انتهاك للسيادة الليبية والأعراف الدولية| اتفاقية الخيانة.. دعم تركي لفصائل مسلحة

انتهاك للسيادة الليبية والأعراف الدولية| اتفاقية الخيانة.. دعم تركي لفصائل مسلحة
انتهاك للسيادة الليبية والأعراف الدولية| اتفاقية الخيانة.. دعم تركي لفصائل مسلحة

‎اتخذت كل دول شرقى المتوسط، وتحديداً مصر واليونان وقبرص وإيطاليا، وحتى إسرائيل، سلسلة من التدابير الأمنية والعسكرية استعداداً لما يمكن أن يُقدم عليه النظام التركى الحاكم فى ما يتعلق بالملف الليبي. فبعد أن أقر البرلمان التركي، (بأغلبية 325 نائبا موافقا مقابل 184 نائبا غير موافق)، نصى مذكرتى التفاهم المتعلقتين بترسيم الحدود البحرية، والدفاع والأمن، واللتين تم توقيعهما بين النظام التركى والميليشيات التابعة لحكومة الوفاق فى طرابلس، أصبحت كل الأطراف فى المنطقة وعلى رأسها طرابلس، فى انتظار على أحر من الجمر لما يمكن أن تقدمه تركيا فى هذه المرحلة لميليشيات حكومة السراج على المستوى العسكري، فى ظل تراجع مستمر لميليشيات السراج فى محاور جنوبى طرابلس المختلفة. فما هى الخيارات العسكرية المتاحة لدى أنقرة فى ليبيا؟


‎فحسب نص المادة الرابعة من مذكرة التفاهم الأمنية والعسكرية بين الحكومة التركية وميليشيات حكومة السراج، فإن بنود التعاون العسكرى بين الجانبين تتلخص فى إنشاء قوة انتشار سريع، تنضوى تحت قيادة رئاسة الأركان التابعة لميليشيات حكومة السراج. هذا النص فى مجمله لا يعنى أن هذه القوة ستكون مشتركة بين الجانبين، بل إن الدور التركى فى تشكيل هذه القوة، حسب ما جاء تالياً فى هذه المادة، هو الدعم التدريبى والتسليحى والتخطيطى والاستشارى، بجانب نقل الجانب التركى لخبراته التى اكتسبها من عملياته شمال سوريا، والتى من خلالها قام بتشكيل فصائل مسلحة عديدة من بقايا المجموعات الإرهابية والتكفيرية التى كانت تعمل فى المناطق الجنوبية والشرقية لسوريا. 


‎بقية بنود هذه المادة تتعلق بعمليات تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتدريب وتوفير المعلومات التقنية، وعمليات الدعم الفنى واللوجيتسي، والتأهيل والصيانة، سواء كانت الخاصة بالمبانى ومؤسسات التدريب، او الخاصة بالمعدات والآليات والمنظومات القتالية. بجانب ذكر هامشى لبنود أخرى ربما لا يكون لها فى المرحلة الحالية دور، مثل التعليم الأمنى والعسكري، والمناورات المشتركة، والتعاون فى مجال الصناعات الدفاعية، وعمليات حفظ السلام ومكافحة القرصنة، والمساعدة التركية فى إعادة تأهيل وبناء جهاز الشرطة التابعة لميليشيات السراج.


وبنظرة عامة لمواد هذه الاتفاقية، وتحديداً المادة الرابعة، سنصل الى خلاصة مفادها أنها فى وضعها الحالى لا تضع اى أسس قانونية أو منطقية لتواجد وحدات «قتالية» تركية على الأراضى الليبية، وهو عكس ما تروج له وسائل الإعلام التركية والقطرية والليبية الموالية لميليشيات السراج. خاصة وأنه على المستوى الدستوري، تحتاج الحكومة التركية الى تصويت جديد من جانب البرلمان فى حالة ما إذا أرادت الرد بالموافقة على إرسال قوات تركية الى ليبيا بناء على طلب ميليشيات السراج، وهذا الطلب لا يوجد حتى الآن ما يدعم بشكل قاطع نبأ تقديمه لتركيا من جانب ميليشيات السراج، التى إن قامت بهذا ستكون قد أوغلت أكثر فى انتهاكها لاتفاق الصخيرات السياسى ولجميع الأعراف السياسية سواء المحلية او الدولية.

دوافع وراء الاتفاقية التركية الليبية

ترسيخ وجود أنقرة فى المتوسط واستثمارات بـ٣٠ مليار دولار

دعم مشروع جماعة الإخوان الإرهابية وتهديد الحدود المصرية


تتمثل دوافع التدخل التركى فى ليبيا فى عدة نقاط أبرزها رغبة أنقرة فى ترسيخ وجودها فى البحر المتوسط، واعطائها طابعا شرعيا من خلال الاتفاق الأخير، مع حكومة السراج فى ليبيا والذى يرسم الحدود البحرية بين الطرفين.. وذلك بعد الرفض الاوروبى لعمليات التنقيب التى تجريها سفن تركية فى البحر المتوسط، على السواحل القبرصية «الجرف القارى».


طمع تركيا بمصادر الطاقة فى الداخل الليببي، ليبيا بلد غنى باحتياطيات النفط والغاز، ومع زعزة استقرارها.


رغبة انقرة فى المشاركة فى مشاريع اعادة الاعمار واستثمارات مستقبلية فى البلاد، والحفاظ على استثمارات الشركات التركية فى ليبيا والتى تناهز قيمتها ٣٠ مليار دولار، كما تسعى أنقرة لاغتنام قيمة تعويضات المشروعات المتوقفة والتى تقدر بمئات الملايين من الدولارات، ومع تصاعد الغضب الشعبى من تدخلات اردوغان قلص من النشاط التركى ولا بديل عن فرض الشركات بالقوة.


دعم مشروع الاخوان المسلمين فى ليبيا، وهذا يبين الطابع الايديولوجى للعداء حيث ترغب انقرة فى الاقتراب اكثر من الحدود المصرية وتهديدها.


المدن الساحلية التركية المطلقة على البحر المتوسط «مرمريس وفتحية»، تواجه نظيرتها الليببية «درنة وطبرق والبردية»، ويطمح اردوغان للتوصل إلى اتفاق لرسم الحدود بين البلدين، رغم ان جزيرة كريت اليونانية تقع بينهما.. فأنقرة ترى أيضا أنه نظرا لان ساحل ليبيا فى درنة يواجه السواحل التركية فى جنوب غرب مدينة مرماريس، فإن ترسيم حدود مناطق السيادة البحرية بمثابة حق أساسى لتركيا وليبيا.. ومن ثم فإن مصلحة تركيا فى ليبيا تتعلق اكثر بالموازين الاستراتيجية فى صراع القوى الدائر فى شرق البحر الابيض المتوسط.


بالنسبة لانقرة، يتمثل أسوأ السيناريوهات فى شرق البحر الابيض المتوسط فى أن تتوصل اليونان مع قبرص اليونانية إلى اتفاق محتمل للمشاركة فى مناطق السيادة البحرية، وهذا الامر من شأنه أن يهدد حقوق ومصالح تركيا والقبارصة الاتراك فى مناطق السيادة البحرية المعروف انها غنية بالموارد الهيدروكربونية.. وفى هذا الاطار، تسعى أنقرة لمناوءة اليونان فى السيادة البحرية على المتوسط وضرب اتفاقية ترسيم الحدود بين القاهرة وأثينا ونيقوسيا، وافشال المساعى المصرية لتكون مركز تصدير الطاقة فى منطقة البحر المتوسط.


«ورطة» الجيش التركى فى طرابلس

الجيش الوطنى الليبى يتحرك لحسم الموقف

تتضاءل الخيارات العسكرية التركية حتى بعد قرار البرلمان التركى بإرسال قوات إلى ليبيا لنجدة حكومة الوفاق وميليشياتها المسلحة على الارض، حتى أن محاولات نقل مقاتلين ومرتزقة من المسرح السورى إلى الليبى لن تحقق فارقا ميدانيا على الارض فى ظل تقدم الجيش الوطنى الليبى السريع على محاور طرابلس وتفوق قدراته الجوية.. كما أصبحت عملية الدعم اللوجيستى القادم من تركيا تواجه صعوبات مع تفعيل اليونان لرقابتها على التحركات البحرية وقيامها بتفتيش أية سفينة مشتبه بها تمر عبر منطقتها الاقتصادية فى اتجاه الموانى الليبية، كما قامت البحرية العربية مؤخرا بتفعيل حق التفتيش والزيارة لفحص اية سفينة تجارية تمر قبالة السواحل الليبية.


يواجه التحرك العسكرى التركى مصاعب جمة على الأرض فى ليبيا، خاصة بعد مسرح العمليات عن تركيا وهو ما يهدد الدعم اللوجسيتى للجنود الاتراك، كما أن المسارات الجوية لنقل المرتزقة أصبحت معروفة ومكشوفة وهو ما يجعل الاعتماد عليها غير ذات جدوى حيث تغيرت الاوضاع ميدانيا على الارض، مع تحرك الجيش الوطنى الليبى لحسم معركة طرابلس سريعا حيث بدأ التحرك علي محور صلاح الدين خلّة الفرجان وهو المحور الأساس للعمليات، وفيه حقّقت قوات الجيش الوطنى تقدّماً على اتجاهين أساسيين، الأول انطلاقاً من معسكر اليرموك شمالاً، والثانى من منطقة معسكر حمزة فى اتجاه الشمال الشرقي.


خلال الأيام الأولى من المعارك سيطرت قوات الجيش على عدّة مواضِع فى خلّة الفرجان، من بينها مبنى الجوازات وأكاديمية الشرطة ومبنى ثانوية الهندسة العسكرية، لكن تبقى هذه المناطق مناطق اشتباك دائمة يتبادل الطرفان فيها السيطرة بشكل شبه يومي. 


‎المحور الرئيس الثانى هو محور مطار طرابلس، وفيه تتم العمليات على اتجاهين رئيسيين، الأول شمال المطار انطلاقاً من محيط كوبرى المطار على خطى اشتباك، أحدهما فى مناطق الكازيرما ومشروع الهضبة والخلاّطات، والثانى موازٍ له فى اتجاه مسجد صلاح الدين ومعسكر النقلية ومناطق أخرى مُطلّة على طريق المطار، وقد حققت قوات الجيش الوطنى فى هذا الاتجاه خلال الساعات الماضية تقدماً كبيراً، بسطت فيه السيطرة بشكل كامل على طريق مطار طرابلس، وصولاً الى منطقة خزانات النفط، مروراً بكوبرى الفروسية ومعسكر النقلية.


 ‎ميدانياً، نفذت مقاتلات الجيش الوطنى الخميس الماضى جولة جديدة من عمليات القصف استهدفت قاعدة معيتيقة الجوية فى العاصمة.


وقد صادرت خلال الساعات الماضية مزيداً من العربات المدرعة تركية الصنع من نوع (ڤوران).