تيريزا ماي .. ودرس «توني بلير» في الأذهان بعد العدوان على سوريا

صورة مجمعة
صورة مجمعة

من دون مقدمات، متخطيةً برلمان بلادها، أقحمت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، قواتها الجوية في عمليةٍ عسكريةٍ مشتركةٍ مع حلفائها في الولايات المتحدة وفرنسا، قصفت العاصمة السورية دمشق وعدة مناطق حولها، متذرعين بمزاعم الهجوم الكيميائي على مدينة دوما من قبل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي تتنصل منه حكومة الأسد.

تلك المزاعم غير المؤكدة، حذت من قبل برئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، الاشتراك مع القوات الأمريكية، إبان حقبة جورج دبليو بوش، في الحرب على العراق بدءًا من مارس عام 2003، بدعوى ضلوع نظام الرئيس العراقي آنذاك، صدام حسين، في تطوير الأسلحة الكيميائية، وامتلاكه أسلحة دمار شامل يستخدمها ضد شعبه.

توني بلير أقر في يوليو عام 2016 بخطئه حينما اتخذ قرارًا بمشاركة القوات الأمريكية خلال تلك الحرب، وقال حينها " فى بداية 2002 كان لدينا معلومات بشأن وجود أسلحة دمار شامل في العراق، وبالرغم من ذلك كان هناك انقسام في بلدنا تجاه الحرب، ولكن أشعر بإخلاص على نحو لا يمكن للكلمات أن تعبر عنه لمعاناة أولئك الذين فقدوا أحباءهم في العراق والعراقيين أنفسهم، فقد أردنا تحرير العراق من شرور صدام حسين، لكن الأمة العراقية تحولت إلى ضحية نتيجة الانقسامات الطائفية".

محاكاة ما فعله بلير

ولكن يبدو أن تيريزا ماي لم تعي الدرس جيدًا هذه المرة، فسارت على نهج توني بلير، الذي تأسف على القيام به، بالمشاركة في العدوان على دمشق السورية، فما أشبه هذا العدوان بمثيله في الأراضي العراقية قبل خمسة عشر عامًا!

عاصفة من الهجوم شنتها المعارضة البريطانية على رئيسة الوزراء بعد إقدامها على خطوة مشاركة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في العدوان على الأراضي السورية رفقة فرنسا أيضًا.

هجوم المعارضة على ماي

زعيم حزب العمال البريطاني، جيرمي كوربن، وبخ تيريزا ماي على إقدامها على المشاركة في الضربات الجوية بسوريا، من دون الرجوع إلى البرلمان، قائلًا "هذا العمل المشكوك فيه من الناحية القانونية يهدد بزيادة التصعيد في النزاع المدمر، وتيريزا ماي كان عليها أن تسعى للحصول على موافقة البرلمان لا أن تلحق بركب دونالد ترامب".

وطالب كوربن ماي بتقديم تطميناتٍ بعدم شن أي هجماتٍ مستقبليةٍ في سوريا، قائلًا " القنابل لن تنقذ الأرواح ولن تجلب السلام".

وبدوره، نحى زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي، فنس كيبل، باللائمة على ماي، متهمًا إياها، بالسير في ركب الرئيس الأمريكي ترامب، الذي وصفع بالغريب الأطوار، قائلًا إن ذلك يظهر حكومة ضعيفة تضع المنفعة السياسية قبل الديمقراطية تقوض مكانة بريطانيا في العالم، حسب رأيه.

إلا أن زعيمة الحزب الديمقراطي الوحدوي، أرلين فوستر، شريكة حزب رئيسة الوزراء البريطانية في الحكم، صرحت بأنها تحدثت مع ماي، وأن الضربات كانت محدودة وغير مفرطة و اعتبرتها مبررة.

مشاركة القوات البريطانية نظيرتيها الأمريكية والفرنسية في العدوان على سوريا سيجعل من تيريزا ماي في نظر معارضيها في بريطانيا كتوني بلير حينما أتبع جورج بوش آنذاك، وقال بعدها أن إقحامه القوات البريطانية في حرب العراق كان بنيةٍ حسنةٍ، لكن هذا لم يعفه من الإدانة السياسية في البلاد.