الأخت الكبيرة

خـــــــالــد مــــيرى
خـــــــالــد مــــيرى

ذكريات بطول وعرض ٢٥ سنة جمعتنى بالراحلة خديجة عفيفى، على المستوى الشخصى فقدت أمًا وأختًا وصديقة لا تعوض.. إيد حنينة وقلب كبير كان يسعنى فيخرجنى من ضيق الحياة إلى رحابة الرضا بالقضاء، كم واست فى الأحزان وكم سبقت ضحكتها ضحكتى فى الأفراح، طوال الأيام والشهور والسنوات تحولت إلى جزء لا ينفصل من نفسى.. حتى شاءت إرادة الله أن تسبقنى إلى دار البقاء.


على المستوى المهنى فقدت أخبار اليوم قيمة لا تعوض لمعانى الحب والانتماء والمهنية والإخلاص والعمل حتى النفس الأخير، رغم معاناتها الشديدة مع المرض اللعين فى سنواتها الأخيرة كانت تصر على أن تواصل العمل بمجرد خرًوجها من المستشفى، كانت حياتها وستظل درسًا للأجيال الجديدة.


خديجة عفيفى أكبر من أن تفيها الكلمات أيًا كانت حقها، القلم يبكى وهو يكتب رثاء فى من علمتنا قيمة الكلمة وأمانتها، كانت تسمو فوق الألم لتواصل عملها.. تحرص على أن تتحرى الصدق والأمانة فى كل حرف تكتبه، تؤمن أن الصحافة رسالة لنقل الحقيقة وحدها ومرآة لآلام الناس تخفف عنهم وتساعدهم، لم تتأخر يوما عن مساعدة محتاج ولم تكن تنتظر كلمة شكر أو مديح، آمنت أن مهنتها رسالة تستحق أن تبذل فى سبيلها كل جهد وكل نقطة عرق.


الأخت الكبيرة لكل من تعامل معها أو تعلم منها، لم تبخل يومًا بنصيحة أو مساعدة، دومًا كانت تشجع الشباب حتى يشتد عودهم ولم تتسامح أبدا مع أى تساهل فى قيم وتقاليد مهنتنا العريقة.


فى وداعك لا نقول إلا ما يرضى ربنا، إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اجعل مرضها وألمها فى ميزان حسناتها وارفع به درجاتها، اللهم اسكنها الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء، اللهم انر قبرها بعملها الصالح ويمِّن كتابها ويسِّر حسابها، اللهم ألهمنا الصبر على فراقها وألهمنا أن نسير على دربها.


الأخت الكبيرة لا نقول وداعًا فهو فراق إلى حين، رحمك الله ولا حرمنا أجرك ولا فتنا بعدك وغفر لنا ولك.