عرض لـ "كتاب النوم"

كتاب النوم
كتاب النوم
نتعامل مع النوم على أنه حالة، بينما حول الأديب هيثم الورداني في أحدث مؤلفاته "كتاب النوم" –الصادر عن دار الكرمة-  النوم إلى شخص، وجعل جسد الإنسان أثناء نومه مسرحا  لعرض الأحلام،  فهو يستجمع ذكريات النائم وهواجسه ومخاوفه وأفكاره.

 ويقوم النوم بخلطها، ويبتكر أحلاما ثم يعرضها ويقوم ببطولة العرض صاحب الجسد الذي يستريح من مشاكل الحياة  اليومية حيث يجد الأشياء تتحول إلى "كائنات أخرى غير تلك التي عرفناها فهي تفقد خضوعها وتعود شيئا فشيئا إلى نفسها" أثناء الاستيقاظ، ويضع النوم مسرحه في منطقة الذات "التي تأسست كمكان داخلي مقتطع من المكان الخارجي، وهو منقسم بدوره إلى غرف فرعية، هذه الذات تتسلل أثناء النوم إلى الخارج لتمتزج بالعالم، فتفقد شيئا فشيئا حدودها الداخلية، فتختلط غرفة أسرارها بغرفة آلامها، والمكان الخارجي الذي يعكس جسد النائم  تجانسه بحضور الغياب، ويتصل بقوة تعطل عمل الحدود..والنوم لا يحدث داخلنا أو خارجنا، وإنما يحدث عندما يختلط كل شئ".

يبحث الورداني عن إجابة سؤال من هو النائم؟، قائلا: السؤال عما إذا كان النائم فردا معزولا أم عضوا في جماعة، فهو سؤال يخص يقظة تنظر إلى العالم عبر كهف الذات، أما ما يطرحه حال النوم فهو أنه ليس هناك فرد في مواجهة جماعة، ولا جماعة تتكون من أفراد، وإنما هناك فقط جماعات.جماعات كبيرة وجماعات صغيرة.جماعات بشرية تنظمها السلطة، وجماعات أخرى يقتسمها البشر مع الموتى والأشجار، عبر فعل النوم الذي يخرج الذات عن نفسها يصبح النائم جماعة صغيرة مفتوحة دائما، لا مركز لها تدورحوله، الفرد بهذا المعنى ليس نقطة رياضية مفترضة، بل جماعة وحيدة في حالة فعل، حتى وإن انضوى يوما تحت لواء أىة جماعة كبيرة...الجماعة ترى نفسها تاريخا موازيا من الفقد والانسلاخ.

ويطرح الورداني سؤلا آخر "ما الذي يستحق التسجيل في ساعات النوم لكي يجعل كتب التاريخ تضعها في حسبانها؟،..وظل النوم على مر  السنين مبثوثا فوق صفحات التاريخ كهباء منثور..النوم المطرود من التاريخ لا يقدم ولا يؤخر، لا ينتج ولا يراكم، بالرغم من ذلك فهو الحد الذي لا يستطيع سهم أن يتخطاه".