وزير الأوقاف يكشف أسباب الإلحاد ومخاطره

وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة

أوضح الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن للإلحاد أسباب عديدة فكرية ونفسية وفلسفية ومجتمعية إضافة إلى غلو الجماعات المتطرفة.

وأضاف خلال مقاله الأسبوعي، أن هناك قوى معادية لديننا وأمتنا ومنطقتنا تعمل على دعم الجماعات الملحدة ونشر الفكر الإلحادي قصد هدم مجتمعاتنا من داخلها، بالإرهاب المصنوع تارة، والإلحاد الموجّه أو المموّل أخرى، وتارة عن طريق إثارة النعرات العرقية أو القبلية أو الطائفية أو المذهبية، وأخرى عن طريق بث الشائعات والأكاذيب.

وأشار إلى أن الإلحاد صار موجهًا ومسيَّـسًا ومصنوعًا وممولًا قصد الإسهام في إحداث حالات الفوضى والإرباك، إذ لم تعد كثير من الأمور في مجتمعاتنا عفوية أو طبيعية.

وأضحت مخططات الأعداء تستهدف كل جوانب حياتنا ومقوماتها، قائلا: «فمن وجدت فيه ميلًا إلى التدين حاولت جرّه نحو التشدد والإرهاب والتطرف، ومن وجدت فيه نفورًا من التدين حاولت جذبه أو استمالته نحو الإلحاد والأفكار الهدامة، ومن وجدت فيه بوادر عصبية دينية أو مذهبية أو قبلية أو عرقية عملت على تغذيتها فيه، مما يتطلب التوعية بمخاطر كل هذه الظواهر السلبية».

واستكمل وزير الأوقاف: «تهدف مخططات الأعداء لنشر الإلحاد المسيس أو الموجه الممول إلى نزع القيم الإيجابية من نفس الملحد، وبما يفرغه من الرقابة الذاتية الأصيلة، رقابة الضمير، ومراقبة خالق الكون والحياة، فلم يعد أمامه سوى القانون الذي يسعى إلى التفلت منه ما وسعه ذلك».

ولفت إلى أنه ثمة فرق كبير وبون شاسع بين حرية المعتقد وبين الاستهداف السياسي تحت مسمى حرية الاختيار، فحرية المعتقد مكفولة، والاستهداف الموجه قصد إثارة الفوضى وإسقاط الدول أو إضعافها أو تمزيقها من الداخل أمر لا يمكن أن يقبله أحد.

وتابع: «مع أن بنـاء الدول لا يقـوم على الضمائر وحدهـا ، إذ لا بد من قانون منظم نعمل على إقراره وإعلاء شأنه، مؤمنين وموقنين أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وأنه لا يجوز أن يُترك الناسُ فوضى بلا نظام ولا قانون حاكم، فإننا لنؤكد – أيضًا - أنه مع كل احترامنا لسيادة القانون وتأكيدنا على إعلاء رايته، وتعزيز مكانته، وترسيخ حكم القانون ودولة القانون، أن العمل على إيقاظ الضمائر وتعميق الحس الإيماني والخوف من الله، أمر لا غنى عنه لصلاح الفرد والمجتمع، إذ من الصعب أن نجعل لكل إنسان جنديًّا أو حارسًا يحرسه، ولكن من السهل أن نربي في كل إنسان ضميرًا حيًّا ينبض بالحق ويدفعه إليه، لأنه يراقبه من لا تأخذه سنة ولا نوم.

والذي لا شك فيه أن الإلحاد والخروج على منهج الله وفطرته التي فطر الناس عليها له مفاسد وشرور لا تُحصى ولا تُعدّ على الفرد والمجتمع والأمم والشعوب».

وذكر أن منها: اختلال القيم، وانتشار الجريمة , وتفكك الأسرة والمجتمع، والخواء الروحي، والاضطـراب النفسي، وتفشي ظواهـر خطيرة كالانتحار ، والشذوذ، والاكتئاب النفسي».

وأكد على أن السير في طريق الإلحاد والضلال مُدمّر لصاحبه، مُهلِك له في دنياه وآخرته، فواقع الملحدين مُرّ، مليء بالأمراض والعقد النفسي، حيث يقول الحق سبحانه: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى"، ويقول سبحانه : "وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ".

وأوضح أنه لا يمكن للعقوبات الدنيوية والأعراف والتقاليد وحدها مهما كانت دقتها أن تضبط حركة الإنسان في الكون، ما لم يكن لهذا الإنسان ارتباط وثيق بخالقه، فالتدين الحقيقي يعصم صاحبه من الزلل، لأنه يدرك أن أعماله تحصى عليه، وأنه سيقف بين يدي الله، الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، حيث يقول سبحانه : " وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ".

وقال إن غلو الجماعات الإرهابية المتطرفة قد أسهم في تغذية التطرف المضاد والصد عن دين الله، مما يتطلب من كل مخلص لدينه أن يكون قدوة بأفعاله قبل أقواله، وأن يجدد نيته لله، فلا بد من أن نجعل الإسلام واقعًا نعيش فيه ويعيش فينا، ونأخذ بكل أسباب الحضارة والرقي حتى نحقق الأنموذج الذي يجب أن يكون عليه المسلم الفاهم لدينه، الحريص على مرضاة ربه، القادر على مواجهة الحجة بالحجة والمنطق، واضعًا نصب عينيه قول الحق سبحانه: " إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "، إنما علينا البلاغ المبين إعذارًا إلى الله من أنفسنا في الدعوة إليه سبحانه بالحكمة والموعظة الحسنة.

وأنهى مقاله بقوله سبحانه : " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ".