حكايات| القاهرة التاريخية تمتلئ بها.. كيف تحولت الأحجار الفرعونية لمساجد؟

 القاهرة التاريخية تمتلئ  بالأحجار الفرعونية لمساجد
القاهرة التاريخية تمتلئ بالأحجار الفرعونية لمساجد

على مدار السنوات الماضية، ضاعف عدد غير محدود من الأثريين أعمال بحثهم عن تفاصيل مباني القاهرة التاريخية، والتي تبين لهم أنها أعيد بنائها بقطع حجرية من الآثار الفرعونية والقبطية القديمة، ويرتبط هذا التوجه تحديدًا بالعصرين المملوكي والعثماني، والقليل منها يرجع إلى عصر أسرة محمد على نفسها.

 

ومع إعادة توظيف العناصر الفرعونية في عماﺌر إسلامية أخرى، تنوعت هـﺫه العناصر ما بين أعمدة رخامية ونافورات رخامية وأحواض رخامية، وأبواب خشبية وأحجار، وخلال العصر العثماني احتضنت القاهرة سوقًا نشطة في مجال بيع أنقاض المباني القديمة.

 

وليس هناك مثال مميز على هذه السياسية أكثر من عتبة خانقاه بيبرس الجاشنكير بالجمالية، والتي تعد جزءًا من معبد فرعوني، وفي المنطقة نفسها هناك عتبة وكالة الأمير قوصون التي تعتبر جزء أيضًا من معبد فرعوني، ويضم مسجد الناصر محمد في القلعة أعمدة روماني وفرعوني، حتى أن الأمر نفسه يمتد إلى الجامع الأزهر نفسه.

 

«إخناتون».. ضحية قديمة

 

الدكتور مجدي شاكر - الباحث الأثري – قدم تفسيرًا واضحًا لـ«بوابة أخبار اليوم» عن فكرة ظهور أحجار فرعونية وقبطية في كثير من مباني القاهرة التاريخية، ومنها المساجد والجوامع، موضحًا أن مبدأ إعادة استخدام العناصر المعمارية الأثرية في فترات لاحقة كان أمرًا متاحًا إما لتهدم مبنى قديم نتيجة كارثة أو هجره أو حتى لاعتبار صاحبه شخص خارج الإطار الديني.

 

 

اقرأ حكاية خرى: قصة مصريين تزلجوا على الرمال قبل 80 عاما

 

وضرب «شاكر» مثالا على حديثه، مؤكدًا أن آثار «إخناتون» تعرضت للتدمير، بعد أن اعتبروه «مهرطق»، قبل أن يتم إعادة استخدامها في حشو صرح «حورمحب» بالكرنك، كما لم يجد رمسيس الثاني حرجًا في أخذ كثير من هذه العناصر والتماثيل ونسبها لنفسه، وأشهر نموذج لوحة النصر، المكتوب على أحد أوجهها نصوص لأمنحتب الثالث، وعلى الوجه الآخر تم الكتابة في عهد مرينبتاح.

 

وهناك كثير من العناصر تم أخذها من معبد الرمسيوم الخاص برمسيس الثاني لتستعمل في معبد مدنية هابو لرمسيس الثالث، واستمرت هذه العادة في العصر اليوناني الروماني؛ حيث أخذوا كثير من العناصر من المسلات والأعمدة لتزيين روما والإسكندرية، بحسب «شاكر».

 

تفكيك أهرامات كاملة

 

 وعندما دخلت المسيحية مصر تحولت كثير من المعابد المصرية القديمة والمقابر لكنائس، كما أخذت كثير من العناصر المعمارية من المعابد الفرعونية والرومانية، واستعملت في الكنائس كالأعمدة وغيرها، واستمرت هذه العادة في العصر الإسلامي أيضًا.

 

وبحسب «شاكر» فإن بقايا المعابد أخذت، بل الأكثر من  ذلك فإن أهرامات ومعابد كاملة تم تفكيكها لاستعمالها في بناء  المساجد والأسبلة والخنقاوات، وبزيارة لشارع المعز والقاهرة التاريخية يمكن الوقوف على كثير من الأحجار بنقوشها الفرعونية مأخوذة من المعابد والمقابر الفرعونية.

 

اقرأ حكاية أخرى : شوارع مصر بأسماء «الاحتلال»

 

ونظرًا لقربها من المواقع السكنية كانت مدنية المطرية، الأكثر تضررًا؛ حيث فككت كثير من معابدها ومقابرها وأعيد استعمالها في المباني والمنشآت، وترى كثير من الأعمدة والأحجار داخل المساجد وغيرها، وهناك بحث كامل للدكتور حسن عبد الوهاب بعنوان الآثار المنقولة والمنتحلة في العمارة الإسلامية، وفقًا لـ«شاكر».

 

وهناك عتبة وكالة الأمير قوصون من معبد فرعوني، وفي مسجد الناصر محمد في القلعة كثير من الأعمدة الفرعونية وعتبة مسجد خانقاة بيبرس الجاشنكير بها نقوش فرعونية وحتى الجامع الأزهر نفسه في رواق الشوام بعض الأعمدة عليها صلبان.

 

واستمر ذلك حتى أن محمد على فكك كثير من الأهرامات الصغيرة لاستخدامها في المباني حتى أنه قرر تفكيك الهرم الأكبر نفسه لبناء القناطر الخيرية ولكنهم تراجعوا التكلفة العالية للنقل، وهناك مأمور الواحات الذي دمر معبد كامل لبناء منزله وهناك واجهات منازل أقيمت من أحجار فرعونية، والنموذج الصارخ مصانع السكر في كوم أمبو وإسنا أحجار أخذت من معابد فرعونية.