الشعر يجلس على المقاهى ويدفع ثمن "المشاريب"!

صورة من الحوار
صورة من الحوار

"ادعم شعر" حملة لنشر الحب والجمال أطلقتها شاعرة مصرية منذ أكثر من عام، في يناير 2017،  كانت عبير عبد العزيز وعدد كبير من شباب المبدعين منهمكين في تزيين شجرة طوابع صممت خصيصا من أجل تلك الاحتفالية ببطاقات تحمل أبيات من الشعر ولوحات، وأطلقت عدة أفكار تستهدف دعم تواجد الشعر في الشوارع والمدارس والجامعات، أرادت الشاعرة الطموحة للشعر الخروج من أبراج الشعراء والخروج للفضاء ليصل إلى فئات كانت بعيدة عنه ويطلق طاقة إيجابية من خلال عدة أفكار مبتكرة  نفذتها عبير بجهود ذاتية، وعن بداية بزوغ هذه الأفكار تحدثنا عبير في حوارها مع الأخبار: " لا أستطيع إلا أن أقول أن عم حسن، سائق التاكسي العجوز المبهج، الذي لا يعرفني ولا يعرف أني شاعرة ولا يعرف أن سبب حزني يخص الشعر، كان سحرا ورسالة وإشارة غيرت وجهتي وجعلت إرادتي حديدية!"


عملت عبير مع ثلاث شاعرات، هبة عصام وناهد السيد ومها شهاب، في حملة " ذات للشاعرات" على مدى ثلاثة أعوام متتالية، قدمن القصائد مع فنون مختلفة في حالة جديدة للعرض أمام الجمهور، ونشرت "الأخبار" فعاليات الحملة آنذاك، لكن كان لابد من تطوير التجربة لمساحة أشمل وأكثر تنوعا، في ظل صعوبات وتحديات فنية ومادية كثيرة، تقول عبير: في الثامن من ديسمبر عام 2016 وفي لحظة من اليأس والإرهاق قررت إلغاء الحملة، وكان حزني كبيرا لقراري، وفي اليوم التالي استقللت سيارة أجرة، وإذا بسائق مسن، صعيدي يرتدي جلبابا وطاقية، بشوش صاحب صوت ممتليء بالطاقة، يسألني عن سبب حزني وبعد إبداء بعض النصائح والحكم قال لي إنه يستطيع أن يُسمعني شيئا سيبهجني ويبدل حالتي ولم يخطر على بالي أن الأمر الذي يراه الرجل مبهجا ومغيرا للحال هو الشعر! إذا به يُنشد أبيات بديعة بلهجته الصعدية المحببة وأدائه التمثيلي الرائع، وأنا في ذهول وسعادة لا أستطيع وصفهما، ظل عم حسن ذلك السائق على مدار ساعة يُسمعني السيرة الهلالية التي حفظها وهو في عمر الخامسة، وقد سمح لي بأن أسجل كل ما يقوله وأصوره بالهاتف المحمول الخاص بابنتي، وسأعرض الفيديو في الحفل الخاص بتقييم الحملة الأسبوع القادم، وكانت تلك انطلاقة فى  الحملة الجديدة".
 

-    ما هدفك الأساسي من حملة "إدعم شعر"؟
هي حملة ترويجية جديدة تهدف لإعادة اكتشاف أهمية الشعر في الحياة، فهو موجود مثل الطبيعة من حولنا، وهو قادر على تغيير حياتنا إلى الأفضل، ونريد أيضا أن ندفع الناس لمشاركة الشعر كجزء هام في الحياة، والتغيير في نظام الأشياء ونظام النظر إليها. وذلك عن طريق إطلاق 12 فكرة على مدار العام
-    وما أهم ملامح تلك الأفكار؟
بدأتْ الحملة فكرتها الأولي بالملصق الرئيسي لها وهو طوابع للشعر، على شكل بطاقات تحمل أبيات شعرية ولوحة فنية وقد صمم شكل الطابع الفنان شريف محمود وقد أهدانا كل من الفناني هشام بهجت عثمان وأحمد سليمان تصميمهما، وانتجت الحملة 380 طابعا وبدأنا العام الجديد باحتفالية شجرة شعر، ثم "أنيمشن شعر" حيث كان تقديم أفلام رسوم متحركة حاصلة على جائزة الأوسكار بالتوازي مع قصائد لشعراء مختلفين، وقد ساعدنا الفنان فهد سعيد على ذلك. وكانت فكرتنا الثالثة " الشعر فى المدارس" وبالفعل تم الاتفاق مع عدد كبير من المدارس للمرحلة الإعدادية والثانوية " العام والصناعي" لكننا لم نكمل العدد الذي كنا نأمل فيه. ثم "إشارت شعر" وهى "شرائط فيديو" لتقديم الشعر لضعاف السمع، ثم خدمة توصيل الشعر وقد أشدنا تجارب خاصة لمشاريع أخرى في مجلات فنية مختلفة مثل مشروع الرسم على الجداريات في البرلس للفنان عبد الوهاب عبد المحسن ومشروع " كيان ماريونيت" للدمى للفنان محمد فوزي، ثم فكرة " تتر وقصيدة" حيث تقديم التترات السينماثية القديمة بالتوازي مع قصائد، ثم فكرة "كومكس شعر" وأطلقنا شخصية شاعرة كوميكس ( عجب) التي ستكون شخصية مجلة إلكترونية تحكي نوادر شعراء قصيدة النثر. ثم فكرة "إدفع لي شعر" وهي فكرة قديمة، وتقوم على مكافأة من يحفظ الشعر في المقاهي بدفع ثمن جميع المشروبات. من شاي وقهوة وعصائر .


ثم صدى الشعر أو"إيموشن شعر" وهى تخص التعليق على القصائد في مواقع التواصل الاجتماعى بريشة فنان الكاريكاتير سمير عبد الغني، ثم فكرة "كابل شعر" لتقديم التجارب الجديدة حول الشعر في العالم ، ثم تأتي فكرة إعلانات شعر وهي ملصقات شعرية مع فن طي الورق ستقدم في حفل ختام الحملة، ولن أنسى جهود الرائعة رانيا منسي في تصميم شعارات وملصقات الحملة.


-    وكيف كانت تجربة الخروج إلى الناس  في الشارع وخصوصا فكرة الخروج للمقاهى؟ وما هى المواقف التى واجهتيها؟
جاء رد فعل الناس فى صورة اندهاش كبير، وعلامات تعجب كثيرة وعلى مدار أربع ساعات كان تواصلي مع الناس مثمرا ومبهجًا لقد تعرفوا على الحملة ومافعلته من أفكار سابقة وتعرفوا على تلك الفكرة، وما هدف الحملة منها، وكان تعاونهم جميلا وافقوا على كتابة القصائد في الأوراق التي تحمل شعارنا ورفضوا شرب أي شيء، لكنني صممت على ذلك كما أوضحت أننا لابد أن نتذكر هذا الحدث بطرافة أو بجدية أننا شربنا شيئا بقصيدة شعرية ذات يوم وأننا نملك تلك الحادثة نتحدث عنها لغيرنا ونحكيها، منهم من كتب أبيات يتذكرها لصلاح جاهين وشعراء عامية شبان بل هناك من فاجأنى بكتابة أبيات من معلقات الشعر الجاهلى! ومنهم الكثير ممن استعانوا بالطوابع الشعرية، فقد كنت أعطيهم مجموعة من الطوابع ليطلعوا على شعراء مختلفين وعليهم اختيار ما أحبوه من الأبيات وكتابتها على الورقة مقابل كوب من الشاى أو القهوة أو العصير، وسعدت باختيارهم لشعراء مثل المتنبى والشابى والفيتورى أمل دنقل رغم كونهم لم يطلعوا على شعره من قبل. لا أنكر أن التجربة كانت فريدة وقد تفاجأتُ بالشباب كم هو متعاون، يسأل عن الحملة ليتابعها، فرحان بوجود تجارب مختلفة أن هناك شاب جرى خلفنا عندما انتهينا وأخرج مبلغا من النقود وقال أنه يحب أن يدعم الحملة وعندما شرحت له الفكرة قال أنه يفهم لكنه يريد دعم مثل هذا الجمال فشكرته، وطلبت منه إذا أراد الدعم أن يشارك بمايحب من أعمال الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي ويحكي عنها.

-    لماذا لم تتبن الحملة جهة ما رسمية أو غير رسمية؟
بالنسبة للتمويل فهو ذاتي على نفقتي الشخصية وذلك كان قرارا حتى أملك حريتي في العمل لم أتوجه إلى أىة جهة أو شخص لتمويل الحملة، وكل ما أريده من الدولة منحي الموافقات لدخول المدارس والجامعات أو أى أعمال ستخص الشوارع والطرق ووسائل النقل العام أريد فقط الموافقة على نشر تلك الأعمال إذا كانت جميلة ومفيدة وغير ضارة بل لا تهدف إلا لنشر الشعر والارتقاء بالأذواق وتغيير المفاهيم الجمالية لمجتمعنا.