30 عامًا على انهياره التاريخي.. الألمان قهروا «جدار برلين» و«اتفاقية يالطا» في آنٍ واحدٍ

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

قبل ثلاثين عامًا من الآن، وفي وقتٍ كان العالم يغلب عليه نزعات الانفصال، مثلما حدث مع الاتحاد السوفيتي ويوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا، والتي انفصلت إلى بلدين عام 1992، كانت ألمانيا تسبح عكس التيار

ولكن قبل أن نسرد ذكرى اليوم التاريخي لألمانيا في التاسع من نوفمبر عام 1989، حينما سُوي جدار برلين المنيع بالأرض، وأصبح أطلال ماضٍ لا يستحب ذكره للألمان، نعود للوراء إلى أربعينيات القرن الماضي، حين وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، وانقاد النازيون بقيادة الزعيم الألماني أدلف هتلر، والفاشيون بزعامة الزعيم الإيطالي موسوليني إلى هزيمةٍ نكراء.

وبعد تلك الهزيمة أصبحت ألمانيا غنيمة الحرب للحلفاء المنتصرين في المعارك التي كانت أرض ألمانيا مسرحًا لها، فاجتمعوا في نوفمبر عام 1945 في مدينة يالطا السوفيتية، عقب انتهاء الحرب العالمية، لتوقيع اتفاق حمل اسم المدينة الواقعة على البحر الأسود.

هذا الاتفاق تمخض عنه تقسيم ألمانيا إلى أربعة أجزاء بين الخلفاء المنتصرين. وبعد ذلك تشكلت جمهوريتين عام 1949، جمهورية ألمانيا الغربية،  في المناطق المحتلة من قبل الولايات الأمريكية المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، وقيام جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية) بعد ذلك في المنطقة المحتلة من قبل الاتحاد السوفيتي.

قصة جدار برلين

ومن هنا تبدأ قصة جدار برلين العازل، الذي تم بناؤه بعد ذلك باثني عشر عامًا، والذي وقف حائلًا بين الألمانيتين بدءًا من عام 1961.

وبين عامي 1949 و1961، قام أكثر من ثلاثة ملايين ألماني شرقي بالعبور عبر برلين إلى ألمانيا الغربية، وكان كثيرٌ منهم من الفئة المتعلمة، وهو ما هدد الاقتصاد في ألمانيا الشرقية، كما هددها ككيان دولة، مقارنةً بألمانيا الغربية، وكان هذا سببًا في شروع حكومة ألمانيا الشرقية ببناء هذا الجدار، للحيلولة دون عبور مواطنيها إلى ألمانيا الغربية.

هذا الجدار قالت عنه الحكومة الشيوعية في ألمانيا الشرقية إنه بمثابة مانع وحماية من الفاشية، في حين وصفته حكومة ألمانيا الغربية بـ"جدار العار".

28 عامًا ظل الجدار على حاله، ووقف سدًا منيعًا دون تدفق الألمان الشرقيين إلى الشطر الغربي، حتى جاء الإعلان من جونتر شابوفسكي، السياسي في حزب الاتحاد الاشتراكي الحاكم في ألمانيا الشرقية، في التاسع من نوفمبر عام 1989، بأن أصبح بإمكان الشرقيين أن يعبروا مرةً أخرى إلى ألمانيا الغربية، ليتدفق الألمان إلى جدار برلين ويشرفوا على هدمه، وجعله والعدم سواء.

انهيار جدار برلين كان إيذانًا بتوحد ألمانيا مرةً أخرى بعد أكثر من نصف قرنٍ من الانفصال، فكان للألمان ما أرادوا في 3 أكتوبر عام 1990، حينما تلاشى شطرا ألمانيا، وأصبحا قطرًا واحدًا لبلدٍ اسمه "جمهورية ألمانيا الاتحادية".

ومن هنا زالت اتفاقية "يالطا" بصورةٍ نهائيةٍ، ولم يعد لها أي أثرٍ في الواقع، ولا حتى على تقسيم ألمانيا وانفصالها، بعد أن عادت البلاد ككيانٍ واحدٍ عاصمته برلين، الأرض التي كانت تفصل شطري ألمانيا عن بعضهما البعض.