أمنية

مبروك لقاضى الهروب

محمد سعد
محمد سعد

منذ يومين أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكمها للمرة الثانية على المتهمين فى قضية الهروب من سجن وادى النطرون، تلك الحادثة البشعة التى وقعت صباح 29 يناير عام 2011.
وأثناء مطالعتى القاضى خلال إصداره الحكم، عدت بالذاكرة إلى يوم 23 يونيو 2013، يومها اعتلى القاضى خالد محجوب منصة العدالة ليفاجئ الجميع أنه لم يصدر حكما على سجين هرب من سجن الإسماعيلية وقت الانفلات الأمنى .
فوجئ الجميع وبينهم عناصر التنظيم الإخوانى وكانوا لايزالون فى سدة الحكم بأن القاضى الشاب الذى لم يتجاوز عمره الـ 40 ربيعا يصدر قرارا بفتح التحقيق معهم عن تهم الهروب من السجون والتخابر مع عناصر أجنبية.
تذكرت تلك الأيام وكنت محررا قضائيا فى ذلك الوقت ومكلفا بتغطية القضية بحكم علاقة الصداقة التى تجمعنى بالقاضى منذ سنوات بعيدة، تلك الصداقة التى جعلتنى أجوب خلفه إلى أى محكمة عمل بها أو أى محافظة جلس على منصة قضائها.
تحركت صباح السبت 22 يونيو من الجريدة قاصدا الإسماعيلية بصحبة زميلى عمرو خليفة والمصور محمد نصر، وفور وصولنا توجهنا مباشرة إلى المحكمة التى تحولت إلى ثكنة عسكرية، وكانت المحكمة خصصت ذلك اليوم لسماع مرافعة النيابة، وكانت بحق مرافعة تاريخية ألقاها وكيل نيابة شاب لم يتخط عمره الثلاثين ولكن لا تسعفنى ذاكرتى أن أتذكر اسمه ولكننى متأكد أنها كانت من أكثر المرافعات التى عاصرتها تشويقا فقد كان ملقيها ملما بالأحداث وعالما فى القانون، وقد استغرق ما يقرب من النصف ساعة فى مرافعته، وحين انتهى طلب رئيس المحكمة من دفاع المتهم أن يترافع، فبادر الدفاع بابتسامة أعقبها بجملة واحدة: «أهل مكة ادرى بشعابها» فالنيابة العامة لم تترك لنا متسعا للدفاع عن المتهم.
ساد الصمت لبضع ثوان داخل القاعة ليكسر الصمت صوت القاضى محجوب ليفاجئ الجميع بحجز القضية للحكم فى اليوم التالى.
خرجت مع زملائى نبحث عن مكان لنبيت ليلتنا فى أى فندق بدلا من العودة للقاهرة ثم التوجه مرة أخرى إلى الإسماعيلية، وذهبنا فى رحلة بحث عن فندق رخيص الثمن بعد أن أوقعنا القاضى محجوب فى فخ المبيت بالاسماعيلية ولم يكن لدينا ما يكفى من المال لحجز غرفتين فى فندق.
طيلة الليل كنت أتحدث إلى صديقى أحاول بكل خبث أن اعرف أى شئ عن كواليس الغد دون جدوى حتى دب اليأس فى قلبى وغفوت بضع ساعات لأستيقظ فى الصباح متجها بصحبة الرفاق الى المحكمة .
وفى العاشرة من صباح 23 يونيو اعتلى محجوب منصة العدل من جديد ليعلن أن جماعة الإخوان مصدر كل بلية، دمروا الأمة بكثير من الجرائم والفتن، وروجوا ضلالات ودعايات، انخدع بها الكثيرون، وإنهم ليسوا أصحاب قضايا فكرية يدافعون عنها، أو مبادئ عقائدية يتمسكون بها، بل يسعون من خلال دعواتهم الباطلة إلى تسييس الدين، واتخاذه مطية لتحقيق مكاسب سياسية.
مسك الختام
هنيئا لقاضى الهروب.. لقد أيدت محكمة الجنايات وجهة نظره للمرة الثانية خلال ما يزيد على 6 سنوات وأن الإخوان متآمرون وضعوا أيديهم فى يد قوى الشر وتخابروا معهم ليخرجوا من السجون ويسطوا على البلاد.