حكايات| سياحة «في حب الله».. بركة جبل الدكرور بسيوة تنهي الخلافات

سياحة «في حب الله».. بركة جبل الدكرور بسيوة تنهي الخلافات
سياحة «في حب الله».. بركة جبل الدكرور بسيوة تنهي الخلافات

ثلاثة أيام من الهدوء على رمال سيوة، وبين صخورها تؤمن العائلات بأن تجمعها وسياحتها هي في الأساس «حبًا في الله»؛ بل قانون يفرضه شيوخ قبائل الواحة.

 

في مثل هذه الأيام من كل عام، يعتلي أهالي واحة سيوة جبل الدكرور، إحياء للعيد السنوي الخاص بهم «إسياحت»، وهو كلمة من اللغة الأمازيغية، ويقصد بها السياحة في حب الله.
 

 

 

منذ الساعات الأولى للصباح وحتى المساء تتواصل احتفالات أهالي سيوة والسياح من الجنسيات المختلفة بـ«إسياحت»، إذ يتوافد الجميع على الواحة، خلال هذه الفترة، لمعايشة طقوس الاحتفالات الفريدة والخاصة بأهلها.

 

الكوانين والحطب لغة يجيدها أبناء سيوة جيدًا، وخاصة الشباب والأطفال، إذ يتجه الجميع لتجهيز الساحات وأماكن الإقامة ونحر الذبائح، وإعداد الطعام في العراء.

 

ولا يحلو كل ذلك إلا على والألسنة تردد الأذكار والتواشيح الدينية، باللغتين العربية والأمازيغية، بينما يتجمع كبار السن في حلقات للذكر ومدح الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.

 

 

يؤمن أهالي سيوة بأن طقوسهم السنوية هذه بمثابة مؤتمر عام للسلام في الواحة، حيث تقام في الليالي القمرية من شهر أكتوبر أو نوفمبر من كل عام، عقب موسم حصاد البلح والزيتون، لذلك يطلق عليه أيضا عيد الحصاد، كما يسمى بعيد المصالحة.

 

فمع بداية الأيام الثلاثة للاحتفال يترك جميع رجال سيوة منازلهم وأعمالهم للصعود إلى جبل الدكرور؛ حيث مدينة «شالي» أو سيوة القديمة، والإقامة في البيوت القديمة أو داخل الخيام طوال الاحتفال وتصفى الخلافات ويتصالح المتخاصمون وإنهاء أية خلافات مهما عظمت أو صغرت بين أهل الواحة.

 

 

قبل 160 عاماً كانت بداية عيد التصالح، حين تجمعت قبائل سيوة الغربيين من ذوي الأصول العربية المقيمين في السهل مع قبائل الشرقيين ذوي الأصول الأمازيغية الذين سكنوا جبل الدكرور، لحل الخلافات التي اندلعت بسببها معارك وحروب بينها، رغم أنهم جميعًا يتحدثون لغة تجمع بين العربية والأمازيغية.

 

 

ومع نزول الشرقيين من جبل الدكرور والعيش في السهل، زادت حدة الخلافات، قبل أ تتم المصالحة بينهم على يد الشيخ محمد حسن المدني الظافر مؤسس الطريقة المدنية الشاذلية في سيوة.

 

بالفعل تمكن «المدني» من تهدئة الأجواء بين أهل سيوة الشرقيين والغربيين، ووضع نظاما لتجديد المصالحة سنويا، حيث يجتمع رجال وشباب الواحة دون تمييز أو فوارق بهدف السياحة في حب الله وترديد الذكر.

 

ومن هنا جاء مسمى عيد السياحة؛ إذ يجلس الجميع على الأرض يتناولون الطعام معا والمصالحة وحل المشاكل، ولا بزال هذا النظام بكل تفاصيله متواصلا حتى الآن.