المعز لدين الله الفاطمي.. 33 أثراً إسلاميًا تزين «الشارع الأعظم»

شارع المعز لدين الله الفاطمي
شارع المعز لدين الله الفاطمي

•    منارات الحاكم بأمر الله.. الأقدم في مصر
•    سوق «العنبريين» شاهداً على حقبة المنصور قلاوون حتى الآن
•    جامع الغوري.. تحفة تاريخية تملأ النفس بالروعة والجمال
•    «الخانقاوات» أماكن الانقطاع والتعبد للصوفية
•    «وكالة هدي باشا» تحتاج «مهمة إنقاذ» من الآثار

فور أن تطأ قدماك شارع «المعز لدين الله الفاطمي»، تتنسم عبق التاريخ الرحيب، فهناك عاشت وقامت ممالك، وانتهت أخرى، إلا أن أثاره الباقية خلدت أهم وأبرز الحقب التاريخية في ستة عصور في تاريخ المحروسة، بدءًا من الدولة الفاطمية مرورًا بالدولة الأيوبية والمملوكية وحتى العصر العثماني، والتي تكشف للأجيال المتعاقبة رسائل وحكايات وطبائع هذا الزمن الجميل.

 

«33 أثرًا إسلاميًا»

يرجع تاريخ «الشارع الأعظم» الذي يمتد على مساحة أكثر من 1000 متر، ويضم بين جنباته 33 أثرًا إسلاميًا، لفترة الدولة الفاطمية.. حيث سمي نسبة إلى المعز لدين الله الفاطمي، وهو أول الخلفاء الفاطميين في مصر، الذي حكم مصر بين عامي 953 و975، وأرسل قائده العسكري، جوهر الصقلي، للاستيلاء على مصر من العباسيين، فدخلها ليؤسس مدينة القاهرة قرب مدينة الفسطاط ، لتكون أول عاصمة لمصر بعد دخول الإسلام إليها.

«الحاكم بأمر الله» 

بمجرد أن تجتاز باب الفتوح يطالعك جامع «الحاكم بأمر الله» والذي أنشأه الخليفة العزيز بالله سنة 990م، وأكمل بناءه ابنه الحاكم بأمر الله، وافتتحه للصلاة سنة 403هـ، 1012م، وتعتبر منارتاه من أقدم المنارات في مصر، وقد حفلتا بالزخارف والكتابات الكوفية، أما قمتهما فقد أمر بعملهما الأمير بيبرس الجاشنكير سنة 703هـ، 1303م، عند إصلاحه للجامع عقب زلزال سنة 1302م.

«الأشرف برسباي»

يقع مسجد «الأشرف برسباي» بأول شارع الأشرفية، وأنشأه الملك الأشرف برسباى سنة 829 هـ 1425م، وهي السنة التي فتح فيها قبرص، وانتهز تلك المناسبة وعلق خوذة ملكها على باب المدرسة تذكارًا لهذا النصر.

وما زال السوق حول المسجد محتفظًا بتجارته، فسوق «العنبريين» الذي أنشأه المنصور قلاوون سنة 1280م، ما زال موجودًا بجوار الجامع والمنطقة حوله عامرة بحوانيت العطارين وباعة العطور، كما أن سوق العنبريين يتصل به تجار الأقمشة الصوفية والجوخ.

«جامع الغوري»
على رأس شارع الغوري يقع جامع الغوري، والذي أنشئ سنة 1504م، ولا شك في أن هذا الجامع تحفة عصره، فقد اعتنى به عناية بالغة كما أفرط في زخرفته إفراطًا أخرجه من وقار المساجد إلى بهرجة القاعات، وأنشأ قبالته مدرسة وسبيلا وكتابا اتفقوا مع المسجد طولا وعرضا وزخرفة، فهيأ لمن يعبر بينهما فرصة المتعة بفن يملأ النفس روعة وجلالاً.

«مسجد المؤيد»

يقع في نهاية شارع المعز مسجد «المؤيد»، والذي يعد فخر المساجد المنشأة في دولة المماليك الجراكسة، فقد أمر ببنائه الملك المؤيد شيخ المحمودي، حيث شرع في بنائه سنة 1415م، وإلى أن توفي سنة 1451م. 

ولم تكن قباب المساجد أُكملت فدفن تحت القبة البحرية وهي قبة حجرية شاهقة الارتفاع مزخرف سطحها بنقوش دالية.

«الرَبع الثقافي»

وبالولوج إلى قلب الشارع، تجولنا في الربع الثقافي، وأكد حارس الربع، أن هذا المبني تأسس من خلال جمعية أصدقاء البيئة والتنمية، موضحًا أنه كان بيتا غير أثري تعيش فيه أكثر من 30 عائلة من أهالي المنطقة، كل عائلة في غرفة، إلا أنه بمرور الوقت انهار، وهنا قررت الجمعية إعادة بنائه كمركز ثقافي وتم بنائه على الطراز القديم عام 2006 .

وعن الأنشطة، كشف حارس الربع انه يتضمن كل الأنشطة الثقافية من بيع كتب ولوحات فنية، وكذلك حلقات شعرية، إضافة إلى وجود «كافيه» و«قاعدة عربية» للرواد، موضحًا أن الدخول مجاني، ويزيد الإقبال يومي الخميس والجمعة.

«نشاط تربوي» 
ورصدت «بوابة أخبار اليوم» وجود حضانة داخل الربع، وبسؤال المعلمة، قالت: «الربع تابع لجمعية أهلية، ودا نشاط تربوي».

 

«وكالة أبا زرعة.. مول مصر القديمة»

تتبع الوكالة - التي أنشأها التاجر محمد أبا زرعة، في العهد المملوكي لاستضافة تجار الشام فيها، باعتبارها فندق التجار- وزارة الآثار حاليًا.

وكشف أحد المسئولين عنها، أن الوكالة كانت تستضيف تجار البن وجوز الهند والمحاصيل من مصر والشام، مؤكدا أن الدور الأول بها يستخدم لتخزين محاصيل التجار، والدور الثاني غرف إقامة.

وتابع: «الوكالة تفتح أبوابها للزوار طوال أيام الأسبوع، بقيمة 5 جنيهات للمصري وجنيه للطلبة، و40 جنيها للزائر الأجنبي، و20 جنيها للطالب الأجنبي».

ورصدت عدسة «بوابة أخبار اليوم» جمال الوكالة، وزيارة أسرة أجنبية مكونة من زوج وزوجة وابنة للوكالة، بعد قطع تذكرة الدخول، كما ارتسمت البسمة على وجوهم خلال الخروج من باب الوكالة.

«تسامح ديني»

ويضم الشارع التاريخي عدد من المساجد التي تعبر عن التسامح الديني، حيث كان يدرس بها المذاهب الأربعة بجانب المستشفيات، أو«البيمارستان» حيث كان يعالج المريض ويصرف له الدواء والغذاء والملبس ثم يخرج ومعه ما يبدأ به عمله من جديد كل ذلك بالمجان.
«الخانقاوات»
«الخانقاوات» مبان أخرى يحويها الشارع التاريخي، وهي أماكن للانقطاع والتعبد للصوفية وكان يصرف لهم الغذاء وتحولت الكلمة «للخانكة» عند العامة، بجانب الأسبلة ليروي عطش المارة، إضافة إلى كتاتيب لتعليم القرآن والقراءة والكتابة للأطفال.

«بيت السحيمي»
«بيت السحيمي وقصر بشتاك والمنظرة أو المندرة»، مبان أثرية يتميز بها هذا الشارع التاريخي، وكان يجلس فيها السلطان ليمتع عينه ببحر الخليج عند فتح السد أو استعراض الجيوش.

ويشتهر الشارع التاريخي بكل أنواع الحرف مثل شارع السيوفية لصناعة السيوف، والسروحية لصناعة تجهيزات الخيول، والخيامية لصناعة الخيام، بجانب أسواق النحاسين والفحامين والعطارين.

ورغم كل الشهرة التي يحظى بها شارع المعز لدين الله الفاطمي بالقاهرة التاريخية، إلا أن هذا الكنز الأثري والمتحف المفتوح، مازالت بعض كنوزه في انتظار التطوير والتجميل.

«وكالة هدي باشا.. حريق بفعل فاعل»

في وكالة هدي باشا، الوضع لا يسر أبدًا، حيث رصدت «بوابة أخبار اليوم» احتراق أركان الوكالة، وسقوط سقفها وجدرانها، كما تحولت إلى مجمع ورش عشوائي لا تحكمه أي قواعد.
وبسؤال حارس الوكالة، أكد أن حريقًا التهم الوكالة في شهر يونيو من العام الماضي، وظل الوضع كما هو حتى هذه اللحظة، مشيرًا إلى أنها وكالة أثرية لأحد التجار العثمانيين الراحلين، لكن لا يعلم عنها الكثير من رواد الشارع والزوار.
وعن سبب الحريق، قال الحارس: «لحد دلوقتي معرفناش السبب، أتوقع أنها بفعل فاعل، بس محدش من وزارة الآثار بيفكر فيها، ولا بيفكر يطورها أو يرتقى بها باعتبارها أثرًا سياحيًا».

«مخزن خردة»
وفي قلب الشارع، رصدت عدسة «بوابة أخبار اليوم» أثرًا حوله أحد الأشخاص لمحزن خردة، وبالسؤال عنده رد غاضبًا: «دي ملكية خاصة».

ورصدنا بقايا الأخشاب ومعادن و«كراكيب» قديمة داخل الأثر الذي هدمت نصف حوائطه وسقط قوامه، كما أزيلت اللوحة الرئيسية التي تعرف الزوار به، ما يؤكد  تحوله مخزن خردة .