عاجل

«الطبري» حفظ القرآن في السابعة وكتب الحديث في التاسعة

الإمام الطبري
الإمام الطبري


«حفظت القرآن ولي سبع سنين، وصليت بالناس وأنا ابن ثماني سنين، وكتبت الحديث وأنا في التاسعة من عمري».. طفولة مختلفة عاشها الإمام الطبري.


بدأ التنبؤ لمستقبل «الطبري» بعد أن رآه والده في الحلم جالسا بين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام ويحمل سلة فيها حجارة كان يرمي بها، وعندما أخبر أحد المفسرين بهذه الرؤيا، قال له إن ابنه سيكون ناصحا في الدين، وذا شأن كبير.


وظل والده يروي له الحلم بشكل متكرر لتحفيزه على الاستزادة من العلوم، حتى أنه كان ينفق كل ما لديه من مال لتعليم ابنه على أيدي أمهر الشيوخ والعلماء في زمنه.


واشتهر الإمام الطبري - محمد بن جرير، بأنه لم يؤذ أحدا بلسانه قط، حتى إن أساء له، كما تحلى بحكمة كبيرة فكانوا يرجعون إليه في كل كبيرة وصغيرة، وكان لديه الكثير من العلم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، كما كان صائنا للسانه، فلم يؤذ أي أحد بكلامه، حتى إن أساء له، إذ كان يترفع عن الإجابة والرد، هذا وقد كان عفيف النفس عزيزا، لا يسأل أحدا حتى وإن ضاقت به الدنيا، هذا ويشار إلى أنه كان متواضعا ولم يتكبر يوما رغم مكانته الكبيرة، فعندما كان شخص يوجه إليه دعوة كان يلبيها، ولا يخذله، كما كان مسامحا يعفو عن الإساءة والأذى، وشجاعا لا يهاب قول الحق.


كان حافظا لكتاب الله، عارفا بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القران، عالما بالسنن وطرقها، وصحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الخالفين في الأحكام، ومسائل الحلال والحرام، عارفا بأيام الناس وأخبارهم.


ويذكر أن من بين المواقف الشهيرة للإمام الطبري مع تلامذته، أنه قال لأصحابه:


«أتنشطون لتفسير القران؟ قالوا: كم يكون قدره؟ فقال: ثلاثون ألف ورقة. فقالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة، ثم قال: هل تنشطون لتاريخ العالم من ادم إلى وقتنا هذا؟ قالوا: كم قدره؟ فذكر نحوا مما ذكره في التفسير. فأجابوه بمثل ذلك، فقال: إنا لله، ماتت الهمم، فاختصره في نحو ما اختصر التفسير».


وكان «الطبري» كثيرا ما يتعجب من استثقال تلامذته أو أصحابه الذين يستثقلون على أنفسهم أن يكتبوا التفسير في ثلاثين ألف ورقة، ويقولون هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه، فيختصره لهم في ثلاثة آلاف ورقة، وهذا يعني أن الإمام الطبري عنده من العلم في التفسير ما يملأ ثلاثين ألف ورقة، فلما وجد هؤلاء التلامذة أو هؤلاء الأصحاب غير نشطين اختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة.