«بين مطرقة أمريكا وسندان المظاهرات».. إيران فوق بركان الربيع الفارسي

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

الثامن والعشرين من ديسمبر عام 2017 كان موعد انتقال شرارة ثورات الربيع العربي إلى أرض إيران، لتصبح ربيعًا فارسيًا قد يحدث تغيير في ملامح الدولة التي يسيطر عليها نظام الحكم الملالي الشمولي الذي يعتمد على ولاية الفقيه منذ أكثر من 38 عامًا.

نهاية عام 2010 كان إيذانًا ببدء أحداث الربيع العربي التي انطلقت شرارتها من سيدي أبو زيد في تونس يوم الثامن عشر من شهر ديسمبر لتعم بعدها أرجاء تونس حتى تم إسقاط حكم زين العابدين بن علي في الرابع عشر من شهر يناير مطلع عام 2011، ومنها جاست الثورات أقطارًا عربيةً عدة، فإلى مصر حيث تنحى حسني مبارك بعد ثورةٍ شعبيةٍ عارمةٍ كان ميدان التحرير شاهدًا عليها، ثم انتقل المد الثوري إلى ليبيا واليمن وسوريا والبحرين، ففشل في إزاحة أنظمة الحكم في بلدان ونجح في أخرى، دون أن يكون للدولة الواقعة على الضفة الأخرى من الخليج العربي نصيبٌ من تلك الأحداث.

وبعد سبع سنوات من ذلك الربيع العربي، أعطى المعارضون في إيران الإشارة لبدء احتجاجاتٍ شعبيةٍ بدأت من مدينة مشهد، ثاني أكبر المدن هناك بعد العاصمة طهران، لتنتقل إلى مدنٍ عدةٍ في إيران، وسط حملة من الاعتقالات تشنها السلطات هناك ضد من تعتبرهم مأجورين يسعون لزعزعة استقرار الأمن القومي في إيران.

وقبل نحو ما يناهز الأربعة عقود، اندلعت الثورة الإسلامية في إيران ضد حكم الشاه محمد رضا بهلوي، فأسقطوا حكمه في الحادي عشر من فبراير عام 1979، ليبدأ بعدها حكم ولاية الفقيه المعروف بالنظام الملالي الذي يجعل من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية ،ذي الصبغة الدينية، سلطةً عليا في البلاد تفوق حتى رئيس الجمهورية هناك.

إمكانية إسقاط الحكم الملالي

صحيفة بيلد الألمانية تساءلت عن إمكانية أن تطيح الاحتجاجات التي اندلعت في كامل إيران بدءًا من يوم الخميس بنظام الحكم الملالي الذي يحكم البلاد، في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وتحدثت الصحيفة عن أن رقعة الاحتجاجات اتسعت لتشمل مدينة طهران وبقية المدن، في ظل رفع المتظاهرون شعارات تطالب بإسقاط النظام الديكتاتوري وإطلاق سراح المساجين السياسيين، حسب قولها.

وفي الجهة المقابلة، ألقى الرئيس الإيراني حسن روحاني باللائمة على من أسماهم بالمتظاهرين المأجورين من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، متهمًا البلدين بتحريض فئة من المحتجين من أجل الانتقام من إيران.

دعم ترامب ونتنياهو للاحتجاجات

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدا داعمًا قلبًا وقالبًا مع المحتجين الإيرانيين، متحدثًا عن أنهم فاض بهم الكيل من فساد النظام وتبديده لثروات البلاد في تمويل الإرهاب في الخارج، حسب رأيه.

ودعا ترامب الحكومة الإيرانية إلى احترام حقوق الإنسان، وحق التعبير لشعبها، مؤكدًا مراقبة العالم للوضع هناك، وهي التصريحات التي صب خلالها روحاني جام غضبه على ترامب، متحدثًا أنه لا يمكن لمن رمى الشعب الإيراني بالإرهاب أن يتعاطف معه الآن، في إشارةٍ منه للرئيس الأمريكي.

اتهامات روحاني لواشنطن وتل أبيب بالوقوف وراء تأجيج الاحتجاجات في إيران، بدت منطقية في ظل الدعم الذي أبداه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمحتجين في طهران، متحدثًا عن أنه حينما يسقط النظام الحالي في إيران سيصبح الإسرائيليون والإيرانيون أصدقاءً، حسب وصفه.

ومن جانبها، طالبت صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية، الرئيس دونالد ترامب أن يدعم المحتجين الثائرين في أرض إيران، موجهةً إياه بأن يلقي بثقله في دعم هذه التظاهرات ومساعدة المحتجين، متوقعةً أيضًا حدوث ذلك في ظل رفض الرئيس الأمريكي للاتفاق النووي المبرم مع إيران حول برنامجها النووي، والذي تم توقيعه إبان حقبة الرئيس السابق باراك أوباما.

ووصفت الصحيفة الأمريكية الاحتجاجات الدائرة في طهران وعدة مدن إيرانية بأنها الأكثر شعبيةً في البلد الفارسي، والتي يقودها الفقراء والمحرمون هناك، حسب قولها.

الحديث عن تدخل الغرب في المشهد الإيراني

الأحاديث حول الدعم الكامل الذي ستوفر أرضيته دوائر الغرب وتحديدًا الولايات المتحدة قد يكون مجرد أحاديث وتصريحاتٍ إعلاميةٍ، في ظل العداء المعلن بين طهران وواشنطن على وجه التحديد، ولكنه في الوقت ذاته قد تكون تلك الاحتجاجات في إيران مدفوعةً من وراء الستار.

في الأثناء، يستبعد السفير جمال بيومي ،مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير سابق لمصر لدى الاتحاد الأوروبي، أن يلجأ الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة للتدخل المباشر في دعم التظاهرات التي تندلع في إيران والمناهضة لنظام الحكم هناك، أو تحريك مشهد الاحتجاجات في طهران، مؤكدًا عدم سعي بروكسيل للتدخل في شئون إيران الداخلية.

لكن سفير مصر السابق لدى الاتحاد الأوروبي، أكد - في تصريحاتٍ خاصةٍ لـ"أخبار اليوم"- أن التكتل الأوروبي لديه الرغبة في احترام حقوق الإنسان وحق التظاهر للشعب الإيراني ومعاداة سياسات القمع لتلك التظاهرات، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي أصدر بيانًا في ذلك الصدد، ومن المتوقع أن تصدر واشنطن بيانًا أيضًا في هذا الشأن.

وبسؤال السفير جمال بيومي حول إمكانية تغير سياسات إيران مع الدول الغربية حال سقوط نظام الحكم هناك، اعتبر بيومي أن الوقت لا يزال مبكرًا للحديث عن مسألة سقوط نظام الحكم في إيران، فقد رأى أن النظام ما زال يتمتع بالسيطرة على مقاليد الأمور هناك، وأن غالبية الشعب الإيراني تقف إلى جوار النظام الحاكم هناك.

وتحدث بيومي عن أن المتظاهرين في إيران من فئة النخبة السياسية المثقفة، وفئة رجال الأعمال، وهؤلاء لا يمثلون الأغلبية في إيران.

وإلى غاية الآن، سقط 22 قتيلًا على الأقل خلال غمرة الاحتجاجات في إيران، طبقًا لتقارير رسمية حكومية في طهران، حيث أعلن التليفزيون الرسمي أمس مقتل تسعة أشخاص خلال تلك الاحتجاجات بينهما شرطيين على الأقل، فهل سيستمر الوضع في إيران نحو مزيدٍ من التصعيد، أم ستضع هذه الاحتجاجات أوزارها في القريب العاجل؟