عاجل

العلامة الوطنية «٢ »

هبة عبدالعزيز 
هبة عبدالعزيز 

كنا قد توقفنا في مقالنا السابق عند فكرة كيفية صياغة العلامة الوطنية للدولة، وقبل أن نبدأ في التحدث عن ذلك تعالوا بنا في البداية نستعرض ســويــا المـكـونـات الـثـلاثـة الأساسية لعملية صياغة العلامة الوطنية لأي دولة بشكل عام، وهي: الإستراتيجية، والجوهر، والرمز.

فالإستراتيجية مثلا: يجب أن تجيب هنا على عدد من التساؤلات الهامة مثل: أين موضعنا وسط الأمم؟ أين نقف من السباق الحضاري؟ إلى أين نريد أن نصل؟ ما الوسائل التي يجب أن نتبعها للوصول إلـى الـهـدف أو مـجـمـوعـة أهـدافـنـا المـنـشـودة؟ ومـا هي الأشـيـاء التي تعيق صياغة أو تحقيق مـا نـريـده من أهـــداف، كـصـعـوبـة تحـديـد هــدف إستراتيجي قابل للتنفيذ مثلا؟.
وإذا انـتـقـلـنـا إلــى الـنـقـطـة الـثـانـيـة والمـتـمـثـلـة في الجوهر: فإن هذا الجوهر يجب أن يشير تحديدا إلى وضع أو اختيار برنامج تنفيذي يشمل صورا مختلفة لسياسات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتعليمية؛ هــذا الـبـرنـامـج هـو الـذى سـيـقـوم فيما بـعـد بتحويل الإسـتـراتـيـجـيـة التي تحـدثـنـا عـنـهـا مـنـذ قـلـيـل إلـى خطوات واقعية ملموسة.
أن نطلق عليه (الوقود التحفيزي)، وهذا الرمز يمكن وأخيرا، نأتي للرمز: وهو الجانب المعنوي،أو كما يمكن أن يتجسد في عـدة صـور مثل اسـتـخـدام: الـشـعـارات، الرموز، والإعلانات، كما يمكن بالطبع اللجوء - أيضا- إلـى اسـتـخـدام وإدخــال الـوسـائـل الفنية، وهـى الأكثر ولـكـن الأمــر أكـبـر وأعـمـق وأوســع بكثير مـن مجرد إلهاما وتأثيرا. 
التوقف عند المكونات، فصناعة العلامة الوطنية للدول تعد من العمليات الشديدة الصعوبة والتعقيد نظرا لتشابك وتـداخـل المفاهيم وأيضا لوجود العديد من الاشكاليات الخاصة بمفهومها أو تعريفها في حد ذاته، وسنتجاوز تلك النقطة الآن وربمـا نعود إليها لاحقا عندما نتحدث عن التخطيط والتنفيذ الاستراتيجي لعملية صياغة العلامة الوطنية للدولة.
وأنا أبحث أيضا وجدت أن هناك مؤشرا يمكننا من قياس العلامة الوطنية للدولة يدعى "أنهولت، نسبة إلى الدبلوماسي البريطاني "سيمون أنهولت" والذي عمل لدى ما يقرب من ٢٠ حكومة ومركزا بحثيا، وهذا المؤشر يهتم بقياس ستة عوامل أساسية وهى: الشعب، الثقافة والمـوروثـات، السياحة، الاستثمار، الصادرات، الحوكمة (أو الحاكمية وهى عملية تدعيم مراقبة نشاط المؤسسات ومتابعة مستوى أداء القائمين عليها). 
ولـعـل هـذا المـؤشـر يعد مـن أهـم المـؤشـرات الواسعة الانتشار في هذا المجال، ففي عام٢٠١٦م كان قد وصل عـدد الـدول التي اهتم بقياسها إلى ٧٥ دولـة تقريبا، وفى ٢٠١٥مكانت قد جاءت أمريكا في المركز الأول، كما احتلت ألمانيا المركز الثاني، تلتها بريطانيا، ثم كندا، وفرنسا في المركز الخامس، واليابان في المركز السابع.
وأمـــا عــن آلــيــة عــمــل هـــذا المــؤشــر فـتـتـمـثـل في استجواب ما يقرب من ٢٠ ألف شخص مما تتراوح أعــمــارهــم بــين ١٨الــــى ٥٠ حـــول الــعــوامــل الـسـتـة أو المجالات التي ذكرتها سابقا. ولحديثنا بقية نستكمله في المقال القادم بإذن الله..