رئيس لبنان الأسبق: مصر لعبت دوراً محورياً لدعم استقرار لبنان |حوار

أمين الجميل خلال حواره مع بوابة أخبار اليوم
أمين الجميل خلال حواره مع بوابة أخبار اليوم

 «أمين الجميل» رئيس الجمهورية اللبنانية فى الفترة من 22سبتمبر 1982حتى 1988،يسمى بصوت العقل فى المارونية، يقال إن أصوله ترجع إلى مصر، هو يقول إن من مدينة المنصورة، عقب انتهاء ولايته غادر لبنان وعمل محاضرا فى الجامعات وأبرزها هارفارد، ثم عاد وفاز بمنصب الرئيس الأعلى لحزب الكتائب.


«الجميل» الذى ولد عام 1942ودرس القانون شاهد على فترة من تاريخ عالمنا العربى وفى لبنان.


«بوابة أخبار اليوم » التقت بالجميل خلال زيارته لمصر للمشاركة فى مؤتمر نصرة القدس، تخلل هذه الزيارة لقاء  مهم مع وزير الخارجية سامح شكرى الذى حرص على الاستماع لرؤيته للأوضاع داخل لبنان.
«الجميل» رد على أسئلة كثيرة حول أزمة رئيس الوزراء سعد الحريرى الأخيرة، وكشف عن الدور الذى لعبته مصر والرئيس عبدالفتاح السيسى لحل الأزمة، كما تطرق للأزمة السورية والربيع العربى والتدخلات الإيرانية فى المنطقة.


الرئيس اللبنانى الأسبق أكد أنه يثق بمستقبل لبنان، لكنه أعرب أيضا عن قلقه من الوضع فى لبنان وفى العالم العربى، الذى يشهد عدم استقرار .. وعن الوضع فى سوريا أكد أن الحل أصبح مستعصيا، ولايعتقد أنه سيكون هناك حل  سلمى فى الوقت القريب..وإلى نص الحوار


 فخامة الرئيس نبدأ من مقابلتكم مع وزير الخارجية سامح شكرى.. حدثنا عن أهم القضايا التى ناقشها اللقاء؟


  مصر تربطنا بها علاقات قديمة وعلاقات ودية وتعاون، ومن الطبيعى عندما نزور مصر أن نلتقى مع المسئولين فى القاهرة، وكانت مناسبة لمناقشة كل شئون وشجون العالم العربى، ففى الوقت الحاضر الشجون أكثر من الشئون!!


 كيف ترى العلاقات المصرية مع لبنان والأدوار التى تلعبها مصر فى دعم الاستقرار؟


 العلاقات بين مصر ولبنان تاريخية قديمة، هناك تداخل بين الأسر والعائلات، فأنا مثلا والدتى مصرية، ولدت فى المنصورة، وانطون باشا جميل كان عضوا فى مجلس النواب المصرى فى الثلاثينات وكان رئيس تحرير الأهرام، وهو من عائلتى، وعلى الصعيد الاقتصادى والسياسى والاجتماعى هناك روابط عميقة، فالعلاقات حميمة جدا ووجدانية.


على مدى العقود الماضية كانت دائما مصر تساند لبنان وساعدت لبنان فى الظروف الصعبة وفى حل بعض الخلافات أو الدفاع عن لبنان فى المحافل الدولية، وكانت دائما مصر بجانب لبنان.


واليوم  شعرت خلال لقائى مع وزير الخارجية سامح شكرى بعمق هذه العلاقة ومدى استعداد مصر للتضحية فى سبيل لبنان ومساعدتها وإعطائها كل الدعم الداخلى أو الخارجى من اجل انتشاله من هذا المستنقع.


كيف رأيت الأزمة التى حدثت مع رئيس الوزراء سعد الحريرى؟


 أكيد تأثرنا جدا وتأسفنا لهذا التطور الذى حدث ونأمل أن تكون غيمة صيف ومرت، لا  سعد الحريرى يريد أن يعود للوراء، ولا نحن بحاجة لفتح الجراح، لذلك هى غيمة صيف ومرت وعادت الأمور إلى مجراها الطبيعى، وهذا لايمنع أن نتعظ من تطور الأحداث ونستخلص العبر، نأمل أن يستعيد لبنان سيادته الكاملة واستقلاله وحرية قراره.فنعرف تماما أن لبنان مطوق وقراره مصادر، وسيادته منقوصة بسبب التدخلات الخارجية فى الشئون الداخلية لاسيما موضوع الثورة الإيرانية، وتستعمل لبنان لخدمة استراتيجيتها على حساب الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية.


 ماذا عن الدور المصرى فى هذه الأزمة تحديدا ؟


دور مصر كان طليعيا وأساسيا فى معالجة الموضوع، فمصر لعبت دورا والرئيس السيسى خاصة لعب دورا طليعيا ومتقدما فى مساعدة الجميع للخروج من هذا المأزق، لذلك كان هناك توجيه شكر خاص للرئيس السيسى  على أثر ماحصل، ودائما كانت مصر كما ذكرت بجانب لبنان فى كل أزمة مر فيها. 


فى بيان للخارجية أكدوا أن الوزير استمع لتقييمك  للأوضاع داخل لبنان هل من الممكن تطلعنا على الأوضاع فى لبنان؟


 شعورى أوله  ثقة بلبنان ومستقبل لبنان والتصميم على مصادرة الجهود من أجل مصلحة لبنان، ومن أجل الاستقرار المبنى على السيادة والاستقلال واحترام الدستور والمواثيق اللبنانية ، وشعور آخر بالقلق لأن الوضع فى لبنان كالوضع فى العالم العربى، والعديد من الدول العربية غير مستقر، فما يصير فى سوريا ينعكس على لبنان، سواء على الناحية الأمنية، وتصدير الإرهاب، أو على صعيد النازحين، يفوق المليون ونصف مليون نازح من سوريا إلى لبنان بسبب الأوضاع فى سوريا  ،وعلى الصعيد الاقتصادى والاجتماعى والبنية التحتية أيضا.


 يعنى ذلك أن تأثير ما يحدث فى سوريا يؤثر بشكل كبير على لبنان؟


انعكاس الوضع السورى على لبنان خطير جدا، وأخطر مانخشاه هو التأثير على النسيج الاجتماعى، وعلى التضامن اللبنانى، فالجرح السورى يؤثر على التوازنات فى الساحة اللبنانية، فمعظم الآتى من سوريا معه مشاكله وعقائده  وايدلوجيته وتشنجاته، وهذا الأمر يؤثر على الوضع الداخلى، لاسيما أن بعض المجتمع اللبنانى متضامن مع هذا الفريق أو ذاك فله تأثير على الوضع السياسى الداخلى فى لبنان، لكل هذه الأسباب نحن نخشى  وهناك قلق كبير على الواقع اللبنانى، هذا إلى جانب الوضع فى العراق واليمن وليبيا، كل هذا له تأثير كبير على الأمن والاستقرار فى لبنان.


 لكن هناك من يتهم  أن حزب الله  متورط فى الأزمة؟


- حزب الله فى بيانات رسمية يفتخر بما يقوم به فى سوريا، وهذا ليس سرا، وعلاقاته مع إيران ليست بالسر أيضا، السيد حسن نصرالله أمين عام الحزب يقول علنا بأن إيران تمول 100%من نشاطات حزب الله كانت فى لبنان أو أرض لبنان، وحزب الله دائما فى بياناته يركز فى دوره القتالى فى سوريا والإعلام الحربى التابع له يصدر بيانات باستمرار حول انجازاته العسكرية فى سوريا.


 هل سنرى استقرارا فى لبنان الفترة القادمة؟


كلنا ثقة بمستقبل لبنان، رغم المخاطر والتحديات التى نواجهها والشعب اللبنانى وطنى متمسك بمصالحه لصالح لبنان، بالتالى سنتمكن عندما تسمح ظروفنا ونتجاوز هذه المحن التى مررنا بها ونبنى هذا الوطن الذى يحلو العيش فيه، لبنان كان معروفا واحة أمن واستقرار ولابد أن يعود لتحقيق ليس الحلم ولكن الواقع  


كيف يتم حل الأزمة السورية من وجهة نظرك ؟


 الحل فى سوريا أصبح مستعصيا، ولاأعتقد أنه سيكون هناك حل  سلمى فى سوريا بالوقت القريب، ربما تحدث هدنة، وربما يحدث نوع من وقف إطلاق النار، ربما تحدث بعض التسويات، إنما كيف يمكن معالجة وضع  مايتخطى أربعة أو خمسة مليون نازح  بسبب القتال  والصراعات الدموية بين الأطراف سواء لخلاف سياسى  بسبب الخلاف  على مجموعة قضايا، صحيح الآن سيطر الجيش السورى على سوريا، لكن الجيش السورى انتصر، حزب الله انتصر، إيران، الحرس الثورى الإيرانى أو روسيا، فهناك انتصار متعدد الأبواق، صحيح تمت سيطرة الأمن..لكن ليس بالأمن وحده تتوحد البلاد، فإن لم تحدث مصالحة حقيقية، وحدة وطنية حقيقية، إن لم يحدث اتفاق على نظام سياسى جديد لسوريا يكون هو الرابط والجامع بين كل الفئات السورية.


ونحن يهمنا استقرار سوريا، فمن مصلحة لبنان أن يعود السلام، فالشعب السورى شعب شقيق، تربطنا به علاقات قديمة، وعلاقات قربة وتعاون، نحن ندمى على مايحدث فى سوريا، من خراب ودمار وقتل وتهجير والنزوح، فنتضرر من الواقع السورى.


يهمنا أن تستقر سوريا وإذا تمكنا أن نساعد سنساعد فى هذا الاتجاه دون أن نتدخل بما يرتئيه الشعب السورى لمستقبل نظامه، على الشعب السورى أن يقرر  نوعية النظام الذى يرتئيه لبلده.


 كيف ترى الوضع الداخلى خاصة  أنتم مقبلون على انتخابات ؟


الانتخابات ديمقراطية، لبنان لديه مسار وتقاليد ديمقراطية طويلة، نحن نأمل بأن الانتخابات تندرج فى إطار هذه التقاليد ونأمل أن نتمكن من الحفاظ على النمط الديمقراطى والحياة البرلمانية، وبرغم المخاطر التى ذكرتها والضغوطات على الساحة اللبنانية.


 زيارتك للقاهرة تأتى فى إطار المشاركة فى مؤتمر نصرة القدس..كيف ترى ماوصلت إليه القضية الفلسطينية الآن ؟


 الجهد العربى أساسى لنصرة القضية، المؤسف أن هذا الجهد ليس كافيا حتى الآن، وممكن أن يكون اللوبى العربى أكثر تأثيرا، خاصة على الرأى العام وعلى الإدارة الأمريكية، حبذا لوكل إجراءات التضامن مع القضية تأخذ نمطا أكثر فاعلية، ونحن كعرب قادرون على نصرة القضية بفعالية أكبر، لاسيما  أن المصالح العربية ضخمة فى الغرب بصورة عامة، ويمكن إذا ما وظف اللوبى العربى والاستثمارات العربية والحضور العربى فى تلك الدول أن يتضامن مع بعضه البعض ويتكاتف وينسق نشاطاته فى اتجاه واحد «نصرة القضية الفلسطينية» فلاشك أنه بمقدورنا أن نغير بنمط السياسة الغربية.


فهناك تقصير كبير،ولو توحد العرب ووحدوا جهودهم وقدراتهم لتغيرات المعادلة، إنما ليس هناك بالغرب تنسيق حقيقى وتضامن حقيقى وخطة إستراتيجية من شأنها أن تؤثر على الرأى العام الغربى لاسيما الأمريكى، وبالتالى تغير سياسة تلك الدول لاسيما واشنطن.


 كيف ترى الدور الذى يلعبه الأزهر الشريف كمؤسسة الآن لنصرة القضية.. وهل كاف أم يحتاج تكاتفا أكثر؟


- الأزهر لديه سلطة معنوية كبيرة، فالأزهر مقام رفيع جدا ومحترم جدا عند كل المسلمين، وغير المسلمين، نحن فى لبنان، وأنا كمسيحى عندى تقدير خاص وعلاقات خاصةمع شيخ الأزهر د.أحمد الطيب، وكذلك علاقة مديدة، فالأزهر تأثيره كبير على مراكز القرار العربية حتى غير العربية، ولاشك  أن هذا المؤتمر وغيره من الجهود التى يبذلها الأزهر من شأنه أن يساهم بالتضامن والتنسيق المطلوب وتضافر الجهود، وبامكانه أن يؤسس لأرضية عقائدية جديدة لعمل عربى وإسلامى ودولى صديق للعرب والمسلمين بإمكانه أن يحقق مانصبو إليه بخدمة القضية.


الأزهر عنده دور معنوى كبير، ومن الصعب توحيد الجهود العربية والإسلامية والصديقة للقضية فى معزل عن إيديولوجية وبامكان الأزهر أن يبلورها ويجسدها ويعممها على كل الساعين لاحقاق الحق الفلسطينى وإعادة القدس لأصحابها  .


 كيف رأيت القرار الأمريكى ؟


- هذا القرار نقيض لكل مفاهيم العدالة الإنسانية والدولية، لكل المواثيق الدولية، والقرارات الدولية، ويتناقض مع مصلحة أمريكا بالذات التى ترشد لحقوق الإنسان وترشد للحرية كيف بإمكانها مصادرة حقوق الإنسان العربى بهذا الشكل.


 أقصد هنا كل المسار السياسى الأمريكى خاصة فى عهد الرئيس ترامب والاصرار على تجاهل حقوق الفلسطينيين وحقوق العرب والمسلمين.   


 مرت سبع سنوات على « ثورات الربيع العربى»  كيف تراها الآن؟


فى النهاية هذا الربيع العربى سيكون له نتائج إيجابية، رغم أنه مر بمخاض عسير، وعواصف شديدة هنا أو هناك وتونس حتى الأمس القريب كانت تحتفل بربيع تونس فى ظل أوضاع غير مستقرة.


وطبعا فى ليبيا وغيرها من الأماكن  إنما الفائدة من ذلك أن الشعب العربى وخاصة الشباب انتفض على الأمر الواقع، وكل الثورات حتى الثورة الفرنسية مرت 50 سنة حتى تستقر، الثورات دائما لا تنتهى بكبسة زر.
الربيع العربى هو ربيع الشباب، والآن  ان تأخرت الحلول ولم تستقر الأوضاع بالشكل المطلوب، فلابد أن يعود الشباب  العربى ويبنى استقراره وسلامه ونظامه الحر الديمقراطى.    


 كيف ترى الدور الإيرانى وتأثيره  على لبنان ؟


العامل الإيرانى هو عامل سلبى على الساحة اللبنانية، وإيران تحاول أن توظف بعض الفئات اللبنانية بإيثار استراتيجية إيرانية على حساب مصلحة لبنان العليا.


إيران تحاول التدخل فى شئون المنطقة فى سوريا والعراق واليمن يدعمون الحوثيين..هم قالوا سيطرنا على أربع عواصم عربية؟


هذا ليس جديدا وليس سرا، منذ عام 2000تقريبا الملك عبدالله بن الحسين ملك الأردن نبه من محاولة إيران تكوين الهلال الشيعى، والرئيس الأسبق حسنى مبارك أيضا حذر من هذه المحاولات.


إيران منذ أواخر القرن العشرين وهى تحاول أن تكون هذا الهلال الشيعى وأن تستعيد مجد الامبراطورية الفارسية، والآن عندما يقول المسئولون فى إيران أن إيران تسيطر على هذه العواصم، فهذا حلم تعتبر إيران  أنها تحققه فى الوقت الحاضر، وهذا خطأ من قبل إيران، لأن المنطقة لاتحتمل  إمبراطوريات جديدة ولا الشعوب تحتمل هذا النوع من الاضطهاد ومن الذل أو الاحتلال، والمنطقة كلها الآن غير قابلة للتعايش مع هذه الأحلام، وهذه الانتصارات التى تدعيها إيران ستنقلب كابوسا عليها، لأنه لايمكن أن تحمل المنطقة هذا النوع من المغامرات.


 هناك دول متهمة بتمويل الإرهاب كيف ترى ذلك؟


 اختلط الحابل بالنابل، لا أحد برئ وكل واحد أخطأ من موقع معين، من هو البادئ؟ هذا سؤال آخر.


إنما لاشك أنه أول ماحدثت الأحداث فى سوريا كانت سلمية ديمقراطية، وكان جواب النظام بالعنف والقمع، القتل والاضطهاد، والسجن ولدت مشاعر معينة واختلط الحابل بالنابل وفتحت مجالا لكل من له مصلحة فى أن يساهم فى هذه الفوضى فى سوريا، وفى الأساس لو أن النظام ديمقراطى ومسالم فى سوريا، ماكان حدث تدخل، وكان المجتمع محصنا وماكان سمح لأى طرف أجنبى أن يتدخل فى سوريا.


فلو كان النظام واعيا على مصلحة الشعب وعلى مفهوم الحرية.


 كيف تخرج المنطقة ما فيه الآن من أزمات ؟


 ذكرت أن الربيع العربى كلف الشعب العربى تضحيات كبيرة، إنما لابد أن نصل إلى مرحلة يستخلص الشباب العبر من تجربة الربيع العربى  «الثورة العربية العارمة» وأن تستقر الأوضاع على نظام جديد يبنى على الحرية واحترام الآخر، على نظام يواكب الحداثة، والشعب العربى ليس بجاهل، والشباب العربى شباب طموح يواكب الحداثة، ولابد من أن نصل إلى مرحلة يكون نضجا بما فيه الكفاية، ويكون نضج حلمه بوطن عربى سالم مستقر ديمقراطى يحترم الحريات، ويواكب آثار التطور فى العالم .