الاتحاد الأوروبي المستعصي في وجه تركيا.. برئاسة لبلغاريا «الشيوعية» السابقة

الرئيس التركي أردوغان ورئيس الوزراء البلغاري
الرئيس التركي أردوغان ورئيس الوزراء البلغاري

في مطلع العام الحالي 2018، آلت رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي الدورية إلى بلغاريا، وإلى رئيس وزرائها بويكو بوريسوف، تلك البلد المنضمة حديثًا للاتحاد الأوروبي، بعدما كانت تتخذ من قبل توجهاتٍ سياسيةً معاديةً للاتحاد الأوروبي إبان الحرب الباردة.

 

وعلى جانبٍ آخر، لم يشفع لتركيا موقفها الداعم والمساند للاتحاد الأوروبي والتحالف الغربي آنذاك في وجه المد الشيوعي السوفيتي، لتجد نفسها وبين عضوية الاتحاد الأوروبية حائلًا كبيرًا يعرقل مساعيها، في وقتٍ تحظى بلغاريا، إحدى حلفاء الاتحاد السوفيتي السابقين، بعضوية الاتحاد وتشغل حاليًا مقعد الرئاسة.

 

قد تكون هذه من المفارقات التي مرت أمام البعض مرور الكرام دون إمعان فيها، ولكنها مؤشرٌ سلبيٌ على علاقة الاتحاد الأوروبي بتركيا، وليبدو أنه الأمر يتماشى مع تصريحٍ سابقٍ للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في يونيو الماضي تحدث خلاله على أن الاتحاد يعامل تركيا معاملة المتسول.

 

نهج تركيا وبلغاريا السابق

كيف لا، وتركيا تجد نفسها الآن أمام وضعية مطالبة مجلس الاتحاد الأوروبي الذي يرأسه رئيس وزراء بلغاريا بالموافقة على طلب تركيا بالانضمام للتكتل، في حين أن بلغاريا هي البلد التي وقفت أنقره في وجهها إبان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، والتي كان يدعم خلالها الاتحاد الأوروبي توجهات الاقتصاد الرأسمالي والسوق الحر بعيدًا عن أفكار الشيوعية.

 

إضافةً إلى ذلك، كانت تركيا أحد أضلاع حلف بغداد، الذي نشأ في العاصمة العراقية عام 1955، بدعمٍ من الولايات المتحدة لمحاربة المد الشيوعي للاتحاد السوفيتي مع بداية أجواء الحرب الباردة، فكانت حينها بلاد الأناضول في هذا الحلف رفقة العراق وبريطانيا وإيران إلى جانب الولايات المتحدة.

 

وعلى النقيض من ذلك، كانت بلغاريا حتى ديسمبر من عام 1989، تتبع النظام الاشتراكي الشيوعي القائم على دولة الحزب الواحد، حتى سمح الحزب الشيوعي البلغاري الحاكم بأول انتخابات تعديدية في البلاد، لتنتقل على إثرها صوفيا إلى مصاف الدول الديمقراطية واقتصاديات السوق الحر، من خلال تلك الانتخابات، قبل أن تنضم بعدها للاتحاد الأوروبي.

 

وانضمت بلغاريا إلى الاتحاد الأوروبي مطلع عام 2007 قبل أحد عشر عامًا، لتكون أحدث المنضمين للتكتل وقتها رفقة رومانيا.

 

خيبة أمل تركية من «ماكرون»

 

أحدث المواقف الأوروبية تجاه انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي كانت فرنسية، فلم تنزل تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي أدلاها وهو يقف إلى جوار نظيره التركي رجب طيب أردوغان في باريس، إلا غصةً في حلق الدولة التركية، فقد أكد أن التطورات الأخيرة في تركيا لا تسمح بأي تقدمٍ في مسألة انضمام بلاد الأناضول إلى التكتل الأوروبي.

 

وقال الرئيس الفرنسي: «على نظمنا الديمقراطية أن تكون قوية في تصديها للإرهاب، لكن في الوقت ذاته على نظمنا الديمقراطية، أن تحمي حكم القانون بشكلٍ كاملٍ»، في إشارةٍ منه للإجراءات التعسفية التي تشنها السلطات التركية بحق معارضين تتهمهم بأنهم على صلة بمحاولة الانقلاب العسكري التي حدثت في يوليو من عام 2016.

 

ورحب رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، في شهر سبتمبر الماضي بانضمام مزيدٍ من دول البلقان «صربيا، مونتريجرو، سلوفانيا، ألبانيا، البوسنة والهرسك، مقدونيا، إضافةً إلى كرواتيا، وبلغاريا - العضوان بالفعل بالاتحاد الأوروبي -»، وذلك في وقتٍ أوصد الأبواب في وجه تركيا الساعية هي الأخرى للانضواء تحت راية بروكسيل، معتبرًا أن سلوك أنقره في الفترة الأخيرة جعلها أبعد ما تكون عن شغل عضوية التكتل الأوروبي.

 

أحلام تركيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي لا تزال تواجه رياحًا عاتيةً، خاصةً مع تدهور علاقة تركيا بعددٍ من دول التكتل أبرزها ألمانيا، فهل تنجح المساعي الجديدة التي يقودها وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلوفي إذابة جبل الجليد الجاثم في علاقة أنقره بألمانيا وغيرها من بلدان الاتحاد، التي على خلاف مع تركيا، وتعبد تلك الجهود طريق بلاد الأناضول نحو بروكسيل؟

 

جدير بالذكر، أن مسألة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي لن يُبت في مصيرها قبل ربيع هذا العام، خلال تصويتٍ لزعماء بلدان الاتحاد الأوروبي، ربما قد يتم إرجاؤه.