«حكاية» كنوز أجمل مقابر ملوك الفراعنة «سيتي الأول» بالأقصر

 مقبرة الملك سيتي الأول
مقبرة الملك سيتي الأول

تعد مقبرة الملك «سيتي الأول»، من أجمل مقابر ملوك الفراعنة، في منطقة وادي الملوك، وتمتد بطول 130 مترًا، وعمق 30 مترًا في صخور جبل القرنة، الذي يضم مئات المقابر وعشرات المعابد الفرعونية، بغرب مدينة الأقصر.

مكتشف مقبرة الملك «سيتى الأول» :

كشف عالم الاثار د. زاهي حواس، أن مكتشف مقبرة الملك «سيتى الأول»، هو المغامر الايطالي بلزوني، الذي يكشف عن أسرار سرداب مقبرة الملك سيتي الأول والد رمسيس الثاني بعد رحلة استغرقت 193 عاما منذ أن اكتشف بلزوني هذا السرداب يوم 16 أكتوبر الأول 1817 وسار داخله لمسافة 100 متر فقط.

المقابر الملكية:

تقع مقبرة الملك سيتى الأول ( رقم 17 ) بوادى الملوك - البر الغربى تعد أهم المقابر الملكية، وأضخمها التى نحتت فى صخر الجبل بطيبة الغربية فى الأسرة التاسعة عشرة، إذ يبلغ طولها 98 مترا، ولا زالت للآن تتميز بألونها الزاهية ومناظرها الجميلة ونقوشها الرائعة، وعلى الرغم من أن المقبرة كانت معروفة أيام حكم اليونان لمصر، إلا أنها تعرف فى بعض الكتب العلمية باسم مقبرة بيلزونى، الذى أعاد اكتشافها فى 17 أكتوبر عام 1817، وأصبحت ملتصقه باسمه.

وتستمر مقبرة سيتى الأول فى نفس المرحلة التى بدأها من قبل حور محب، فهى تتكون من محورين متوازيين، يبدأ الأول بالمدخل والممرات حتى نصل إلى حجرة البئر، ومن بعده نجد حجرة متسعة ذات أربعة أعمدة فى صفين، يبدأ منها المحور الثانى الذى يوصل عن طريق أكثر من سلم هابط، وأكثر من ممر إلى حجرة الدفن، ولعل التجديد هنا فى الإضافات المعمارية الواضحة التى ينتهى بها الحجرة هنا يحمل سقفها أربعة أعمدة، بدلا من اثنين، كما كان متبعا من قبل، كذلك الحجرة التى تليها لم تقابلنا من قبل.

الكشف عن أسرار سرداب مقبرة الملك سيتي الأول :

ويلاحظ فى المحور الثانى، أن أحد الحجرات الجانبية فى حجرة الدفن، وهى الحجرة الثانية على يسار الداخل تتميز بوجود رفوف، يحتمل أنه كان يوضع عليها بعض التماثيل أو الأشياء النفيسة من الأثاث الجنائزى، أما من ناحية النصوص والمناظر، فيمكن نشاهد ما هو جديد على جدران المقبرة، إذ نجد على جدرانها الأناشيد الشمسية الطويلة، والأناشيد الموجهة لعين حورس وقصة هلاك البشر.

وصف مقبرة الملك« سيتى الأول»:

هذا بجانب ما هو معروف من قبل، مثل كتاب البوابات وكتاب "امى دوات" أما من ناحية المناظر فأشهرها المناظر الفلكية من أبراج ونجوم وكواكب المسجلة على السقف المقبى لحجرة الدفن، كما يلاحظ هنا أيضا الانتقال إلى نقش المناظر الذى شاهدناه من قبل فى مقبرة حور محب، وأصبح هنا حقيقة يمكن تتبعها فى أغلب مناظر سيتى الأول، إذ أن أغلب مناظر مقبرة سيتى الأول منقوشة نقشا بارزا، وملونة بألوان زاهية، وإن كانت هناك بعض المواضيع حيث نشاهد الخطوط الخارجية فقط لبعض المناظر، إلا أن الرسوم لها قيمتها، على اعتبار أنها تظهر لنا الطرق، التى أمكن بها إخراج هذه الأعمال الفنية الرائعة فى ظلام هذه الحجرات المنحوتة فى صخر الجبل.

تبدأ المقبرة بسلم هابط يوصل إلى ممر، وقد زين سقفه بطيور العقاب ناشرة أجنحتها، أما الجدار الذى على يمين الداخل فقد سجلت عليه للمرة الأولى، كما أوضحت أناشيد لمديح إله الشمس رع، أما على يسار الداخل فنرى الملك أمام الإله رع حور آختى، ثم ثالولث الشمس المقدس فى مراحله المختلفة بين ثعبان وتمساح، وقد مثل على هيئة جعل "خبر"، وهو يمثل شمس الظهيرة القوية، وأخيرا صور إله على هيئة كبش داخل قرص الشمس أيضا ممثلا للإله اتوم، الذى يرمز للشمس الغاربة، بعد ذلك نصل إلى سلم هابط على جانبيه مشكاتان غائرتان فى الصخر.

ونشاهد على يمين ويسار الداخل، مناظر تمثل المردة (أو الجبان أو الشيطان) بأسمائهم، ثم أجزاء من أناشيد للإله رع، وبداية الساعة الرابعة من كتاب "امى دوات" وتنتهى المناظر التى على اليمين بمنظر للإلهة نفتيس راكعة، والتى على اليسار بمنظر للآلهة ايزيس راكعة.

وصف جدران المعبد :

ونشاهد على العتب العلوى للمدخل الموصل إلى الممر صورة للآلهة ماعت المجنحة راكعة، ثم نصل إلى ممر آخر، وقد نقشت على جدرانه مناظر تمثل الساعة الرابعة من كتاب "امى دوات" على الجدار الأيمن والساعة الخامسة على الجدار الأيسر، بعد ذلك نصل إلى حجرة البئر، وتتميز الجدران التى فوق البئر بمناظر جميلة فنشاهد على اليسار الإله انوبيس، ثم الإله حورس ابن ايزيس يقود الملك الى الألهة حتحور التى يقدم لها النبيذ فى منظر آخر ثم نشاهد الملك أمام أوزيريس، وأخيرا نشاهد آلهة الغرب امنت، أما على اليمين فنشاهد نفس المناظر بالتقريب مع بعض الاختلافات الطفيفة.

وندخل صالة ذات أربعة أعمدة، نرى على شمال الداخل مناظر ونصوص من الفصل الرابع من كتاب البوابات تتميز بالمناظر المشهورة الذى يمثل شعوب البشر الأربعة ممثلة كمصرى ثم آسيوى ثم نوبى وأخيرا ليبى، أما على يمين الداخل فهناك مناظر ونصوص من الفصل الخامس من كتاب البوابات، نشاهد على واجهات الأعمدة الأربع المناظر المعتادة لعلاقة الملك سيتى بالآلهة والآلهات المختلفة، أمثال بتاح وحورس ابن ايزيس، امنت ورع حور آختى، شو، سرقت إيزيس، ححور، اتوم، نفتيس، نيت وبتاح سكر.

نصل من الصالة ذات الأربعة أعمدة إلى صالة ذات عمودين على استقامة المحور الأول للمقبرة، ويلاحظ أن مناظر هذه الحجرة لم يتم نقشها إذ رسم على جدرانها فقط باللون الأحمر، ومصححا باللون الأسود مناظر ونصوص من كتاب ما هو موجود فى العالم الآخر "أمى دوات" وبالنسبة للعمودين فقد رسم على واجهات العمود الأول الملك فى علاقاته المختلفة مع نفرتم ورع حور آختى وماعت وأتوم، وتمثل مناظر واجهات العمود الثانى الملك مع ماعت، ثم يقوم بالتطهير والتبخير أمام أوزيريس، وهو يتقبل العقد "منيت" من الآلهة حتحور وأخيرا مع الإله سكر أوزيريس.

نعود ثانية إلى الصالة ذات الأربعة أعمدة، وننزل من السلم الذى على اليسار لنصل إلى ممر فنرى على اليمين قائمة للقرابين ثم أناشيد المديح الموجه لعين الإله حورس، ثم نشاهد مجموعة من الكهنة يقومون بطقوس أمام بعض التماثيل الملكية، أما على يسار الداخل بالنسبة للمرتين السابقين فنشاهد الملك جالسا، وأمامه مائدة قرابين ثم مجموعة من الكهنة يقومون بطقوس دينية أمام بعض التماثيل الملكية، ثم نصوص خاصة بطقسة فتح الفم.

وصف مقبرة الملك« سيتى الأول»:

بعد ذلك نصل إلى غرفة صغيرة، وهى الحجرة التى تسبق حجرة الدفن، فنشاهد على جدرانها المناظر المعتادة التى نراها غالبا على جدران، مثل هذه الحجرات، وهى تمثل الملك فى علاقاته المختلفة مع الآلهة والآلهات المختلفة فنجد على اليسار حتحور، أنوبيس، حورس ابن ايزيس، أوزيريس وبتاح، أما على اليمين فهناك نفس الآلهة والآلهات عدا بتاح الذى حل نفرتم محله.

نصل الآن إلى الجزء الأمامى من حجرة الدفن، وهو عبارة عن حجرة مستطيلة ذات ستة أعمدة فى صفين، وقد سجل على واجهات الأعمدة الأربعة المناظر المعتادة التى تمثل الملك فى علاقاته مع الآلهة والآلهات المختلفة، ويلاحظ هنا أنه يوجد على الأعمدة اليسرى مناظر تمثل أرواح مدينة "ب" راكعة برأس الصقر، وعلى العمود الأخير من الاعمدة اليمنى لا يزال يوجد منظر يمثل ارواح "نخن" برأس ابن آوى راكعا أيضا.

وتمثل المناظر التى على الجزء الأيسر من حجرة الدفن الفصلين الأول والرابع من كتاب البوابات، أما المناظر التى على الجزء الأيمن فتمثل الفصل الثانى من كتاب البوابات، ونصل الآن إلى الثلث الأخير من حجرة الدفن، حيث كان يوجد التابوت ويتميز بسقفه الذى يمثل السماء، وسجل عليه ما أملاه الخيال من مناظر فلكية مثل الأبراج السماوية والنجوم والكواكب، ويجب ملاحظة منظر الآلهة إيزيس الراكعة على اليسار ومنظر الآلهة نفتيس الراكعة على اليمين، أما النصوص ومناظر هذا فأغلبها من كتاب "امى دوات".

التابوت بمتحف سوان بلندن:

أما عن التابوت فهو محفوظ الآن بمتحف سوان بلندن، وقد زودت حجرة الدفن بخمس حجرات، حجرتان على اليمين وحجرتان على اليسار وحجرة ذات أربعة أعمدة نصل إليها عن طريق المنخفض، حيث كان يوجد التابوت، وتتميز الحجرة الأولى التى على اليمين بنسبة للداخل مباشرة بنصوص قصة هلاك البشرية والمنظر الشهير للآلهة حتحور على هيئة بقرة واقفة، تمثل بطنها السماء، وما عليها من نجوم يرفعها الاله شو إله الهواء فوقها سفينة الإله رع بينما آلهة أخرى، تتجمع تحتها كذلك تتميز الحجرة الأخرى ذات العمودين التى على اليسار برفوف ممتدة بطول ثلاث جوانب، ويحتمل أن هذه الرفوف كانت مخصصة لوضع التماثيل عليها.

وأخيرا، نجد فى حجرة الدفن سلمًا هابطًا يوصل الى ممر أو بمعنى آخر سرداب، لا نعرف حتى الآن السبب من وجوده، وهو ممتد لمسافة تصل الى 100 متر، وقد تم العثور مومياء الملك سيتى الأول فى خبيئة الدير البحرى عام 1881.