جبال شاهقة تحتضن أحد أعظم وأقدم الأديرة في العالم.. مجرد رؤيتها يصيبك بمجموعة من المشاعر المختلفة ما بين الفخر بالانتماء لبلد تضم هذا المكان التاريخي النادر، والتعجب من قدرة الخالق عز وجل الذي أبدع ما تراه عيناك. جبل موسى، نسبة لنبي الله موسى، الذي كلم ربه أعلاه، وتلقي الوصايا العشر به، وفقاً للديانات اليهودية والمسيحية والإسلام، والمعروف باسم طور سيناء يقع في محافظة جنوب سيناء، ويبلغ ارتفاعه نحو 2439 متراً فوق سطح البحر. النظر من أعلى قمة ذلك الجبل يمكنك من رؤية مشاهد جميلة لسلسلة الجبال المحيطة به، خاصة في فترتي شروق وغروب الشمس، بالقرب من جبل سانت كاترين، والذي يوجد به دير سانت كاترين، المحاط بمجموعة من قمم الجبال. "بوابة أخباراليوم".. تصحبكم في سطور التقرير التالي إلى رحلة وسط الصخور وبين الممرات الجبلية الوعرة، حيث المتعة والمخاطرة، لنرصد فيها روعة المناظر الطبيعية وقمة الإعجاز الآلهي في التكوين والإبهار.                                                              (جبل كليم الله) الجبل المبارك، من أفضل جبال الأرض عند الله، وذكر في القرآن كما تم ذكر سيناء لإنه يقع فيها، فقد قال عنه الله (وطور سينين وهذا البلد الآمين). ويعد جبل موسى، من أهم المزارات السياحية الدينية الموجودة بجنوب سيناء، وكذا دير سانت كاترين، فزيارة هذه الأماكن مقدسة لكل سائح مسلم كان أو مسيحي. ويعتبر الجبل، من أهم المزارات الدينية بمصر، حيث يبلغ ارتفاعه حوالي 2439 متر أي حوالي 7363 قدم عن مستوى سطح البحر، وهو من أهم المزارات الدينية التي توجد في جنوب سيناء هذا إلى جانب دير سانت كاترين أيضا بالمنطقة. الجبل يتقدمه وادي كبير يقع بداخلة دير سانت كاترين، وهذا الوادي يعرف باسم الوادي المقدس، والذي يذكر عنه أيضاً أنه المكان الذي ورد عليه سيدنا موسى ورؤيته للنار ثم بعد ذلك قصه المناجاة كما ورد في القرآن الكريم. يمكنك الوصول لقمة جبل موسى في ساعتين تقريباً، وتتم عملية الصعود من خلال طريقين رئيسيين هما طريق الرهبان، وهو طريق قديم للصعود لقمة جبل موسى، ويقع خلف السور الجنوبي للدير، وقد قام رهبان دير كاترين بعمل هذا الطريق من درجات السلم الحجرية والتي يذكر أنها تصل إلى حوالي أكثر من 3500- 3700 درجة وهذا الطريق أكثر صعوبة في الصعود ولكنه أكثر سهولة في النزول من على قمة الجبل ويمر هذا الطريق بكنيسة العذراء ثم قناطر اسطفانوس التي كان يجلس عندها قديما أحد الرهبان لتلقى الاعترافات من الزوار والدعاء لهم بالتوبة. أما الطريق الثاني فهو طريق عباس باشا أو طريق الجمال، والذي كان قد أمر بتمهيده الخديوى عباس حلمى الأول في القرن التاسع عشر الميلادي، ويعرف باسم طريق عباس، ولكن التسمية الأكثر شيوعاً هي طريق الجمال، حيث يستطيع الفرد أن يستقل أحد الجمال لكي تساعده في الوصول إلى قمة جبل موسى، ويبدأ طريق عباس أو طريق الجمال من جانب السور الشرقي لدير كاترين، ويسير لولبيا بارتفاع حتى يصل إلى منطقة فرش النبي إيليا ومنها إلى قمة جبل موسى، ويمر هذا الطريق بعدد من الاستراحات أو الكافيتريات التي يمكن للزائر أن يمكث بها قليلاً للاستراحة والتزود بالطعام والشراب أثناء صعود ونزول الجبل.                                                              (فرش إيليا) الآن، قد وصلت إلى منطقة تسمى فرش إيليا، وهو المكان الذي تشرف فيه السبعون شيخا بأن يكونوا شركاء في طعام العهد ورؤية الإعلان الإلهي. وتعرف تلك المنطقة، باسم النبي إيليا، وبها مجموعة من أشجار السرو العالية، وبعض أشجار النبق، وبئر مياه يقال بأنه بئر موسى، إلى جانب وجود أطلال المحجر القديم الذي كانت أحجار كنيسة الإمبراطور جستنيان على قمة جبل موسى، إلى جانب وجود العديد من أطلال القلايات التي ترجع إلى القرون الأولى من المسيحية، وعدد من الكنائس الصغيرة التي نراها متفرقة في كافة أنحاء هذه المنطقة. بعد أن تترك منطقة فرش إيليا، تصل إلى درجات سلم حجرية تؤدى مباشرة إلى قمة جبل موسى وعدد درجات السلم هذه يصل إلى أكثر من 750 درجة، وتعرف باسم درجات التوبة، ثم بعد ذلك وقبل الوصول إلى القمة بحوالي خمسين متراً تقريباً، وإلى جهة اليمين يوجد أحد الآثار الطبيعية في الصخر، وهو عبارة عن بصمة طبيعية لخف جمل وهذا الأثر يعرف باسم آثر الناقة الذي يعتقد فيه البدو، وبجوار هذا الأثر الطبيعي توجد مجموعة من الاستراحات لخدمة زوار الجبل حيث تزودهم بكافة احتياجاتهم، وخاصة الماء والطعام ووسائل الحماية من البرد الشديد وخاصة في فصل الشتاء.                                                         (القديسة كاثرين) يقع دير سانت كاترين في جنوب سيناء أسفل جبل كاترين، وهو من أعلى الجبال في مصر، ويقال أن هذا الدير يعتبر أقدم دير في العالم، وقد تم بناءة فعليا بين أعوام 527 م و 565 ميلاديا، بناء على طلب من الإمبراطورة "هيلين" ليحوى رفات القديسة كاترين التي كانت تعيش بالإسكندرية، ويعتبر هذا الدير معتزل يديره مجموعة من رهبان الكنيسة اليونانية الأرثوذوكسية، وهم لا يتكلمون العربية لأنهم ليسو مصريين أو عرب. والقديسة كاثرين، كما يقول التاريخ كانت ابنة حاكم الإسكندرية في هذا الوقت، ولكنها أمنت بالله وامتلأ قلبها بالإيمان في بداية العصر المسيحي دون بقية أسرتها، وقد حاول والدها إسرافها عن هذا الدين بشتى الطرق، إلى أن أضطر إلى تعذيبها، وذلك بعد فشل جميع محاولاته إلى أن ماتت نتيجة لهذا التعذيب، ويقال أن الملائكة حملت جثمانها واختفت به بعد وفاتها، ووجد رفات جثمانها بعد 500 عام على قمة الجبل الذي أطلق عليه بعد ذالك جبل كاترين، ولكن هناك رهبان يقولون أنها ذهبت إلى هذا المكان بعد أن تعذبت إلى أن ماتت هناك، وإنها اختارت هذا المكان لقربه من جبل موسى والشجرة المعلقة. ولهذا الدير قيمة أثرية كبيرة، فهو من أهم المناطق السياحية الدينية، ويحتوى على كنيسة تاريخية قديمة بها مجموعة نادرة من الهدايا والمتعلقات، ويمثل هذا الدير قطعة من الفن التاريخي، فهناك الفسيفساء العربية والأيقونات الروسية واليونانية واللوحات الجدارية الزيتية والنقش على الشمع، كما يحتوي هذا الدير على مكتبة للمخطوطات، يقال عنها أنها اكبر ثاني مكتبات المخطوطات بعد الفاتيكان، ويحتوي أيضا على برج أثري مميز، يضم العديد من الأجراس وإلى جانب رفات الفدية كاترين يوجد أيضاً رفات جميع الرهبان الذين عاشوا وخدموا في هذا الدير، ويطلق على هذا المكان "المعضمة" وهى تحتوى على جماجم وعظام هؤلاء الرهبان، وذلك لتكريمهم وللعظة، ونجد أيضا هناك هيكل عظمي لأحد الكهنة الذي مات وهو يتعبد علي الجبل ويلزم على من يزور هذا المكان الاحتشام لأنه مكان مقدس. وللدير مدخل وحيد وهو باب صغير على ارتفاع 30 قدم، صمم لحماية الدير من الغرباء، إما الآن فهناك باب صغير أسفل سور الدير. وهناك مسجد صغير في هذا الدير قام أحد حكام مصر ببناءة، ويقال عن هذا أنه نوع من أنواع السيطرة الإسلامية على هذا الدير، ولكن في رأى البعض يعتبر هذا تسامح الأديان فمصر بلد الأمن والأمان وبلد التسامح بين الأديان، لا فرق بين مسلم و مسيحي، ويعتبر هذا الدير من أكثر المناطق السياحية الدينية لعظمته وشموخه، ويبلغ ارتفاع سور هذا الدير من 40 لـ200 قدم.                                                        (زيارة سنوية) التقينا بمجموعة من السائحين لمتواجدين بالجبل، فقالت ليديا، سائحة روسية الجنسية: "استمتعت كثيراً بزيارة جبل موسى ودير سانت كاترين، واستفدت كثيراً بحصولي على كل هذه المعلومات عن هذا المكان خصوصاً أنني لم أكن أعرفها من قبل وسعدت أيضاً بمعاملة المصريين الجميلة لنا في كل مكان نقوم بزيارته". وقال جريج، سائح ألماني الجنسية: "أنا آتي إلى مدينة شرم الشيخ في كل أجازاتي لعدة أسباب أولها أن درجة الحرارة لدينا تحت الصفر، ثانياً جو هذه المنطقة الجميل، وثالثاً وهذا هو الأهم زيارة الأماكن الجميلة مثل جبل موسى، ودير سانت كاترين، والاستمتاع الكبير الذي أحصل عليه عند زيارة تلك الأماكن الجميلة". أما عن المصريين الذين يقومون بزيارة هذه المناطق، كان بينهم عزيز أحمد، وزوجت، ويتعدى سنهم الـ60 عاماً، جاءوا في رحلة استجمام وراحة، ويقول عزيز: "من الجميل زيارة هذه الأماكن خصوصاً أنها موجودة في بلدنا ولم نزرها من قبل واكتساب كل تلك المعلومات الجميلة عن هذا المكان". محمد علي، شاب مصري، أكد أنه يحب الاستكشافات الجديدة وله روح المغامرة وجاء إلى هذه الأماكن لحبه في رؤيتها هو وأصدقائه وقال: "استمتعت كثيراً أنا وأصدقائي، وحصلنا على كم كبير من السرور لإنني كنت أتمنى أن آتى إلى هنا وأخيراً حققت هدفي".