هل ينجح الفلسطينيون في إجراء الانتخابات هذه المرة؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

أكد محللون سياسيون فلسطينيون أن الفصائل الفلسطينية معنية بالفعل بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في فلسطين، التي أكد الرئيس محمود عباس ضرورة إجرائها، ليكون العالم شاهدا على تمسك الشعب الفلسطيني وقيادته بالديمقراطية رغم الاحتلال الإسرائيلي، لكنهم حذروا من الإفراط في التفاؤل كون القضية لا تقاس بالتصريحات الوردية وإنما تظهر في تفاصيل التنفيذ.

ورأوا أن المباحثات التي أجرتها لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية برئاسة حنا ناصر في الضفة وقطاع غزة تحمل حتى الآن بشرى سارة للمضي قدما في إجراء الانتخابات لمواجهة تحديات المرحلة والمؤامرات التي تحيط بالقضية الفلسطينية وفي مقدمتها ما يسمى بصفقة القرن التي تهدف لتصفية القضية وإنهاء النضال الوطني الفلسطيني.

وتوقعوا أن إجراء الانتخابات إن تم  سيكون فرصة من أجل إنهاء الانقسام المدمر الذي أضر بالقضية الفلسطينية لدرجة أنها تراجعت من أعلى سلم أولويات المنطقة إلى درجة جعلت دولة الاحتلال وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعملان من أجل تصفية قضية الشعب الفلسطيني.

وقالت المحللة السياسية الفلسطينية ريهام عواد، اليوم الخميس، إنه وبحسب المؤشرات، فهناك جدية في عقد الانتخابات، لا سيما في ظل الجولات والاجتماعات التي يعقدها رئيس لجنة الانتخابات حنا ناصر مع حركة حماس والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، والتي تدل على جدية الرئيس عباس في إقامة انتخابات، إلا أنها لم تستبعد وجود عراقيل حقيقية أمام إجراء هذه الانتخابات تتمثل في ضعف الثقة بين حركتي حماس وفتح، بل والتشكيك في إمكانية عقد انتخابات من الأساس، أو حتى قبول نتائجها في الضفة وغزة تحديدا.

وأشارت إلى وجود سيناريوهات تُطرَح من هنا أو هناك؛ أسوأها أن يتم إجراء انتخابات في الضفة أولا ثم قطاع غزة أو إجراؤها في الضفة فقط دون غزة، محذرة من التراجع عن إرجاء الانتخابات لأنه سيسبب حرجا كبيرا لجميع الأطراف الفلسطينية أمام العالم، لا سيما وأن لا أحد يستطيع أن يرفض هذه الانتخابات، لا حماس ولا فتح؛ لأن الذي سيرفض سيصبح مساءلاً أمام الشعب الفلسطيني عن سبب رفضه، معربة عن أملها في أن يكون الأمر جيدا في غزة وتصدق النوايا وتتم الانتخابات.

ورغم إعرابها عن تفاؤلها، إلا أنها توقعت أن تكون هناك عدة عراقيل بيروقراطية من قبيل توقيت إجراء الانتخابات وهل ستتم بالتزامن في الضفة وغزة وهل ستكون بالتوازي انتخابات رئاسية وتشريعية، أم سيكون هناك فترة بين عقدهما وهل سيكون هناك مراقبة دولية أو عربية.

من جانبه، قال الكاتب والمحامي زياد أبو زياد: "إننا بحاجة، أولا وقبل كل شيء، إلى هدم كل ما تمخض عن الانقسام المشؤوم أو نما في ظل دفيئته وبعد ذلك يمكن أن نفكر في الانتخابات. وقد لا يكون هناك وقت لمثل ذلك، فلا يتفاجأ أحد إذا حدث مكروه للرئيس عباس -لا سمح الله- ووجدنا أنفسنا نعود إلى خانة الصفر لنبدأ المحاولة من جديد لأننا لا نملك ترف الاستسلام لواقع الاحتلال". 

ومضى يقول "لو افترضنا جدلا أن القيادتين السياسيتين المتصارعتين في الضفة والقطاع وافقتا على إجراء الانتخابات، فكيف يمكن أن يتم ذلك في ظل مرجعيتين قضائيتين وتحت حراسة جهازين مختلفين من حراس القانون والنظام وأقصد (الشرطة في الضفة) و(الأمن الداخلي في غزة)".

وتساءل: "هل سيتم حل المجلس القضائي في غزة وإلغاء منصب النائب العام وتوحيد الجهاز القضائي والنيابة العامة في شطري الوطن ليتوحدا من جديد تحت مظلة واحدة هي مظلة شرعية الأمر الواقع في رام الله ؟ وهل ستقوم حماس بحل جهاز الأمن الداخلي أو تسريح أفراده وكذلك سحب كل المظاهر المسلحة من الشوارع لخلق الأجواء المدنية المطلوبة لإجراء الانتخابات والسماح بعودة الشرطة الفلسطينية المؤتمرة بأوامر قيادتها في رام الله؟".

وتساءل أيضاً "هل سيلجأ الرئيس محمود عباس إلى إصدار قرار بقانون يضع فيه شروطا على كل حركة أو حزب أو فرد يرغب بالترشح كأن يطلب منه توقيع وثيقة يعترف فيها بكافة الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل لتفادي حصول ما حصل عام 2007 ؟ (حيث كانت حماس قد تنصلت من الاعتراف بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل مثل اتفاقية أوسلو، والتعامل مع إسرائيل كان بشكل غير مباشر عبر وساطات مصرية)، وهل ستقبل حماس والقوى والفصائل الأخرى بذلك أم ترى فيه ذريعة للهروب من استحقاق إجراء الانتخابات؟ علما بأن عملية إصدار قرارات له صفة القانون وفقا للمادة 43 من القانون الأساس المعدل لعام 2003 هي عملية مطعون فيها من أساسها ومن الممكن إصدار قرار ببطلانها من المحكمة الدستورية مما سيبطل أية انتخابات قامت على أساسها عملا بالمبدأ القائل بأن ما بني على باطل فهو باطل".

وتابع "ماذا عن كيفية إجراء الانتخابات بالقدس؟ وهل سيتم البحث عن ذرائع لإلغاء أو تأجيل الانتخابات بحجة أن إسرائيل منعت إجراء انتخابات بالقدس وأن لا انتخابات بدون القدس، أم أننا سنخوض معركة دولية وحشد ضغط عالمي فاعل لإرغام إسرائيل على عدم إعاقة العملية الانتخابية – وهذا أمر مطلوب وممكن - والإصرار على إجراء الانتخابات بالقدس لتثبيت حق الفلسطينيين السياسي والوطني في القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية؟".

أما الكاتب أنور رجب فرأى أنه وبالرغم من التصريحات الحماسية لقادة حماس لإجراء الانتخابات، إلا أن مجمل هذه التصريحات تأتي في سياق لغة فضفاضة، وتارة يتم الحديث عن ضرورة موافقة حركة فتح على مبادرة الفصائل كونها تمثل مدخلا مناسبا لإتمام العملية الانتخابية، وتارة عن ضرورة أن يسبق الانتخابات "توافق وطني"، وتارة أخرى يجري الحديث عن ضمانات لها علاقة بالشفافية والتسليم بالنتائج وعدم الملاحقة الأمنية وإطلاق الحريات.

أما التوافق الوطني، فأشار الكاتب أنه ما لم يحدث سابقا ولن يحدث، فقد جرت العادة أن يلجأ الناس للانتخابات عندما لا يصل المختلفون للتوافق، وهو ما ينطبق أيضا على مبادرة الفصائل التي هي محط خلاف أيضا.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد كلف، مؤخرا، رئيس لجنة الانتخابات المركزية، حنا ناصر، باستئناف الاتصالات وبشكل فوري مع الفصائل والجهات المعنية، من أجل التحضير لإجراء الانتخابات التشريعية (البرلمانية)؛ على أن يتبعها بعد بضعة أشهر الانتخابات الرئاسية.

يذكر أن آخر انتخابات رئاسية فلسطينية كانت قد عقدت في عام 2005، بينما أجريت آخر انتخابات تشريعية عام 2006.