بالتفاصيل| تأثير اكتشافات الغاز بمنطقة شرق المتوسط إقليميا وعالميا

ارشيفية
ارشيفية

 

أصدرت منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول أوابك، دراسة حديثة حول الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، ومن ضمنها اكتشاف حقل ظهر، وحقول شمال الإسكندرية في البحر المتوسط، بعنوان "واقع آفاق الغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط".

تهدف الدراسة إلى استعراض اكتشافات الغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط خلال العقدين الماضيين، والتي تأتي في سياق متصل يبرهن على أن منطقة شرق المتوسط بمثابة مقاطعة غنية بالغاز.

تتطرق الدراسة إلى إمكانية تحويل منطقة شرق المتوسط إلى محور للطاقة يساهم في تلبية الطلب على الغاز على المستويين الإقليمي والدولي.

 

1. التعاون بين فلسطين والأردن في مجال الغاز

كانت الأردن محط أنظار الشركاء في حقلي " تمار" و"ليفياثان"، كسوق محتمل للغاز، وذلك بسبب توقف إمدادات الغاز الطبيعي من مصر عبر خط الغاز العربي منذ منتصف عام 2013، بالإضافة إلى حاجة الأردن الشديدة إلى استيراد الغاز لتلبية احتياجات عدة قطاعات، وبالأخص قطاع الكهرباء الذي تكبد خسائر فادحة بسبب فاتورة استيراد الوقود السائل ليحل محل الغاز المصري.

وفي هذا الصدد، وقعت شركة Noble Energy القائم بالعمليات بحقل "تمار" والمالكة لحصة 32.5% في  فبراير 2014، على اتفاقية مع شركة "البوتاس العربية" وشركة "برومين الأردن" لتصدير الغاز الطبيعي إلى الأردن من حقل "تمار" لمدة خمسة عشرة عاماً.

ونصت الاتفاقية على أن يتم تزويد تسهيلات الشركتين الواقعة بالقرب من البحر الميت بغاز " تمار" بداية من عام 2016، بكمية إجمالية 66 مليار قدم مكعب "1.8 مليار متر مكعب" بسعر 6.5 دولار/مليون وحدة حرارية بريطانية، وبدأت الأردن بالفعل في استقبال أولى دفعات الغاز من حقل " تمار" مطلع عام 2017.

وفي تطور آخر، نجح الشركاء في حقل "ليفياثان" "شركة Noble Energy، وشركة Delek" في إبرام اتفاقية نهائية مع شركة الكهرباء الوطنية الأردنية NEPCO في سبتمبر 2016، لتصدير الغاز من " ليفياثان" إلى الأردن لمدة خمسة عشرة عاماً.

 

ونصت الاتفاقية على أن يتم تصدير نحو 290 مليون قدم مكعب/اليوم خلال مدة الاتفاقية "إجمالي 1.6 تريليون قدم مكعب" بنظام الأخذ أو الدفع Take or Pay مقابل كمية محددة لم يتم الإفصاح عنها.

 

2. التعاون بين فلسطين المحتلة وجمهورية مصر العربية في مجال الغاز

كانت مصر محل أنظار الشركاء في المشروع المشترك لتطوير حقل "تمار" والمشروع المشترك لتطوير حقل "ليفياثان".

وتأتي أهمية مصر لسببين رئيسيين، أولهما أنها تملك محطات لإسالة الغاز في مدينتي دمياط وإدكو على ساحل البحر المتوسط، ومن ثم يمكن الاستفادة منها كوجهة لإعادة التصدير.

 أما السبب الثاني، فهو أن مصر سوق كبير للغاز، ويشهد نمواً سنوياً ملحوظاً في الطلب عليه، يفوق مستويات الإنتاج المحلي الذي تراجع بشكل حاد خلال الأعوام القليلة الماضية.

وفي هذا الصدد، نجحت الشركات المطورة لحقلي "تمار"، و"ليفياثان" في توقيع "مذكرتي تفاهم" مع الشركات الأوروبية المالكة لمحطات إسالة الغاز الطبيعي في مصر لتصدير الغاز إليها.

وستؤمن هذه الاتفاقيات حال تنفيذها بيع نحو 6.25 تريليون قدم مكعب/اليوم من احتياطيات الغاز في الحقلين.

 

 

ومن جانب السوق المحلي في مصر، فقد تم توقيع اتفاقيات نهائية بين شركة Noble Energy وشركائها، وشركة دولفينوس المصرية في فبراير 2018، تقضي بتصدير الغاز من حقلي "تمار"، و"ليفياثان" إلى شركات صناعية ومصانع بتروكيماويات ومحطات كهرباء بكمية إجمالية 1.15 تريليون قدم مكعب من كل حقل على حدة "أي بإجمالي 2.3 تريليون قدم مكعب". 

 

 

3. التعاون بين جمهورية مصر العربية وجمهورية قبرص في مجال الغاز

كانت مصر محط أنظار الشركاء في حقل "أفروديت" في قبرص، لعدة أسباب، منها قرب موقع "أفروديت" من موقع حقل " ظهر" ووجود بنية تحتية متاحة لدى مصر يمكن استغلالها لربط "أفروديت" بها.

وفي تفعيل لمذكرة التفاهم الموقعة بين مصر وقبرص، تم توقيع اتفاق حكومي في شهر سبتمبر 2018، لإنشاء خط أنابيب بحري مباشر لنقل الغاز من حقل "أفروديت" إلى تسهيلات الإسالة بمصر، وإعادة تصديره إلى الأسواق المختلفة.. إلا أن ذلك سيتطلب أيضاً توقيع اتفاق تجاري قبل البدء في نقل الغاز، وقد يستلزم الأمر توقيع اتفاقية استغلال مع الشركاء في حقل Ishai بفلسطين، حيث يعتقد أنه امتداد لحقل "أفروديت" القبرصي داخل المياه الاقتصادية لفلسطين المحتلة، وتقدر احتياطيات حقل Ishai من الغاز بنحو 0.25-0.31 تريليون قدم مكعب.

 

 

4. غاز شرق المتوسط كمصدر محتمل لإمدادات الغاز لأوروبا

لا شك أن منطقة شرق المتوسط منطقة واعدة على الخريطة العالمية للطاقة بفضل ما تحقق من اكتشافات كبيرة من الغاز، وما يتوقع أن تسفر عنه عمليات البحث الجارية.

 

 وأبدى الاتحاد الأوروبي اهتماما خاصاً لدراسة إمكانية الاستفادة من موارد الغاز في هذه المنطقة كمصدر إمدادات آخر يقلل من الاعتماد الكبير على الغاز الروسي.

 

 تمتلك المنطقة قدرات تصديرية من الغاز تصل إلى 2.9 مليار قدم مكعب/اليوم، وذلك وفق الاكتشافات الحالية وخطط التطوير الجاري تنفيذها، وقد ترتفع الكميات مستقبلا إلى أكثر من 5 مليار قدم مكعب/اليوم، كما يبين الشكل-10، في ضوء ما قد تسفر عنه أنشطة البحث الجارية في أكثر من 30 قطاعاً قبالة سواحل قبرص، ولبنان، ومصر، وفلسطين المحتلة.

وهذا الفائض يتماشى مع النمو المتوقع في زيادة واردات أوروبا من الغاز والمقدر بنحو 5 مليار قدم مكعب/اليوم.

 يتوقع أن يرتفع صافي الواردات من 28 مليار قدم مكعب/اليوم عام 2017 ليصل إلى 33 مليار قدم مكعب/اليوم بزيادة حوالي 5 مليار قدم مكعب/اليوم.

وفي المقابل سترتفع درجة اعتماد أوروبا على استيراد الغاز من 54-55% عام 2017 لتصل إلى قرابة 57% بحلول عام 2020، ثم إلى 67% بحلول عام 2035.

 

 

ولترجمة تحويل منطقة شرق المتوسط وتحديداً من قبرص، وفلسطين المحتلة، ومصر كمصدر محتمل يساهم في تلبية الاحتياجات المستقبلية لأوروبا من الغاز، فهناك عدة سيناريوهات مقترحة لاستغلال الموارد المكتشفة ومنها على سبيل المثال الاستيراد مباشرة من فلسطين المحتلة بواسطة ناقلات الغاز الطبيعي المسال، أو إنشاء خط أنابيب يربط فلسطين المحتلة بقبــرص ويمر عبر اليونان ومنها إلى أوروبا.

 

تصطدم أغلب السيناريوهات المقترحة في نهاية المطاف بعدة معوقات فنية أو اقتصادية تحول دون تنفيذها على المدى القريب أو المتوسط، وهو ما يستدعي البحث عن سيناريو يمكن تنفيذه على المدى القريب.

 

ويعد سيناريو استغلال مجمعات الإسالة المتاحة لدى مصر لتصدير غاز شرق المتوسط، السيناريو الأقرب إلى التنفيذ في المدى القريب أولاً بحكم أنها قائمة وغير مستغلة، وثانياً لموقعها الجغرافي المتميز الذي يتوسط حقول شرق المتوسط من ناحية، والأسواق الأوروبية من ناحية أخرى. 

كما أن مجمعات الإسالة قابلة للتوسع بإضافة وحدات جديدة بتكلفة أقل لكونها مشاريع قائمة بالفعل، حيث يمكن إضافة وحدة إسالة جديدة في مجمع دمياط، لتصل إجمالي الطاقة التصديرية للمجمع إلى قرابة 10 مليون طن/السنة "تكافئ 1.3 مليار قدم مكعب/ اليوم".

 

أما مجمع إدكو فيضم وحدتين فقط، وتسع أرض المجمع لست وحدات، أي يمكن أن تصل الطاقة التصديرية إلى 21.6 مليون طن/السنة "تكافئ 2.9 مليار قدم مكعب/اليوم"، وبالتالي يمكن أن تكون مصر مستقبلاً محوراً لتجميع وعبور غاز منطقة شرق المتوسط إلى أوروبا.

 

إلا أن الأمر سيظل مرهونا أيضاً بقدرة مصر على تطوير مواردها من الغاز الطبيعي، وما ستسفر عنه عمليات البحث الجارية في العديد من القطاعات البحرية التي فازت بها الشركات الأوروبية مثل Eni وBP وغيرهما، حيث قد تتحقق اكتشافات جديدة يمكن تطويرها، وتحقق فائض عن حاجة السوق المحلي يمكن تصديره عبر محطات الإسالة شبة المتوقفة.

 

ولا شك أن هذا هو الوضع الأفضل لمصر لأنه سيسهم في ضخ الاستثمارات الأجنبية مباشرة في قطاع البترول المصري بتنفيذ مشاريع تطويرية مستقبلية تساهم في دفع عجلة الإنتاج ودعم الاقتصاد، علاوة على تنافسية تصدير الغاز من مصر مباشرة لانخفاض التكلفة مقارنة بإعادة تصدير الغاز من قبرص أو فلسطين المحتلة "بعد إسالته"، في ضوء ضرورة استرداد التكاليف الرأسمالية التي سيتم انفاقها من قبل الشركات المطورة في إنشاء خطوط أنابيب لنقل الغاز إلى محطات الإسالة مصر، وتكاليف الإسالة ذاتها، وإعادة التصدير إلى الأسواق الأوروبية.

 

4. الخلاصة والاستنتاجات

أجرت الدول المطلة على منطقة شرق المتوسط منذ عقود عدة دراسات جيولوجية وجيوفيزيائية لتحديد وتقييم مواقع المكامن الجيولوجية المأمولة في شرق مياه المتوسط.

 

وتضم منطقة شرق المتوسط حوض "ليفانت" الرسوبي والذي يمتد على مساحة 83,000 كم2، ويبدأ من شمال مصر على طول الساحل الشرقي للبحر المتوسط، مروراً قبالة سواحل قطاع غزة، ولبنان، وسوريا، وقبرص حتى يصل إلى تركيا، كما تضم حوض "دلتا النيل" الذي يمتد القسم الأكبر منه أسفل المياه المصرية، وهو يمتد على مساحة شاسعة تبلغ نحو 250,000 كم2.

واستعانت دول شرق المتوسط بكبريات الشركات العالمية المتخصصة في جمع وتفسير بيانات المسح السيزمي ثنائي وثلاثي الأبعاد مستخدمة أحدث التقنيات المتوفرة في هذا المجال لتقييم جيولوجيا المنطقة، والتي أسفرت نتائجها عن وجود هيكليات وطبقات جيولوجية واضحة المعالم قد تشكل مكامن محتملة للنفط والغاز.

 

وبالرغم من الصعوبات الفنية التي واجهت عمليات البحث والاستكشاف في المنطقة، استطاعت شركات البترول العالمية مثل BP، وEni تحقيق عدة اكتشافات كبرى للغاز مثل "تمار"، "ليفياثان"، "أفروديت"، "ظهر"، "أتول" ، التي تأتي في سياق متصل يبرهن على أن شرق المتوسط بمثابة مقاطعة غنية بالغاز، إلا أن الوقت لا يزال مبكراً جداَ لاكتشاف ثروات منطقة شرق المتوسط بشكل كامل.

في ضوء الاكتشافات الغازية التي تم تحقيقها في منطقة شرق المتوسط، قامت بعض دول المنطقة بالإسراع بتطوير هذه الاكتشافات، للاستفادة من إنتاج الغاز في تلبية احتياجات السوق المحلي، ولتصدير الفائض لتحقيق عائدات تغطي تكاليف الاستثمار، وتحقق الفائدة الاقتصادية.

 

بينما لم يتمكن البعض الآخر من تطوير اكتشافات الغاز حتى الآن، بسبب بعض العقبات الفنية والاقتصادية.

ويعد العائق الأساسي للاستثمار هو كيفية تسويق إنتاج الغاز على المستوى المحلى أو الإقليمي، خاصة أن مشاريع تطوير حقول الغاز الواقعة في المياه العميقة والعميقة جداً تتطلب استثمارات باهظة، وبالتالي لابد من إبرام اتفاقيات مسبقة لضمان بيع الغاز المزمع إنتاجه لتحقيق عائدات تغطي تكاليف الاستثمار، وتحقق الفائدة الاقتصادية.

 

وتعد مصر أكبر سوق للطاقة بشكل عام في المنطقة، وتشهد نمواً سنوياً مستمراً في الطلب عليها، وهو ما يحفز ويشجع على الاستثمار في مواردها النفطية والغازية لتلبية احتياجات السوق المحلي من موارد الطاقة.

نجحت مصر في تعظيم القيمة المضافة من الاكتشافات الغازية التي بدأت وتيرتها تتسارع منذ عام 2000، بتنفيذ مشاريع لتصدير الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى الدول المجاورة، وبإنشاء محطات لإسالة الغاز في مدينتي إدكو ودمياط على ساحل البحر المتوسط.

وجاء اكتشاف "ظهر" وغيره من الاكتشافات الحديثة التي جاءت ثمار عمليات البحث في البحر المتوسط في السنوات الأخيرة كان له أثراً إيجابياً، حيث تبنت مصر استراتيجية طموحة تقضي بالإسراع في تطوير هذه الاكتشافات ودخولها على الإنتاج في أقرب وقت ممكن، بغية الاكتفاء الذاتي مجدداً قبل عام 2020.

 

 

أما في فلسطين، فقد كان لتطوير اكتشافات الغاز دوراً فعالاً في رفع الإنتاج المحلي لتلبية احتياجات قطاع الكهرباء لتعويض النقص الناتج عن توقف إمدادات الغاز التي كانت تأتي من مصر. ويلبي إنتاج الغاز من "تمار" الذي تم تشغيله عام 2013، أكثر من 90% من الطلب المحلي على الغاز.

 

 

وفي قبرص، وبالرغم من أنشطة البحث المكثفة عن الغاز، وما أسفرت عنه من اكتشافات، فلم يبدأ بعد تطوير أي منها، إلا أنها تسعى نحو استغلال هذه الموارد في أغراض التصدير سواء عبر خطوط الأنابيب أو عبر الإسالة والتصدير إلى مختلف الأسواق العالمية.

بينما دخلت لبنان، مؤخراً في نادي الطاقة مطلع عام 2018 بعد منح تراخيص البحث والإنتاج في منطقتين بحريتين، ويتوقع أن تلعب أية اكتشافات غازية مستقبلية دوراً هاماً في تلبية احتياجات السوق المحلي المعتمد كلياً في الوقت الراهن على استيراد النفط، مما يكبد خزينة الدولة المليارات من الدولارات سنوياً.

 

 

أما سوريا، وبسبب الأوضاع التي تمر بها البلاد، لم يتحقق حتى الآن أية اكتشافات غازية قبالة السواحل السورية، بالإضافة إلى توقف أنشطة شركة Soyuzneftegaz الروسية التي حصلت على عقد الاستكشاف والإنتاج في المنطقة البحرية منذ نهاية عام 2015.

 

في سياق آخر، كانت الأردن محط أنظار الشركات المطورة لاكتشافات الغاز في شرق المتوسط، كسوق محتمل للغاز، وذلك بسبب توقف إمدادات الغاز الطبيعي من مصر عبر خط الغاز العربي منذ منتصف عام 2013، بالإضافة إلى حاجة الأردن الشديدة إلى استيراد الغاز لتلبية احتياجات عدة قطاعات، وبالأخص قطاع الكهرباء الذي تكبد خسائر فادحة بسبب فاتورة استيراد الوقود السائل ليحل محل الغاز المصري. وقد أسفر ذلك عن توقيع الأردن عدة اتفاقيات لاستيراد الغاز من هذه الاكتشافات.

كما كانت مصر أيضاً، وبالرغم من ما حققته من اكتشافات ضمن نطاق مياهها الاقتصادية الخالصة، محل أنظار الشركات القائمة بعمليات الاستكشاف والتطوير في المناطق الاقتصادية الخالصة لباقي دول شرق المتوسط، لأنها تملك محطات لإسالة الغاز وغير مستغلة، ومن ثم يمكن الاستفادة منها كوجهة لإعادة التصدير، ولأنها تشهد طلب محلي على الغاز يفوق الإنتاج. وقد أسفر ذلك عن توقيع عدة اتفاقيات لتصدير الغاز.

كما يعد السوق الأوروبي "وجهة مثالية" لصادرات الغاز المحتملة من منطقة شرق المتوسط، وذلك لموقعه القريب من المنطقة من ناحية، ولحاجة أوروبا إلى تنويع مصادر إمداداتها من الغاز من ناحية أخرى بما يحقق أمنها الطاقوي.

 

حيث تعد روسيا المصدر الرئيسي لإمدادات الغاز إلى أوروبا بحصة تصل إلى 33% من إجمالي الطلب، ومن المتوقع أن تزيد درجة اعتماد أوروبا على واردات الغاز مستقبلا بسبب تراجع إنتاج الحقول الواقعة في بحر الشمال. وهنا تكمن أهمية شرق المتوسط كمصدر محتمل يساهم في تلبية احتياجات أوروبا المستقبلية من الغاز.

 

لذا فإن بزوغ نجم منطقة شرق المتوسط كمنطقة غنية بالغاز، وتسارع الدول المطلة عليها نحو تنمية الاكتشافات الحديثة بشكل متكامل بينهم، وتحقيق اكتشافات جديدة كبيرة على مقياس عالمي يمكن تطويرها في المستقبل، قد يسهم بشكل فعال في تحويل شرق المتوسط إلى مصدر محتمل يمد أوروبا بالغاز على المدى الطويل.

فالمنطقة تملك قدرات تصديرية تصل إلى 2.9 مليار قدم مكعب/ اليوم، وذلك وفق الاكتشافات الحالية وخطط التطوير الجاري تنفيذها، وقد ترتفع الكميات مستقبلا إلى أكثر من 5 مليار قدم مكعب/اليوم في ضوء ما قد تسفر أنشطة البحث الجارية في أكثر من 30 قطاعاً قبالة سواحل قبرص، ولبنان، ومصر وفلسطين المحتلة.

وهذا الفائض يتماشى مع النمو المتوقع في زيادة واردات أوروبا من الغاز مستقبلاً والمقدر بنحو 5 مليار قدم مكعب/اليوم.

 

ولترجمة تحويل منطقة شرق المتوسط كمصدر محتمل يساهم في تلبية الاحتياجات المستقبلية لأوروبا من الغاز، فهناك عدة سيناريوهات مقترحة لاستغلال الموارد المكتشفة، لكن بعضها لا يزال يواجه بعض الصعوبات الفنية والاقتصادية، ومنها الاستيراد مباشرة من فلسطين المحتلة بواسطة ناقلات الغاز الطبيعي المسال.

 

 

أو إنشاء خط أنابيب يربط فلسطين المحتلة بقبــرص ويمر عبر اليونــــان ومنها إلى أوروبا وهو مقترح يدعمه الاتحاد الأوروبي. كما يمكن استغلال البنية الأساسية المتاحة لدى مصر وغير مستغلة بشكل كامل لتجميع ونقل غاز شرق المتوسط إلى أوروبا، وهو الأقرب إلى التنفيذ على المدى القصير.