حكايات| خريطة البراكين في مصر.. أسرار من الفيوم وأبو زعبل

أحد البراكين النشطة - أرشيفية
أحد البراكين النشطة - أرشيفية

لا مستحيل أمام «الطبيعة»، وكالموت تفاجئ البراكين والزلازل شعوبًا بحمم تبتلع قرى ومدن بأهلها؛ لكن دولا متقدمة بدأت في تخطي هذه الأزمات عبر بوابة التكنولوجيا لتتنبأ بمستقبل خريطة الزلازل والبراكين، ومن هنا يأتي السؤال: هل مصر معرضة لبراكين قريبًا؟  

 

قبل شهرين، تداولت تقارير عالمية دراسة جديدة تتحدث عن أن مصر القديمة تعرضت للاختفاء جزئيًا، خلال فترة من الزمن؛ بسبب الأعمال الناجمة عن التغيرات المناخية والبراكين. 

 

وقدمت الدراسة بحثًا عن أن جفافًا وكوارث طبيعية أثرت على مصر القديمة، لفترة من الزمن، وضغطت على اقتصادها وقدرتها على مكافحة الحروب، بحسب ما نشرته صحيفة «الإندبندنت» الإنجليزية حينها.

 

براكين خامدة

 

باحثو هذه الدراسة، استندوا إلى بيانات متنوعة لعلم المناخ الحديث، ووصف بعض الكتب المدرسية القديمة لاستكشاف انفجارات بركانية كبيرة ضربت تدفق نهر النيل، وحدت من ارتفاع فيضانات الصيف التي اعتمد عليها المصريون للزراعة، وهو ما أدى بدوره إلى الجفاف والمجاعة التي أدت في نهاية المطاف إلى اضطرابات وتغيرات في السياسة والاقتصاد.

 

اقرأ حكاية أخرى| «صلع» المصريات..  احذرن «البروتين»

 

وفي دراستها لعدة مناطق شرق أبو زعبل بالقليوبية، وعلى رأسها «عرب الصوالحة»، قبل سنوات، كشفت «الدكتورة عزة عبدالله - أستاذ علم شكل الأرض (الجيومورفولوجيا)» عن أن هذه البقعة تعاني تربتها من آثار بركان خامد خلف صخور البازلت.

 

بقايا بركان السويس

 

وبنفس الوتيرة، أعلنت وزارة الآثار، يناير 2016، أنها اكتشفت غربي قناة السويس بقايا بركان «سان تورين»، الذي ضرب البحر المتوسط، كان سببا في أول تسونامي يشهده التاريخ.

 

حينها، تحدث وزير الآثار سابقًا، ممدوح الدماطي، عن أن بركان سان تورين مثل أول كارثة بيئية بالبحر المتوسط، وتم اكتشاف بقاياه بمنطقة تل دفنة على بعد 11 كيلومترًا شمال غربي محافظة الإسماعيلية، وكشف ذلك بقايا البركان في موقع تل دفنة، خصوصًا أن موجات مد عاتية ناتجة عن الـ«تسونامي» المقصود أغرقت السواحل الشمالية لمصر.

 

أقرأ حكاية أخرى| «شيشنجية مصر».. سر تحويل التراب إلى ذهب

الأبعد من ذلك، ما توصل إليه اثنان من علماء المعهد الشرقي لجامعة شيكاغو، والذين تحدثا عن أن الإمبراطورية الفرعونية التي انطلقت مع «أحمس» كانت بفضل بركان ضرب مصر، خلال حكم الهكسوس لها، عام 1550 قبل الميلاد، أدى إلى تدمير موانئهم وفقدان السيطرة على البحر المتوسط. 

 

خريطة قديمة للبراكين

 

«الدكتور عبد العال عطية – الجيولوجي والخبير في الثروة المعدنية» لا يخفي أن هناك خريطة للفوهات البركانية المتواجدة في مختلف المناطق بمصر؛ إلا أنه شدد على أن هذه الفوهات لم تنشط على مدار آلاف وربما ملايين السنوات.

 

وقال «عطية»: «الطفوح البركانية الموجودة بالفعل في بعض المواقع بمصر، وأشهرها أبو زعبل وصعيد مصر (تٌعرف بالتركيبات الحلقية)، لا تعني أبدًا أن مصر دخلت في منطقة الحزام البركاني، وكل الشواهد العلمية الحالية لا تشير إلى أي نشاط بركاني حاليًا أو مستقبلا».

 

اقرأ حكاية أخرى| أسرار مملكة «النعام».. الذكر يرقد على البيض

 

لكن الخبير الجيولوجي أكد في الوقت نفسه أن مصر تقع بالفعل داخل الحزام الزلزالي، وتحديدًا منطقتي «خليج العقبة وخليج السويس»، ويمتد التأثير إلى شمال سيناء والصعيد ومواقع أخرى، لافتًا إلى أن ما يُعرف بـ«القوس السوري» للزلازل، يضم مواقع أخرى معرضة للزلازل كالمنطقتين الواقعتين شمال مرسى علم والسد العالي. 

 

خريطة من الجنوب للشمال

 

منذ مئات الملايين من السنين، لعبت البراكين دورًا مميزًا بعد قذفها حممها وغبارها البركاني ليغطي مساحات واسعة جدا من سطح الكرة الأرضية منذ أكثر من 400 مليون سنة مكونة صخور الـTuff وصخور البريشيا البركانية، والتي أصبحت نتيجة أحداث تالية صخورا بركانية متحولة. 

وعن خريطتها في مصر، هناك أمثلة كثيرة في الصحراء الشرقية من جنوب القصير حتى الحدود الجنوبية، وجنوب سيناء،  وأيضًا في مثلث جبل العوينات بين مصر وليبيا والسودان، ولم ينقطع الفوران والثورات البركانية على أرض مصر ولكنها ظهرت في العصر الحديث منذ عصر الأوليجوسين (10 - 5 ملايين سنة) على هيئة طفوح من أمثلتها: (بازلت أبو زعبل، وبازلت منطقة أبو رواش، وصخور بازلت مدينة 6 أكتوبر، وبازلت جبل قطراني بالفيوم)، وهناك بعض الطفوح البركانية البازلتية في الصحراء الشرقية، وتحديدًا منطقة الشرم القبلي على ساحل البحر الأحمر جنوب القصير وبقايا بركان قديم في منتصف وادي قنا عثر عليه عام 1968.

 

اقرأ حكاية أخرى| أسرار الألباستر.. أحجار مصرية تتحدث بالأنوار ليلا

 

وتمتد الخريطة نفسها لتشمل شرق القاهرة الحالية؛ حيث كان بركان ديتبو الذي يمثله الآن قمة الجبل الأحمر (الجبل الأخضر)، والذي خمد ولم يثر منذ ذلك التاريخ ولا تزال فتحته البركانية باقية حتى اليوم، وبنيت حولها مؤخرا مساكن شعبية يراها الناظر من بعد.

 

أما أثر البركان القديم وهو من أبخرة السيليكا والحديد التي أثرت في الرمال القديمة فإنه يعزى إليه اللون الأحمر لكل المنطقة والتي اقتطع منها المصري القديم رمز الشمس بلونها الأحمر المميز علامة على التوهج «هليوبوليس» (وتمت تسميته بالجبل الأخضر من قبل شركة المقاولين العرب) كما كان يقتطع منه أحجار طحن الغلال والطواحين الحجرية القديمة والرحى المنزلية، وكل ذلك يعود إلى عصر الأوليجوسين (5 ملايين سنة).