«مايكل فلين» شبح ترامب الأسود هل يقوده إلى مصير نيكسون؟‎

ترامب
ترامب

"لا يوجد رئيس في تاريخ الولايات المتحدة وُجهت حربٌ ضده مثلي"، هكذا قال الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في شهر مايو الماضي ، تعقيبًا منه على الملاحقات القضائية التي تطال رجاله السابقين، الذين كانوا قبل أشهرٍ قليلةٍ قائدي ربان حملته الانتخابية، وسط مطالب متصاعدة في الولايات المتحدة بعزله من منصبه في ذلك التوقيت، تلك المطالب التي لم تتوقف بعد، و لا تزال مطروحةً من معارضي الرئيس الأمريكي إلى الآن.

تصريحٌ ترامب حينها أراد من خلاله أن يلعب دور الضحية  والشخص الذي توجه له أسهم الانتقاد في الأوساط السياسية في الولايات المتحدة بضراوةٍ دون أي وجه حقٍ، من قبل من يريدون رحيله عن منصبه الذي لم يمضِ على تقلده سوى بضعة شهور.

أبرز هؤلاء الذين مثلوا حجرًا عثرًا هز عرش ترامب في البيت الأبيض ، هو مستشاره السابق للأمن القومي و أحد أركان حملته الانتخابية ضد المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون،مايكل فيلن، الذي برز اسمه بشدةٍ في الأيام الأخيرة، بعدما كانت الأنظار في الولايات المتحدة مصوبة تجاه مدير حملة ترامب السابق، بول مانافورت، الذي أُدين أُواخر شهر أكتوبر الماضي بالتورط مع موسكو في الانتخابات الرئاسية، غير أنه أنكر الاتهامات الموجهة ضده.

رحيل "فلين" عن منصبه
مايكل فلين استقال من منصبه كمستشارٍ للرئيس الأمريكي للأمن القومي يوم الرابع عشر من فبراير عام 2017 قبل مرور شهرٍ واحدٍ على تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاليد الحكم في البيت الأبيض متعهدًا آنذاك بالدفاع عن الرئيس الأمريكي في وجه ما يواجهه من حملاتٍ مضادةٍ يقودها الديمقراطيون، حسب رأيه، التي تهدف إلى إسقاط حكم ترامب الذي انتخبه الشعب الأمريكي.

خروج فلين آنذاك من إدارة الرئيس الأمريكي جاءت لتخفف حدة الرياح الهوجاء الموجهة ضد إدارة الرئيس الأمريكي الجديد و التي بدأت قبل توليه منصبه في أعقاب المزاعم التي تحدثت عن تورط حملته في التواطؤ مع روسيا أثناء الانتخابات و التي تم خلالها اختراق حساباتٍ شخصيةِ لشخصياتٍ بارزةٍ في الحزب الديمقراطي.


إقالة "كومي" تؤجج الأزمة
تابع رحيل فلين عن منصبه مسألة إقالة الرئيس الأمريكي لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي ،جيمس كومي، في مايو الماضي ، و التي أحدثت ضجةً كبيرةً داخل الأوساط السياسية الأمريكية لاسيما المناوئة للرئيس الأمريكي و المتمثلة في الحزب الديمقراطي.

و لم يكشف ترامب من قبل السبب الذي جعله يقيل كومي من منصبه، بل عزى ذلك حينها إلى أن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية تقاعس في عمله لذلك تمت إقالته، و أن قرار الإقالة ليس له علاقة بالتحقيقات الخاصة بملف تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الماضية و التي كان كومي يتولى بنفسه التحقيق في هذه المسألة.

لكن التصريحات كانت مغايرة من جيمس كومي ، و التي وضعت ترامب في مأزقٍ لا يزال يمثل هاجسًا بالنسبة للرئيس الأمريكي إلى الآن، فكومي كشف خلال جلسة استماعٍ بمجلس الشيوخ الأمريكي، أن السبب الرئيسي وراء إقالته كان رغبة ترامب في إنهاء ملف التحقيق حول مستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين، بعدما أطلعه على تحقيقاتٍ تثبت تورط فلين في مسألة التواطؤ مع موسكو أثناء الانتخابات الرئاسية، ملقيًا بذلك حجرًا صلدًا في مجرى المياه الهادئة للرئيس الأمريكي.

تغير لهجة ترامب تجاه "فلين"
ترامب اليوم غيّر مجرى الحديث ، بإعلانه - خلال تغريدةٍ له عبر تويتر - أنه لم يطلب من جيمس كومي وقف التحقيقات المتعلقة بمايكل فلين، معتبرًا أن تلك الأحاديث من كومي مجرد مزيدٍ من الأنباء الكاذبة للتغطية على كذبة أخرى لكومي، حسب قوله.

و أتى هذا بعدما أقر مستشار ترامب للأمن القومي السابق بأنه كذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي في مسألة تورطه بالتواطؤ مع موسكو، معترفًا بالذنب في ذلك الأمر، في تحقيقاتٍ كشفها المحقق بالمكتب الفيدرالي ،روبرت مولر، الخاص بالتحقيق في مزاعم تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

و بدوره، استخدم ترامب لفظ "إقالة مايكل فلين" للمرة الأولى منذ رحيل الأخير عن منصبه في فبراير الفائت، حيث أشار أمس السبت إلى أن قراره بإقالة مايكل فلين من منصبه كان مطابقًا للقانون.


هاجس مصير نيكسون
و رغم مساعي ترامب الحثيثة للتبرؤ من مايكل فلين و التي تجلت في مواقفه الأخيرة ، إلا أن الهاجس الذي يشكله و يزعزع أركان حكمه لا يزال قائمًا ، فقد كشفت صحيفة "صنداي تيلجراف" البريطانية عن أن ترامب وضع نفسه في موقف قد يورطه في دعاوى بعرقلة سير العدالة ، و ذلك بعد تغريدته عبر تويتر و التي قال خلالها إنه كان يعرف بأن فلين كذب على محققي مكتب التحقيقات الفيدرالية بشأن تواصله مع الروس لذا قام بعزله من منصبه فبراير الماضي.

و تشير الصحيفة البريطانية إلى أن عرقلة العدالة هي أحد الأسباب التي يمكن أن تكون سببًا لعزل الرئيس الأمريكي، حيث أنها كانت سببًا لعزل الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون.

و طبقًا للدستور الأمريكي، فإن إجراءات إدانة الرئيس الأمريكي بعرقلة العدالة، و من ثم عزله من منصبه، تتم على مرحلتين، أولاهما اقتراع سحب الثقة من قبل مجلس الشيوخ، فإذا صوت غالبية الثلثين لصالح حجب الثقة عن الرئيس و إدانته، يتم إحالة الأمر إلى مجلس النواب، فإذا تمت الموافقة على إدانته بأغلبية الثلثين، يتم إدانة الرئيس الأمريكي، و من ثم يُعزل من منصبه.

و هذا الإجراء تم من قبل مع ريتشارد نيكسون الذي تم عزله من منصبه عقب إدانته في فضيحة التجسس على الحزب الديمقراطي "وترجيت" ، في حين نجا الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون من اقتراعٍ مماثلٍ في أعقاب فضيحة "مونيكا"، و التي كذب خلالها كلينتون و أنكر صلته بمونيكا قبل أن يتم إدانته فيما بعد.