حكايات| الانفصال السري بين الأزواج.. حبس انفرادي تحت سقف واحد  

 الانفصال السري بين الأزواج.. حبس انفرادي تحت سقف واحد  
الانفصال السري بين الأزواج.. حبس انفرادي تحت سقف واحد  

«تبكي المرأة قبل الزواج ويبكي الرجل بعده» مثل بولندي يعبر عن حياة الكثير من الرجال خصوصًا في المجتمع المصري.

 

غالبا ما يعتقد المجتمع أن المرأة دائما الضحية، إلا أن الكثير من الضحايا رجال، آمنوا بالحب والزواج ولكن اختيار خاطئ محى كل توقعاتهم، وجعل منهم آلة لجلب المال والتمثيل أمام الناس أنهم في حياة زوجية مثالية.

 

حياة ميتة

 

«أدهم» تحدث عن مشكلته كونه شخص عقلاني خاض العديد من التجارب العاطفية قبل الزواج، والتي انتهت بسبب رفض أهله، وكان يوافقهم الرأي بسبب العادات والتقاليد الخاصة بالعائلة والتي تحتم عليه تنفيذ أوامر الكبار، ومن بين عدد من مرشحات من طرف إحدى كبار أسرته وقع الاختيار على زوجته الحالية.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| «عُمرة لحيوان ميت؟».. أسئلة الرجال والنساء لدار الإفتاء «ولا في الخيال»

 

كانت البداية زواج تقليدي يتخلله عواطف وانبهار البدايات، ويدفعه لتنفيذ كل أوامر زوجته وإرضائها بعد الخلافات المتكررة حتى وإن كانت هي المخطئة، وازدادت الخلافات بعد إنجاب ابنتهم الوحيدة، والتي مع الوقت جعلت التعامل بينهم لا يزيد عن صباح الخير حتى أنها في بعض الأوقات كانت جملة منسية.

 

بعد 3 سنوات تم الاتفاق على الطلاق، حيث مات الحوار ومعه كل شيء، ولكن كانت العقبة هي أن العائلتين لا تعترفان بالانفصال بأي شكل من الأشكال، فما كان منهما سوى أن يمثلا أمام الناس أنهما معًا ولكن كل في منزل أهله، واستغلال انشغال أدهم الدائم ما يجعله يذهب للبيت فيما تعيش الزوجة والابنة في منزل الأم والأب.

 

 

كل طرف ينتظر أن تحدث معجزة لإنهاء هذا الزواج، وهو غير موجود سوى على الورق وفي اعتقاد المحيطين، وكلاهما يتمنى البدء في حياة جديدة مع شخص جديد يستعيد معه نفسه ولكن «كله لما ربنا يأذن».

 

سجين في بيتي

 

«مروان» بدأ حديثه بوصف منزله بأنه «سجن»، ولا يزال يتذكر أنه بدأ حياته من تحت الصفر، وكان يرى زوجته رزق من الله عليه الحفاظ عليه، فما كان منه سوى تدليلها والعمل على راحتها بكل طاقته، وسعى لكي يحسن من مستواه المادي وهو ما تحقق بالفعل.

 

من قرية ريفية بسيطة وجدران بيت على مشارف السقوط إلى شقة فاخرة في القاهرة، بأرقى الأحياء، ثم ابن وابنة، تحقق كل هذا خلال 3 أعوام فقط، وفجأة تبدل كل شيء.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| سيمور نصيروف.. الوصول لرئاسة الجالية الأذربيجانية بمصر «سيرًا على الأقدام»


تعود مأساة أدهم إلى ضعفه أمام زوجته، إذ إن تلبيته لرغباتها ومتطلباتها حولتها إلى شخص جشع لا يهمها سوى المال والهدايا وأن تعيش حياة مترفة، وبات راتبه لا يكفي، بل تراكمت عليه ديون لم يكن يخطط لها، ورغم كل هذا كانت تزيد الهم بامتناعها عنه والتقليل منه وإحباطه حتى يفعل ما تريد.

 

زادت طلباتها ولم يعد يتمكن من تلبيتها أمام الديون التي أصبحت تحاصره، يعيش في غرفة منعزلا عن باق المنزل، لا يخرج منها سوى للعمل أو لقضاء حاجته، لديه رغبات كرجل يتمنى لو أنها ماتت معه، تأبى كرامته أن ينحني من جديد.

 

 

فكر في الطلاق ولكن حتى تكاليف المؤخر كطوق يلف حول رقبته ويضيق يومًا بعد يوم، تحولت حياته لعمل روتيني، ثم تجول في الشارع حتى نهاية اليوم، ثم غرفة مغلقة في بيت بلا روح.

 

«مش في وقته»

 

«كنت فقدت الأمل أن تتحرك مشاعري وأحس بواحدة».. قال شريف في بداية كلامه، مستكملا: «مراتي مافيهاش غلطة بس مش عارف أحسها، بنت ناس وجميلة وبتشتغل في مكان محترم، اتجوزتها جواز صالونات بس مش عارف حتى أبصلها غير إنها زي أختي».

 

اقرأ للمحررة أيضًا| أزهريات في قلب الفاتيكان.. ملابس أنيقة ومعسكرات وقيادة السيارات

 

وفي باقي تفاصيل الحكاية، أوضح شريف أن الكثير يعتقد أن الرجال مثل البهائم، مجرد أن يغلق عليه باب مع فتاة لابد وأن يهتز داخليًا، ولكن الرجال لا يفعلون، مؤكدًا أنه حاول كثيرًا أن يرغم نفسه على التعامل مع زوجته كزوجة وباء الأمر بالفشل، حتى ملامسة يدها يشوبه البرود.

 

طلبت منه زوجته الإنجاب منه، ولكن خوفه من نيته على إنهاء الزواج كان دافعًا أكبر له لعدم الاقتراب منها وإخبارها بحجج مختلفة، وصدمته الأكبر عندما أثرت إعجابه زميلته في العمل، ليدق قلبه لأول مرة.

 

 

صارح زميلته وأخبرها بأنه يريد الزواج منها سرًا، لأنه لا يريد ظلم زوجته الحالية والتي ستتعرض لأذى نفسي كبير إن قام بطلاقها أو أخبرها أنه سيتزوج من أخرى ولكن رفضت.

 

ممزق بين قلبه وعقله، فقلبه يريد واحدة وعقله لا يريد ظلم أخرى، يعيش معها مثل أخيها، ينام منفصلا عنها ولم تعاتبه يومًا، ترضى منه بالقليل، وتقوم بكل واجبات المنزل على أكمل وجه على أمل أن يميل قلبه لها يومًا ما.

 

الانفصال السري لا يصح

 

أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، ومدير إدارة فتاوى الهاتف الدكتور محمود شلبي، أجاب عن حكم الانفصال السري قائلا إن هذه المسألة ترد في الاستفسارات بشكل متكرر، والإسلام يعرف الزواج بأنه الذي يبنى على المودة والرحمة وفيه تواصل وكل شيء.

 

هناك حالة يكون فيها نفور من الرجل أو من الزوجة وفيها يعجز أحد الطرفين عن إتمام العلاقة الزوجية مع الطرف الآخر، ويتفقا على أن يستمر زواجهما دون طلب طرف من الآخر هذا الأمر، ولكن النفقة موجودة والمسئولية والرعاية وكل متطلبات الزواج متواجدة.

 

 

اقرأ للمحررة أيضًا| من طبيب «إنستجرام».. تعويذة إلكترونية «قلبت جد»

 

ولكن هناك حالة كانت ترى الزواج على الورق فقط، وأمام الناس، أما في حقيقته كل طرف لا علاقة له بالآخر في أي شيء، منفصلان عن بعضهما في الحقوق الزوجية والمالية والمسئولية، وهذا كلام مرفوض.

 

 

ويقول الله سبحانه وتعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ}، كما يقول تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا}، الزواج لا يعرف الوقوف في المنتصف فهو إما زواج بما يرضي الله أو كل شخص يذهب لحاله، فمسألة أن يكون الزواج شكلي فقط ولا علاقة للزوج بزوجته من قريب أو بعيد بأي شكل من الأشكال فهذا ليس زواجًا.

 


 

الزواج لابد وأن يكون فيه مودة ورحمة، وفيه حقوق فيه نفقة وعلاقة زوجية وإنجاب وولاية وطاعة زوجية، فإن خلا من كل هذا فأين هو الزواج؟، ولا يجوز أن يستمر الأمر من أجل نفسية الأولاد لأنه ضد مصلحتهما، سيدمرهما عندما يجدوا أنه لا علاقة بين الأم والأب على الإطلاق، وهذا لا يصح والمقبول أن يكون هناك تنازل عن أثر من الآثار.

 

وكما ورد عن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، عندما تنازلت السيدة سودة رضي الله عنها عن حصتها في التقسيم، أي اليوم الخاص بها للسيدة عائشة رضي الله عنها، ولكن هذا ليس معناه أنها كانت في حالها وهو في حاله بل تنازلها عن هذه المسألة فقط، بل كانت الحياة الزوجية تسير بشكلها الطبيعي، فلا يجوز أن يفترق الزوجين ويصبح كل طرف في حياته بعيدًا عن الآخر، وهذا خطأ ضد مقصود الزواج.