التداول الإلكترونى .. عمالقة أسواق المال يستعدون للدخول

صورة موضوعية
صورة موضوعية

يقع المستثمر فى حيرة بالغة حين يرى الثورة العالمية الكبرى المتمثلة فى سوق جديد لفت الأنظار وفتح الباب امام استثمارات من نوع جديد فى مجال العملات الرقمية المشفرة .

فبعد فيض من الاسئلة شغلت بال المستثمرين العرب حول ما هو تداول الفوركس ، وما دار من نقاش طويل حول الأحكام الشرعية لهذا النوع من التداول والتى قطعت بتوافقها مع الشريعة الاسلامية وقامت الشركات حينها بتعديل بعض سياستها لتقدم للمستثمر العربى حسابات تداول إسلامية ،  حاول البعض ان يحصل على فتوى مماثلة حول الاستثمار فى العملات الرقمية المشفرة لكن الحقيقة انه وحتى الان لم تصدر فتوى قاطعة واحدة من أى مركز إسلامى كبير .

وهو ما يصب فى صالح المستثمرين الذين اقتحموا هذا المجال بالفعل ، فعدم صدور فتوى بتحريمه يصبح بالتبعية إجازة لهذا النوع من الاستثمار .

انتظار الفتوى والكفة ترجح قبول العملات الرقمية

فالاهتمام العالمي الكبير بالبيتكوين والإثيريوم واللايتكوين والريبل وغيرهم من العملات المشفرة إلى منطقة الخليج وجنوب شرق آسيا المركزين الرئيسين للتمويل الإسلامي. جعل الأمر صعبا فى إبداء الرأى لكونه ليس من السهل التوفيق بين تلك العملات والإسلام لكونها من منتجات الهندسة المالية وموضع مضاربة. فمبادئ الشريعة تركز إلى جانب تحريم الفائدة على النشاط الاقتصادي الحقيقي القائم على أصول ملموسة وتحرم المضاربة بالأموال ، واطلق ذلك نقاشاً بين علماء الدين الإسلامي عما إذا كانت العملات الرقمية حلالاً.

وتسعى شركات العملات المشفرة للتأثير في هذا النقاش الدائر بإطلاق أدوات قائمة على أصول ملموسة وتحظى بموافقة علماء الدين على سلامتها.

لكن لا ينكر الجميع ان هناك ثمة قدراً من الاتفاق ظهر على المستوى العالمي أن العملات الرقمية شكل من أشكال المال وهو ما يمثل خطوة صوب قبولها ، غير أن علماء الشريعة لم يحسموا الرأي حتى الآن فيما إذا كانت العملات الرقمية عملات فعلياً. وهذا مهم لدفع الزكاة وللمواريث.

البعض رد على مزاعم خطورة التداول على العملات الرقمية برد حاسم ، ان كل أنواع التجارة تحمل نسبة من المخاطر ، وعلم التاجر بتلك المخاطر مسبقا وقبوله لها يجعل التداول هنا لا غبار عليه من الناحية الفقهية والدينية ، فحتى أسعار الذهب وأسعار النفط الخام تخضع لتقلبات يومية ، وشهد العالم فترات تقلبت فيها اسعار المعدن الثمين والخام الأسود بشكل كبير وسط مخاوف بإندلاع حروب او حتى خوفا من انخفاض عملات عالمية مثل الدولار واليورو ، وحينها لم يذكر أحدا ان المضاربة على الذهب والنفط تحمل شبهة التحريم .

استمرارية السوق ودخول المليارديرات الكبار

الامر الاخر الذى يشغل بال المستثمرين العرب ، هو مدى استمرارية مثل هذا السوق ، وهو الخبر الذى أصبح يتصدر الأخبار الإقتصادية العالمية اليومية ، وسط أراء متضاربة من الخبراء الماليين ، ولكن حتى تلك الأراء تسقط فى فخ المصالح ، فالبعض يعمل فى مجالات ليس من صالحها ابدا بقاء العملات الرقمية على الساحة وبالتالى كانت اراءه تشاؤمية بشكل كبير ، فيما افرط البعض فى التفاؤل حول مستقبل واتجاهات العملات الرقمية خاصة بعد الانتعاش الكبير والطفرة الكبرى التى حدثت فى اول ديسمبر 2017 وبلغت فيه عملات مثل البيتكوين سقف الـ 20 الف دولار وصعدت الايثريوم الى حدود الـ 1380 دولار .

وبين تلك الأراء المتعارضة تبرز عوامل اخرى تكشف لنا حقيقة الأمر تمثلت فى بدء دخول الكبار الى هذا السوق بعد ان رصدوه لفترة ليست بقليلة ورأوا ان استمراريته أصبحت واقعا لا يقبل الجدال .

فمنذ أياما قليلة كشفت بلومبرج أن صندوق عائلة الملياردير "جورج سورس" الذي يدير أصولا مالية بقيمة 26 مليار دولار يعتزم الاستثمار في العملات الرقمية المشفرة، وذلك على الرغم من أن الملياردير الأمريكي قد قام في يناير الماضي بتشبيه تلك العملات بالفقاعة.

وأشارت مصادر وكالة الأنباء الأمريكية إلى أن "آدم فيشر" المشرف على الاستثمار في صندوق "سورس فاند مانجمنت" في "نيويورك" قد تحصل خلال الأسابيع الماضية على موافقة لتداول هذه العملات الرقمية.

وفى نفس الوقت أكد البعض ان عددا من مليارديرات العالم قد دخلوا الى السوق بالفعل دون الإفصاح عن ذلك علنا انتظارا لنتائج أعمالهم وخوفا من اندفاع الكثير من صغار المستثمرين خلفهم بما يخلق نوعا من الفوضى الغير مطلوبة .

بينما دعا خبير اقتصادي ألماني بارز الدول العربية والأوروبية إلى إصدار عملات رقمية خاصة بها كعملة رسمية للدفع؛ لتسهيل التحويلات المالية، وإبعاد المستثمرين عن مخاطر عملات أخرى على غرار بيتكوين وأخواتها.