عمرو الخياط يكتب: مدد يا آل البيت

عمرو الخياط
عمرو الخياط

‎بينما كنت جالسا في الصفوف الأولي أتابع أحداث المسرحية الرائعة «قواعد العشق الأربعون»‬ التي تجسد ثنائية العلاقة بين جلال الدين الرومي وشمس التبريزي، وسط هذه الحالة وجدت نفسي محلقا بوجداني في أعماق الحب المصري لآل البيت. 

‎في لحظة عشق لآل بيت الرسول الكريم وجدت روحي محلقة أعلي الجامع الأزهر المستمد رحيقه من شذا عبير فاطمة الزهراء.

‎أبت نفسي أن تغادر المكان قبل أن تتم زيارتها الروحية إلي المشهد الحسيني. 

‎ومن منطقة الجمالية إلي السيدة نفيسة طافت نفسي طريقا للمحبة المتجذرة في نفوس المصريين، عادت روحي إلي الجسد التواق لعشق آل البيت لأجد هذا الجسد يتمايل على أنغام وصلة المديح التي انطلقت علي خشبة المسرح «‬قمر سيدنا النبي قمر».

في عشق آل البيت يعيش المصريون حالة يومية ليست لها امتدادات سياسية أو مذهبية، بل عشق حقيقي يلتمسون منه أي أثر ممتد لقربي رسول الله.

‎سيرة ومسيرة آل البيت حولها المصريون إلي جزء أصيل من تراثهم الثقافي المدموغ بخاتم الشخصية المصرية الوسطية.

‎حالة حوار ووصال لا تنقطع بين المصريين وآل البيت، وبرغم ذلك لم تتحول مقاماتهم أو مزاراتهم إلي ثغرة مذهبية يمكن أن تستدرج المصريين إلي حالة طائفية بل احتفظت بحالتها الإنسانية كطاقة عشق إلي رسول الله وآله وصحبه.

الحالة المصرية تقول إن الرسول الذي لم يزر مصر قد وصلت أنواره المحمدية إلي قلوب المصريين كما لم تصل إلي أي مكان.

إذا كنت من المواظبين علي الزيارة ستكتشف أن حب آل البيت يجمع المصريين علي اختلاف طبقاتهم وثقافاتهم ومستويات تعليمهم، علي قاعدة العشق المصري لآل بيت الرسول صلي الله عليه وسلم تتحقق حالة من العدالة الإنسانية المتفردة.

حب المصريين لآل البيت هو إصرّار يومي علي إثبات وتوثيق حالة الحب المصري للنبي محمد وتجديد يومي لهذا العهد الذي لم ينقطع يوما عن قلوب المصريين.

‎علي أرض مصر ومنذ مئات السنين استقرت الجثامين الطاهرة الشريفة لعدد من أعلام آل البيت فتحولت مقاماتهم إلي قبلة للمحبة والعشق النبوي يمارسه المصريون يوميا في حب رسول الله.

بعد انتهاء العرض المسرحي علي خشبة مسرح السلام بشارع قصر العيني وجدت قدميّ تسوقاني إلي رحاب مسجد السيدة زينب حيث المقام الرفيع على بعد خطوات من خشبة المسرح.

‎ما إن وقفت أمام المقام الزينبي عادت إلي مسامعي ترانيم المديح النبوي التي انسابت لتعم المكان بأكمله من أعلى خشبة المسرح.

‎اكتشفت ساعتها أن المصريين ومع سبق الإصرار والترصد حولوا حب آل البيت إلي مقطوعات فنية وموسيقية قادرة علي أن تعيش آلاف السنين بأصوات النقشبندي والهلباوي وياسين التهامي.

حب المصريين لآل البيت ليس مشاعر مجردة بل حافظة وثائقية لهذه الحالة من العشق في ذاكرة التاريخ.

‎علي أرض مصر تحولت المزارات الشريفة إلي مصادر للعشق الإنساني بعدما ذابت علي عتباتها دعاوي البغضاء المذهبية والطائفية والحزبية.

‎حب المصريين لآل البيت دعوة للوحدة الإنسانية واختبار حقيقي لقدرة الإنسان على تجاوز دعاوي الفرقة.
 
على أرض مصر دفنت جثامين طاهرة لآل البيت فإذا بها تحيا من جديد بطاقة حب المصريين.