محمد داود يكتب:  هل شقينا بالإسلام؟!

دكتور محمد داود
دكتور محمد داود

في سلسلة مقالات للدكتور محمد داوود أستاذ علم اللغة بجامعة قناة السويس، يسلط الضوء على قضية الإلحاد، من خلال الرد على تساؤلات وردت بالفعل، ننقلها لكم يوميًا.

 

عمل «داوود» في البداية على نشر هذه التساؤلات عبر صفحته على موقع «فيسبوك»، تحمل اسم «الملحدون يعترفون»، ثم أشار عَليه بعض أصحابه بسلسلة تجمع خلاصة هذه الحوارات في كتاب لتكون متاحة لمن لا زالوا يفضلون النسخة الورقية للكتاب على النسخة الإلكترونية.

 

وإلى اللقاء الجديد
عزيزى...
هل العرب كل أمة الإسلام؟
أولا: لسنا نحن العرب المسلمين كل الأمة.. هناك مناطق إسلامية مشرقة رأيتها بنفسى.. إندونيسيا.. ماليزيا.. وغيرهما.
وهناك أيضًا مجموعات إسلامية فى الغرب فى مواقع علمية متميزة..
أمة القرآن تضعف لكنها.. أبدًا لا ولن تموت.. تضعف فى حالِ بُعدِها عن هدى القرآن، وسرعان ما تُبعث فيها الحياة والحضارة حين تعود إلى القرآن.
ولا يمكن اختزال تاريخ أمة فى فترة من الفترات، لقد صنع هذا القرآن حضارة عظيمة علَّمت أوربا فى قرون جهالاتها فى العصور الوسطى، وكان على من يريد أن يتعلم العلم، كان عليه أن يتعلم اللغة العربية..
هل تخلفنا بسبب الإسلام؟
ثانيًا: إن تخلفنا لم يكن بسبب الإسلام، بل كان بسبب بعدنا عن الإسلام، وعدم اتباعنا لهدى الإسلام..
ـ  فالإسلام أمرنا أن نعمل، (وقل اعملوا)[التوبة: 105]، ولم نعمل!!
ـ  الإسلام أمرنا بالإتقان والجودة، (وأحسنوا) [البقرة: 195]، ولم نحسن!!
ـ   الإسلام أمرنا أن نتعاون، (وتعاونوا) [المائدة: 2]، ولم نفعل!!
ـ   أمرنا بالتنافس فى فعل الخيرات، (فاستبقوا الخيرات) [البقرة: 148]، ولم نفعل!!
 ـ أمرنا بأن نكون يدًا واحدة.. قوتنا فى وحدتنا.. (واعتصموا) [آل عمران: 103]، ولم نفعل!!
ـ  أمرنا أن يكون لنا مثل وكالة ناسا، (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق) [العنكبوت: 20]، ولم نفعل!!
ـ   أمرنا بالعلم (اقرأ) [العلق: 3]، وأمة (اقرأ) لا تقرأ!!
ـ  أمرنا بتحقيق الصلاحية فى أمر الدين والدنيا لنستحق الحياة الطيبة: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]. ولم نفعل، واقتصرنا فى معنى الصالحية على العبادات فقط، فهذا ينفق عشرات الآلاف فى عمرة تتكرر، أو فى حج يتكرر، ولا ينفق على بناء العقل المسلم فى المعامل والبحوث الجادة... إلخ.
أمرنا بإعمال العقل والتفكير العلمى؛ فاشتمل على (1260) ألف ومئتين وستين سؤالًا للعقل البشرى.. ولم نفعل!! بل كان منا الجمود العقلى، ولم ينشط العقل المسلم لإنتاج نموذج فكرى من القرآن والسنة يُظهر به هُويته الحضارية.
ـ  أمرنا القرآن وكذلك السنة النبوية إذا عَمَّ الفساد.. أن نبدأ الإصلاح ولا نيأس.. أن نبدأ بأنفسنا، {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [المائدة: 105]، ولم نفعل!! بل ووقعنا فى فخ التلاوم، كل يلقى بالمسؤولية على الآخر، وكذلك وقعنا فى فخ الحديث ببراءة الذمة، يعنى يجعل المتحدث نفسه بريئًا ويلقى باللائمة على الآخرين.
ـ   أمرنا القرآن أن نتبين ونتثبت أمام الشائعات والزيف... {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } [الحجرات: 6]، ولم نتبين، بل كان منا التسرع والاندفاع والتهور!!!
ـ   أمرنا القرآن بالتعاون لا الصدام والتناحر، {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2]، ولم نتعاون، بل قتلتنا الفردية والنرجسية فى الأعم الأغلب من شؤون حياتنا!!
ـ  الشيء الذى فعلناه هو أنه حينما نهانا الإسلام عن التفرق والتنازع، {وَلَا تَنَازَعُوا} [الأنفال: 46]، {وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103].. كان منا التنازع والفرقة!!
العيب فينا... فهلَّا بدأ كلٌّ منَّا بنفسه...
ويشهد التاريخ أن هذه الأمة (أمة الإسلام) فترات قوتها حين تقبل وتهتدى وتستجيب للقرآن، وأن فترات ضعفها حين تتخلى عن القرآن، وأنه سرعان ما تبعث فيها القوة والتمكين والسيادة حين تعود إلى قرآن ربها..
هذه الأمة كتب الله لها الخلود من لحظة ميلادها.. بنزول أول آية على قلب نبيِّها، فالقيمة والخلود لهذه الأمة التى ارتبط خلودها بخلود القرآن..  {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
ماذا ينبغى علينا أن نفعل؟
الذى ينبغى علينا الآن الثبات.. وأن نعلم أولادنا الدرس.. أملًا فى تحقق بشرى ووعد سيدنا رسول الله ﷺ بحسن العاقبة والنصر للإسلام.. وتحقق وعد ربنا فى قرآنه {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} [الإسراء: 8].
وكل ما يحدث هو شاهد صدق وحق على أن هذا الإسلام حق، والنبى حق.. وأن العاقبة ـ إن شاء الله تعالى ـ للمسلمين.. بعد أن يُذْهِب الله أجيال الخيبة والخسارة ويستبدل بهم أناسًا آخرين، لا يكونون أمثالنا فى التفريط والضعف والهوان..
أمة القرآن تضعف، لكنها لا ولن تموت؛ لارتباطها بخلود القرآن الكريم.

اقرأ أيضًا...

محمد داوود يكتب: هل يمكن أن توجد منظومة أخلاقية داخل مجتمع إلحادي؟

«داود» يكتب: «أنا والملحد».. اعترافات وحوار لم ينته

محمد داود يكتب: «أنا والملحد».. صمتًا الكون يشهد

«داود» يكتب «أنا والملحد»..هل الله يغوي خلقه لفعل الشر؟

محمد داود يكتب: لماذا يحاسبنا الله وقد كتب كل شىء؟