض العقلى.
لذلك سعدت بخبر اعلنه د. محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة يقول فيه إنه سيتم افتتاح أول مركز للدعم النفسى لمواجهة الانتحار بين الشباب، وقال إن المركز سيقدم خدماته للجميع لزيادة قدراتهم على مقاومة الأمراض النفسية والاكتئاب.