رحمة طفلة بدرجة بطلة.. من متلازمة داون إلى أول الجمهورية في التنس 

رحمة طفلة بدرجة بطلة.. من متلازمة داون إلى أول الجمهورية في التنس 
رحمة طفلة بدرجة بطلة.. من متلازمة داون إلى أول الجمهورية في التنس 

برقة تناسب طفولتها ونقاء قلبها، أمسكت رحمة بمضرب تنس الطاولة، لتبدأ في اللعب، وفي قوة تحاكي إصرارها على النجاح، ضربت الكرة إلى مدربها الذي يأمل أن تمثل أصغر لاعبيه مصر في الأولمبياد، فإرادة الطفلة جعلت من متلازمة داون سر نجاحها وحصدت المراكز الأولى على الجمهورية في أكثر من لعبة.

في شقة متواضعة، بمدينة المستقبل 3، التقينا أسرة الطفلة رحمة، ليروي لنا والديها قصة نجاحها وكيف تغلبت على مرضها، وتجاوزت بمساعدتهم المحنة وجعلتها منحة ربانية، ورغم الإمكانيات البسيطة للأسرة والدخل الذي يوفره الأب من مهنة العمل "لحام"، لم يحرماها من حقها، لتمارس حياتها بشكل طبيعي كشقيقتيها الأصغر رقية ورضوى.

يتحدث على سعد والد رحمة، ويقول إنهم طبيب الأطفال أخبرهم بمرضها بمتلازمة داون بعد 17 يوما من ولادتها، وسيترتب عل ذلك إعاقات في التعلم واضطرابات القلب والجهاز الهضمي، وتأثير على الشكل ومعدل النمو.

مرت أيام العام الأول ثقيلة على والدي رحمة، وهم يرون تغير شكل الرضيعة، عرضها والدها على عدد من الأطباء لكن النتيجة كانت واحده، المرض لن يزول لكن هناك طرق علمية وأساليب متبعة يمكنها أن تخفف من الحالة المرضية عن طريق التخاطب.

الحقت الأم طفلتها بمركز الصفا للأطفال ذوي القدرات الخاصة، واستمرت هناك حتى أتمت 9 سنوات، وزرع معلمي ومدربي المركز ثقة في الطفلة تحت اشراف سيدة الشربيني مديرة المركز.

عرضت الأسرة رحمة على استشاري مخ وأعصاب مشهود له بالخبرة في حالات متلازمة داون، فطمأنهما وأخبرهما أن حالة الطفلة تعد أبسط، وأكثر قابلية للعلاج بالتخاطب، كما أن رحمه أكثر وعيا وعضويا لا تشكي من الأمراض التي تصاحب مصابي المتلازمة.

وأضافت والدة رحمة، أن الطبيب أرجع تأخرها في بعض الأمور الى خجلها الشديد، وأمتد تأثير ذلك أيضا على درجة اختبار الذكاء.

عندما اتمت رحمة عامها التاسع، الحقتها الأسرة بمدرسة خالد بن الوليد للتربية الفكرية، فهناك الوضع أمن أكثر على الطفلة، وتحسنت حالتها، واستقرت في دراستها عام بعد الآخر حتى وصلت للصف الثالث الابتدائي.

رفض والدي رحمة ان تبقى ابنتهم حبيسة المنزل في الصيف محرومه من الاستمتاع بطفولتها، فسعت الام في مراكز الشباب لتشترك لابنتها في رياضة تمارسها، ورحب مدربو مركز شباب المدينة بحي الاربعين بالطفلة وفتحوا لها باب الاشتراك في أي لعبة تريد.

وتقول الأم أنها بدأت مع رحمة من 5 سنوات، وكانت لعبة الكارتية أول ألعابها، ووصلت للحزام الأصفر وساعدت اللعبة في تنمية مخ الطفلة، وساعدتها على الاختلاط بالناس.

بجمل قصيرة يقطعها الخجل، حدثتنا رحمه عن مشوارها الذي تنوي استكماله الى أن تمثل مصر عالميا، وتقول انها بعد الكاراتيه، فضلت تنس الطاولة ولاقت تدريب واهتمام مع كابتن عزت السعيد، وحصدت مركز أول على مستوى السويس، ثم أول على مستوى الجمهورية ونالت ميدالية في المسابقات التي تجريها الإدارة المركزية لشئون التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم.

لم تتوقف رحمة عند لعبة تنس الطاولة، وشاركت في مسابقات العدو، والوثب ونافست زملائها في محافظات إقليم القناة وسيناء وحققت مركز اول أيضا على مستوى الجمهورية في اللعبتين.

نمت الموهبة واتسعت طرق الطفلة للتعبير عن نفسها، ورشحتها إدارة التربية والفكرية للمشاركة في مسابقة الفن التعبيري بإحدى المسرحيات بالإسكندرية واختارتها لجنة التحكيم كأفضل مؤدية، كما حصلت أيضا على 3 شهادات تقدير لتفوقها الرياضي ومهارتها في الألعاب التي شاركت فيها.

قبل عدة أشهر بدأت رحمة في لعب الجمباز، وبسبب مرونة جسدها استطاعت التعلم سريعا وتنفيذ حركات يعجز الأطفال في سنها عن أدائها فعلها، كأن تمسك زجاجة أو كوب بقدميها وتشرب.

ويتحدث كابتن عزت سعيد، مدير منطقة السويس لتنس الطاولة ومدرب الطفلة، إنه استقبل رحمة قبل عامين، وكان خجلها عائق في البداية، فعمد الى كسر الحاجز بينه وبينها حتى تعاملت معه كأنه والدها، وبمرور الوقت بدأت تتقبل النصائح وتعليمات التدريب وتحسن أدائها سريعا.

ويقول مدرب تنس الطاولة، أن الطفلة تتمتع بعزيمة وصبر وتحفيز ذاتي، وهدفها أن تكون انسانه متفوقة وناجحة، وترى نفسها مثل غيرها لا ينقصها شيء ولن يمنعها مرض من الفوز، فنالت الأول على الجمهورية في مسابقات اللعبة.

وكشف مدرب الطفلة، أنه بدأ معها مرحلة الاعداد البدني والفني في الموسم الجديد الذي انطلق في الصيف، لتحقق نتائج إيجابية تؤهلها للمشاركة في أولمبياد تنس الطاولة وهو حلم رحمة.