بروفايل| كارلس بوجديمون.. حاكم في المنفى

كارلس بوجديمون
كارلس بوجديمون

أقالته حكومة ماريانو راخوي من منصبه فلم تقل عزيمته نحو العودة إلى حكم إقليم كتالونيا مجددًا، الذي وجد نفسه بين عشيةٍ وضحاهًا مخلوعًا عن حكمه، بعدما تشبث بحلم استقلال الإقليم عن إسبانيا، بل لا يزال مصرًا إلى الآن على ذلك الحلم رغم إجهاضه على أرض الواقع من قبل مدريد، إنه كارلس بوجديمون زعيم إقليم كتالونيا المقال.

إقالة حكومة ماريانو راخوي له من منصبه لم توقف مغامرة  كارلس بوجديمون ،السياسي الذي امتهن الصحافة طيلة ثلاثين عامًا، فاختار أن يلوذ بالفرار إلى بلجيكا، كحلٍ أمثلٍ بالنسبة له عن خيار الأسر الذي وقع فيه نائبه أورويل جونكرانيس، متحديًا مدريد بقدرته على الظفر من بروكسيل في الانتخابات البرلمانية للإقليم التي دعا لها رئيس الحكومة الإسبانية راخوي في الحادي والعشرين من شهر ديسمبر.

حديث بوجديمون لم يكن من الهواء، فالرجل تمكن من الانتصار في الانتخابات البرلمانية، لتسميه الأغلبية الانفصالية المنتصرة في الانتخابات مرشحًا وحيدًا لرئاسة الإقليم مجددًا، في ظل رفض المحكمة الدستورية في إسبانيا توليه مقاليد الحكم من خارج إسبانيا، في حين ينتظره أمر اعتقال حال ولوجه الأراضي الإسبانية، لكن الصحفي بوجديمون لا يزال متمسكًا برئاسة الإقليم متحديًا سلطة مدريد.

و دائمًا ما ارتبطت مهنة الصحافة والعمل بها بانتهاء الأحلام السياسية في التواجد في أعلى المناصب في الحكم لدى العاملين في بلاط صاحبة الجلالة، فالعمل الصحفي يشترط في مبادئه وأخلاقياته الحياد والموضوعية، والتي قد تمنع الصحفي من تبني وجهة نظر في كتاباته تخالف ما يجب أن تكون عليه الصحافة، لكن كارلس بوجديمون صنع الحدث هذا العام وخلف أملًا جديدًا لأبناء السلطة الرابعة بأنه بإمكانهم أن يصلوا إلى سدة الحكم في بلدانهم.

من هو كارلس بوجديمون؟

ذلك الشاب اليافع الذي تخرج في كلية اللغة الكتالونية اتخذ في باكورته رحلته مع حياته ونضاله من أجل استقلال كتالونيا من الصحافة وسيلةً يسعى من خلالها تحقيق حلمه وهو استقلال كتالونيا عن إسبانيا، ذلك الحلم الذي كان على وشك أن يتحقق هذا العام قبل أن تجهضه مدريد وتحوله إلى سراب ولو إلى حين.

مغامرته الصحفية قادته في البداية إلى سلوفانيا عام 1991 ، ليكون شاهدًا هناك على انفصالها عن يوغسلافيا، ليتأثر بتلك التجربة التي حلم بأن يجعلها واقعًا في كتالونيا

جعل صحافته لكتالونيا فقد سافر عام 1993 إلى عدة بلدانٍ أوروبية لعمل سلسلة من التحقيقات نشرها في كتابٍ صدر عام 2004 بعنوان "كتالونيا..ماذا؟".

بوجديمون تولى رئاسة تحرير صحيفة اسمها "آل بونت"، وأسس وكالة الأنباء الكتالونية التي ترأسها بين عامي 1999 و2002، لتكون آخر مطاته الصحفية مجلة "كتالونيا اليوم" الناطقة باللغة الإنجليزية.

توجهه للعمل السياسي

ومن هنا بدأت وجهة بوجديمون تتحول في منحنى السياسة حيث ترك العمل الصحفي وبدأ العمل السياسي حينما ترشح لعضوية برلمان الإقليم عن حزب التحالف القومي الكتالوني عام 2006، ليمضي بعدها عقدُ من الزمن تبوأ بعد زعامة إقليم كتالونيا، تلك الزعامة التي جعلت منه بعد عامٍ واحدٍ أحد أشهر من تركوا بصمةً عام 2017.

كونه صحفيًا، فقد تركت فيه هذه المهنة أثر حب المغامرة، فهي مهنة البحث عن المتاعب، فشق بوجديمون طريقه في هذه المتاعب في مواجهة الحكومة الإسبانية، ومضى قدمًا في إجراء الاستفتاء الذي حظرته مدريد، ليفوق بذلك سلفه أرتور ماس الذي تراجع عن إجراء الاستفتاء عام 2014 مع حلول الذكرى الأربعمائة على احتلال إسبانيا رفقة فرنسا لإقليم كتالونيا في الحادي عشر من شهر سبتمبر عام 1714.

من أجل أن يصل مجددًا إلى حكم كتالونيا عُلقت جلسة برلمان كتالونيا لتنصيب بوجديمون رئيسًا للإقليم مجددًا، في ظل رغبة بوجديمون أن ينتصر مجددًا على خصومه السياسيين في حكومة مدريد.

.