حصدت جائزة أفضل ديوان هذا العام : سر قصائد عبير التى زينها «السلك»!

عبير عبد العزيز
عبير عبد العزيز

لا تكتفى الشاعرة عبير عبد العزيز بالشعر وحده، ولا تراه بمعزل عن الفنون الأخرى، ولا تجد نفسها كشاعرة بمعزل عن مجتمعها، لذلك ظلت خلال السنوات الماضية مهتمة بحملات هدفها وصول الشعر للناس مثل حملة «ادعم شعر»، فى حوارنا معها بعد صدور ديوانها الأخير «يوم آخر من النعيم»، الذى حصل على جائزة معرض القاهرة للكتاب هذا العام كأفضل ديوان شعر، تقول عبير: «أنا لا أكتب الشعر فقط، معى الشعر يحلم ويرغب بالمزيد». وفى ديوانها الأخير كانت منحوتات السلك شريكًا أساسيًا لقصائد عبير نسألها:


  لماذا كل أعمالك تقريبا تتحاور مع الفنون الأخرى.. هل الشعر لا يكفى بالنسبة إليك؟
- عندما أكتب القصيدة أجد فنونًا تستدعيها متوازية معها لتخلق نصًا آخر غير المكتوب فقط، ما أطلق عليه النص الثالث. وقد شغلنى الديوان ليس فقط هذا الجامع للقصائد والدال عليها ولكننى انشغل به كمشروع كامل وكخطوة فى مشروع أكبر متراكم ومتطور، وقد بدأت مشروع النص الثالث بديوان «مشنقة فى فيلم كرتون» وهو ديوانى الأول واستمر العمل عليه لمدة 6 أعوام، تمنيتُ أن يُرسم على شكل سيناريو موازٍ للقصائد، لكن الأمر كان صعبًا. حتى واتتنى فكرة البحث عن سيناريو مرسوم وموازٍ للقصائد، من أفلام الجرافيك للكبار. وجدت فيلما للرسوم المتحركة إنتاج 1991م، حاصلا على جائزة الأوسكار وبدأت مغامرات تحويل المتحرك إلى ثابت، وبعد تحويل الفيلم إلى صور حوالى 12300 صورة اخترت منها 200 مشهد. وصدرت فى كتاب عام 2009م من دار شرقيات للنشر. وأثناء سنوات الإعداد لديوانى الأول كانت تنتابنى لحظات من اليأس، وفى إحداها ولد نجم فى سمائى ديوان «عندما قابلت حجازى». للفتيان والفتيات عام 2007م عن دار المحروسة، وهو مكتوب من وحى رسوم حجازى وبذلك تكون القصائد فى تلك التجربة تالية للنص البصرى «، ثم ديوان « بيننا سمكة « عام 2013، الذى تدور قصائده كلها حول السمك فى تحدِ جديد، وقد رسم الديوان رسام الكاريكاتير سمير عبد الغنى، وكان لاجتهاده وتفانيه أن يرسم ما يزيد عن 40 قصيدة نثر فى موضوع واحد « السمكة «. وقد حصل الديوان على منحة الصندوق العربى للطباعة، ونشرته الدار المصرية اللبنانية، كما وصل إلى القائمة الطويلة لجائزة زايد لكتب الأطفال.


 ذكرت من قبل أن قصائد ديوانك الأخير كتبت بين عامى 2009 و2010 فلماذا تأخر صدوره ؟
- العمل عليه استغرق ست سنوات ما بين أحوال مصر السياسية وبين بحثى عن نحاتى السلك فى العالم، وكنت أشاهد لساعات الكثير من أعمال نحت السلك بكل مناهجه، ثم بدأتْ رحلة الاختيار فاخترتُ 18 فنانا من العالم بالإضافة إلى أستاذى الفنان المصرى الرائع جلال جمعة الذى وافق على منحى أعماله للديوان بما يوازى القصائد وبدأتُ فى تصوير الأعمال، ثم إخراجها مع كل نص فى رحلة شاقة على مدى عامين متتاليين.


 لماذا اخترت منحوتات السلك تحديدا ؟
- إننى أحبُ الموضوعات التى تحمل التحدى وتعدد مستويات الرؤية، والتأويل وقد وجدت خامة السلك تحمل بين لغة تحركها من مستويات متعددة التأويل حال لغة القصيدة بالإضافة إلى كيف يتيح السلك للفنان التخيل والإبتكار والاختيار. كيف لا يستخدم الفنان معه أى وسائط من لحام أو وصلات من مواد أخرى. فنجد فى هذا الفن الرائع تنوعا فى التشكيل وغنى فى التعبير عنه، يحمل قوة فى التكوين وخفة فى الرؤية ودقة فى النسب. إن مجسماته تتحاور مع الفراغ فتصير جزءا جميلا منه، فتلقائية تموجات السلك المكونة للعمل الفنى يتخللها الهواء والضوء المحيط بها كأنها تتنفسه، فتضيء من خلاله وتظهر جمالياتها، فتدخل إلى عمق تشابكات خطوط وانحناءات السلك خالقاً عالماً مملوءاً بالفراغات فى جوف المجسمات السلكية. فتجد الفنان هنا يعتمد على التربيط والغزل والثنى والعُقد، فعفوية السلك التى يمكن أن تعطى المنحوتات شعورًا بالحياة والطاقة. النحت مغامرة متجددة يوميًا، إنها اغتنام مواقف عابرة، وهشاشة لحظة ألا تجد هذا هو الشعر لذلك رأيتهما يتجاوران ويتوازيان ويتكاملان ليخلقا نصًا جديدا قويًا ومتطورًا.


 ألا تجدين أن اهتمامك بمشروعات أخرى لها علاقة بالشعر مثل حملة «ادعم شعر» قد أثرت على مشروعك الشخصى كشاعرة خلال السنوات الماضية؟
- لا أنكر أن الطريق الذى اخترته صعب وطويل وملتبس على كثيرين، ربما فى الوقت القريب لا يكون لصالح شعرى لكن على المدى الطويل ومع تراكم الأعمال والمعارض سيكون لصالح الشعر، فأتمنى أن يستدعى الشعر كل الفنون متفاعلا معها فتنفتح بوابات سحر يناسب ذلك العصر البصرى باقتدار وربما يكون تكوينى الشعرى ليس فقط قائما على الكلمة، ولكن على عناصر أخرى تنمو فور ظهور تلك الكلمة وتتعدد مستويات التلقى والتفاعل. ومازالت الطريق طويلة وزاخرة وساحرة. آمل فى تحقيق مسار جديد، منظور مختلف، أو اختراق غير متوقع.