الوسيم.. و«الدلوعة»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

اعتدل الشاب الوسيم في جلسته بأحد المحال التجارية، عندما وقعت عيناه على فتاة أحلامه، وهي تسير بخطوات يشوبها وقار، وثقة بالنفس، يتدلى شعرها البني المائل للصفرة فوق كتفيها، وتنساب بعض من خصله متمردة فوق خديها، وعيناها الحوروان تنافسن عيون المها تسُر ناظريها.

 

ارتسمت فوق جبينه أحلام، وأصبح في صدره شيطان لا ينام، تأجج الحب في قلبه، وانساب في عروقة كما ينساب جدول من المياه، وأفسح لعقله طريقا للعواطف، فابتسامتها تحمل براءة الأطفال وتخفي وراءها صدق وتمرد.

 

جحظت عيناه تجاهها وكأنها تجذبه إليها بخيط غير مرئي يمنع رأسه من الالتفاف بعيدا عنها، تراود مخيلته ثياب العرس والفرح وهو يمتطي حصانه الأبيض معتقدا بأنه فارس أحلامها أيضا، وتطايرت الكلمات سابحة في بحر من الأحلام.

 

انتفض من فوق مقعده، وتوجه إليها، وبأدب شديد اعتذر عن تصرفه واقتحامه خلوتها، وقبل أن يكمل حديثه، علت وجهه الابتسامة وخفق قلبه من شدة الفرح عندما فوجئ بأحد أصدقائه يقترب منهما وقدم التعارف فيما بينهما حيث الفتاة تربطها صلة قرابة بزوجته.

 

دون تردد، طلب منه تحديد ميعاد لمقابلة عائلتها لرغبته الشديدة في الزواج منها، وبالفعل وافقت الفتاة وتمت الخطبة التي لم تستمر سوى شهر واحد، بقلب يهفو إليها، ونفس تحن للقائها، ولم يكن يعلم بأنه سيخلع ثوب الفرح، ويبدله بثياب الحزن والأسى.

 

اكتشف الرجل بعد الزواج أن زوجته «دلوعة»، فشخصيتها تتسم بالعناد، والأنانية، والاستهتار، وعدم القدرة على تحمل المسئولية، لم تهتم بواجبات الزوجية، وتقضي معظم أوقاتها في التحدث مع صديقاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن رفضها الدائم لفكرة الإنجاب، ورغبته الشديدة في أن يكون له ابنا أو ابنة، أوهمته بأنها ضعيفة الجسد كما أخبرها الطبيب، وأن في الحمل خطر شديد على حياتها.

 

وكانت الطامة الكبرى، عندما ذهب الزوج للطبيب في محاولة لمعرفة الحقيقة، حيث أبلغه بأنها تتمتع بصحة جيدة، وأجهضت نفسها في بداية الحمل ونجح في إنقاذ حياتها، لكن لا يوجد أي مانع من أن تنجب.

 

وبعينين طافحتين شرا واجهها الزوج بحقيقة أمرها وكذبها وادعاءها بالكذب، وأنها «دلوعة» والديها، فانفجرت كالبركان قائلة: «أنا وبصراحة شديدة ليس لدي أي استعداد في أن أتحمل مسئولية تربية أطفال، ولم أضحي برشاقة جسدي، وقوامي الممشوق، وأصبح كالدب، وكل ذلك لأنك تريد أن تصبح أبا».

 

اتسعت عيناه ذهولا، وانعقد لسانه عن الكلام، بعدما أيقن أنه لا محالة أو بصيص أمل في إعادة العلاقة بينهما لمسارها الطبيعي، خاصة بعدما تدخلت عائلتها لفض المشادة في محاولة لإعادة الهدوء إلى عش الزوجية، مؤكدين أنها بالفعل «دلوعة»، فلم يكن منه إلا أن توجه إلى محكمة الأسرة، وأقام دعوى نشوز لعدم إطاعة الزوج، والامتناع عن القيام بحقوق الزوجية، ومنعها حقه في الإنجاب.