خلال منتدى شباب العالم

بعد أن أبكت لمياء حجي الجميع .. "الإيزيديات".. مأساة شاهدة على إجرام التنظيم الإرهابي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
وقفت الشابة العراقية لمياء حجي بشار أمام الجموع التي آتت من كل مكان بمنتدى شباب العالم بشرم الشيخ ،الأحد 5 نوفمبر، لتروي قصتها والتي تعتبر مثالا لآلاف القصص المأساوية التي تعرضت لها الإيزيديات في مواجهة التنظيم الإجرامي الذي كان يرى فيهن "سلع جنسية" تباع وتشترى دون إنسانية.

وقعت الناشطة الإيزيدية في أسر التنظيم الإرهابي وهي في الـ15 من عمرها، حيث كانت تعيش في سلام مع أسرتها بإحدى قرى سنجار حيث دخلها داعش ليقتل الرجال ويسبي النساء.

حكت لمياء "19 عاما" قصتها حيث قالت: "فرقونى عن عائلتى وباعونى لسوريا، وكان هناك آلاف البنات مثلى، كنا في سوق النخاسة نباع لأعضاء التنظيم، حاولت الهروب كثيرًا لكن دون جدوى، وفى المرة الخامسة خلال محاولة هروبي انفجرت بنا عبوة تفجير استشهد على إثرها صديقاتي، تعالجت بألمانيا وقررت أن أروى قصتي للعالم وقصة الآلاف من الفتيات مثلى، كان حلمي أن أصبح معلمة لكن أنا اليوم أمامكم لكي أرسل رسالتي للعالم وتعرفون ما يجرى وتقفون ضد الإرهاب والتطرف والقتال".

الإيزيديات..مأساة على أرض العراق

بداية، يعيش الإيزيديين في العراق وسوريا، ويتمركز أغلبهم قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار في العراق. يتحدثون باللغة الكرمانجية "إحدى لغات الأكراد"، إضافة إلى اللغة العربية، وتعتبر ديانتهم غير تبشيرية.

تعرض الإيزيديين للعديد من حملات الإبادة على مر التاريخ لأسباب عديدة كان أبرزها الاضطهاد العرقي والديني، ولعل تلك الممارسات العنيفة تجاههم هي من أعطتهم طبيعة الانطواء عن العالم والخوف من الخلطة خشية البطش.

في السنوات القليلة الماضية، أصبحت ممارسات تنظيم داعش الإرهابي تجاه الإيزديين على مرأى ومسمع من العالم كافة خاصة ما مارسوه تجاه نسائهم، حيث اعتبروهم سبايا تعرض في أسواق النخاسة وتباع كالبضائع، إضافة إلى ممارسة أبشع الجرائم الجنسية بحقهم وخطف الصبية الصغار لضمهم إلى التنظيم الإرهابي وتجنيدهم.

ظلت جرائم التنظيم في حق الإيزديات تمارس لثلاث سنوات، وقسمت النساء طبقا لملامحهن، فالجميلة "هي صاحبة فرص البيع الأعلى"، أما من كانت ترفض وتتمرد فكان جزائها القتل دون شفقة، فوفقا لصحيفة ذا صن البريطانية فإن التنظيم الإرهابي ارتكب جريمة بشعة في 2016 تمثلت في إحراق 19 فتاة إيزيدية وهن على قيد الحياة في مدينة الموصل رفضن العمل كجواري وممارسة الجنس مع أعضاء التنظيم.

أشعل التنظيم النار في الفتيات بعد أن وضعهن في أقفاص حديدية في إحدى ساحات المدينة، وذلك أمام تجمع ضم المئات من سكان المدينة، في مشهد أعاد ذكرى حرق الكيار الأردني معاذ الكساسبة في 2015، ويعتقد أن هؤلاء الفتيات جزء من 3 آلاف امرأة إيزيدية اختطفهن التنظيم، وأخضعهن للعبودية الجنسية.

استطاعت بعض الفتيات الهروب من هذا الجحيم والتواصل مع الصحافة الأجنبية ليرووا ما تعرضوا له على يد التنظيم الإجرامي وكيف استطعن النجاة، كما أن أحد المنظمات الحقوقية العالمية أجرت تحقيقات واسعة ونشرت شهادات للناجيات وكبف تركت تلك الممارسات الإجرامية آثارا نفسية وجسدية سلبية.

من جهتها صرحت ليزل جيرنتهولتز، مديرة برنامج حقوق المرأة: "لقد ارتكبت قوات داعش أعمال الاغتصاب والاعتداء الجنسي المنظمة وغيرها من الجرائم المروعة بحق سيدات وفتيات إيزيديات. وتحتاج اللواتي حالفهن الحظ فهربن إلى العلاج من الصدمة التي لا يمكن تخيلها والتي تحملنها".

أجرت إحدى المنظمات مقابلات مع السيدات الناجيات حيث ظهر عليهن دلائل الآثار النفسية السيئة وعدم الاتزان ، وما زالت الكثيرات منهن منفصلات عن ذويهن أو عن عائلاتهن كلها في بعض الحالات، حيث قُتل هؤلاء بيد داعش أو ما زالوا باقين في أسرها للأسف، ولكن الأسوأ أن عديدات أكدن أنهن حاولن الانتحار أثناء الأسر تجنبا للاغتصاب أو الزواج القسري أو الإجبار على تغيير عقيدتهن.

وقالت الناجيات إن البداية جاءت مع قيام مقاتلي داعش بفصلهن عن الرجال والصبية والسيدات الأكبر سناً، ثم قاموا بنقلهن على مراحل إلى أماكن مختلفة في العراق وسوريا. ورغم أن معظم مقاتلي داعش كانوا فيما يبدو سوريين أو عراقيين، إلا أن الناجيات قلن إن بعض المسيئين إليهن قالوا لهن إنهم جاءوا من بلدان أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك من ليبيا والجزائر والسعودية وفلسطين، وكذلك من أوروبا وآسيا الوسطى. 

وتراوحت أعمار الفتيات المختطفات من سن 8 إلى 30 سنة، كان مصيرهن إما الزواج الإجباري أو الاغتصاب وفي كلتا الحالتين كن يعرضن في أسواق النخاسة حيث سوق الرقة أشهرهم، كما استعرضت الفتيات أن العديدات كن يتعرضن للحمل الغير شرعي والاجهاض وهو ما كان يعرضهن للموت، وفي حالة الولادة كان الطفل يعتبر ابن غير شرعي خاصة وأن العراق لا تعترف بالأطفل "خارج نطاق الزواج" مما كان يضعهن في مأزق حقيقي ومأساة كبيرة.

وأمام تلك الجرائم البشعة التي تركت ألما نفسيا على الناجيات، وقتلت العديد من الأخريات ذون ذنب، لابد من المجتمع الدولي أن يأخذ قرارات صارمة إزاء تلك الممارسات، وأن يتم تأهيل هؤلاء الفتيات نفسيا ليعدن كما كن ويتعاملن مع الآخرين بصورة سوية ويمارسون حياتهم بصورة طبيعية. ولعل تلك هي أبسط أمنيات الناشطة الإيزيدية "لمياء".