فى الصميم

اليسار لم يمت !!

جـلال عـارف
جـلال عـارف

ليس معنى فشل حزب العمال البريطانى فى إدارة المعركة الانتخابية الأخيرة أن اليسار فى بريطانيا قد انتهى، أو أن اليسار الأوروبى بأطيافه المختلفة لا مكان له فى المستقبل!
صحيح أن هزيمة حزب العمال كانت أكبر من المتوقع، وأنها قد شملت خسارة معاقل تقليدية للحزب لأول مرة، وأن انتصار حزب المحافظين بقيادة بوريس جونسون يعنى سيطرة اليمين المحافظ لسنوات.
وصحيح أيضا أن نتائج الانتخابات فى بريطانيا سوف تنعش آمال اليمين الأوروبى، والتيارات المؤيدة للسير على طريق بريطانيا فى الخروج على الاتحاد الأوروبى، خاصة مع تأييد الرئيس الأمريكى ترامب المعلن لهذا التوجه.
لكن الصحيح أيضا أن أزمة النظام العالمى الحالية لن يكون حلها فى يد يمين يزداد تطرفاً وعنصرية، بل فى السعى نحو نظام أكثر عدلاً، يوازن بين مصالح الدول، ويقرب الفوارق الصارخة داخل المجتمعات.
فى أمريكا نفسها، ومع سطوة اليمين الشعبوى الذى يستفيد من وجود ترامب وسياساته، فإن الرد يأتى من التفاف الشباب حول شخصيات مثل «السناتور ساندرز» المرشح الديمقراطى البارز وبتصاعد الدعوة لسياسات أكثر انحيازاً لليسار ترى الخطر الماثل فى تصور أن العلاج من مبادئ الرأسمالية المتوحشة يمكن أن يكون على يد يمين عنصرى أكثر خطراً!
وبغض النظر عن أن انتخابات بريطانيا كانت فى جوهرها استفتاء على «البريكست» قبل أى شئ آخر، فإنها رسالة تحذير بأن اليسار مطالب بتقديم المزيد من الاجتهادات الفكرية والمبادرات السياسية لأنه بالتأكيد سيكون القطب الأساسى فى مواجهة صعود اليمين المتطرف والعنصرى، وفى محاولة بناء عالم جديد أكثر عدلاً وأشد إنسانية.