البداية من الفرافرة.. وطرح 400 ألف فدان جديدة خلال أيام

مشروع الـ 1.5 مليون فدان.. ملحمة تعمير



فى خطوة كبيرة نحو استعادة مكانة مصر القديمة كدولة زراعية كبرى وتحقيق الاكتفاء الذاتى لمصر من المحاصيل، أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى من الفرافرة يوم 30 ديسمبر 2015 إشارة البدء فى مشروع المليون ونصف المليون فدان باعتباره أحد المشروعات القومية العملاقة التى تولى الدولة وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسى له أهمية خاصة.

ويعد هذا المشروع إحدى ركائز برنامج "خطوة نحو المستقبل" الذى تتبناه الدولة ويشمل عددا كبيرا من المشروعات التى تستهدف التنمية المستدامة، حيث يعد المشروع نموذجا حيا للرى المصرى الحديث، بحيث تكون نواته سلسلة من القرى النموذجية تعالج مشكلات الماضى وتستثمر مقومات الحاضر، وتتم إقامتها وفق خطط ودراسات علمية، بحيث تشكل فى مجموعها مجتمعات عمرانية متكاملة، تضم إلى جانب النشاط الزراعى الصناعات المرتبطة بالزراعة مثل المنتجات الغذائية والتعبئة والتغليف وإنتاج الزيوت وغيرها، بالإضافة إلى توفير الوحدات السكنية وجميع المرافق اللازمة، وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية، لإقامة مجتمع سكنى متكامل جاذب للسكان.

موقع المشروع
يغطى المشروع مساحات واسعة من الجمهورية، خاصة الصعيد وجنوب الوادى وسيناء والدلتا، حيث وقع الاختيار على مناطق فى ثمانى محافظات هى قنا، أسوان، المنيا، الوادى الجديد، مطروح، جنوب سيناء، الاسماعيلية، وتم اختيار تلك المناطق بعد دراسات متعمقة، بحيث تكون قريبة من المناطق الحضرية وخطوط الاتصال بين المحافظات وشبكة الطرق القومية والكهربائية، حتى يتسنى لوزارة الإسكان سرعة إقامة المناطق العمرانية، وتوفير الخدمات والبنية الأساسية لهذه المناطق، فضلا عن توافر مصادر المياه بها سواء الجوفية أو النيلية.

يستهدف المشروع إنشاء ريف مصرى جديد وعصرى، تكون نواته سلسلة من القرى النموذجية، وزيادة الرقعة الزراعية من 8 ملايين فدان إلى 9.5 مليون فدان بنسبة زيادة 20 %، وتوسيع الحيز العمرانى واستيعاب النمو الطبيعى للسكان بإنشاء مجتمعات عمرانية عصرية متكاملة مما يساهم فى زيادة المساحة المأهولة بالسكان فى مصر من 6 % إلى 10 %، تعظيم الاستفادة من موارد مصر من المياة الجوفية، زراعة المحاصيل الاقتصادية التى تدر عائداً مالياً كبيراً وتساهم فى سد الفجوة الغذائية التى تعانى منها البلاد.
الفرافرة.. نقطة الإنطلاق
قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بتدشين المرحلة الأولى للمشروع من واحة الفرافرة وتحديداً من «سهل بركة» ويشمل المشروع فى تلك المنطقة استصلاح وتنمية 10 آلاف فدان تم إعدادها تماماً للزراعة وتركيب أجهزة الرى المحورى «40 بيفوت»، كما تم الانتهاء من تسوية الأرض بالليزر وتسميدها وتجهيزها لغرس البذور، كما تم حفر 40 بئرا جوفية فى وقت قياسى بإستخدام أحدث الحفارات فى العالم التى دبرتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالتعاون مع حفارات الشركات المدنية وشركات قطاع البترول، كما تم إنشاء قريتين زراعيتين وثالثة خدمية ومناطق صناعية، ومن المخطط أن تستوعب تلك القرى من 10 إلى 15 ألف نسمة وتخدم 2500 فدان، وسيتم طرحها للشباب فى صورة شركات مساهمة بواقع 5 أفدنة لكل منتفع، وتم تنفيذ 2000 بيت ريفى مساحته 200 متر مربع، وتوفير السكن للعاملين بالمنشآت الإدارية والخدمية مثل الأطباء ورجال الشرطة والمعلمين بإجمالى 40 عمارة تضم 480 وحدة سكنية.

كما تم إنشاء العديد من المنشآت الخدمية التى تخدم المزارع من حضانات ومدارس ووحدات صحية وقسم شرطة وحماية مدنية ووحدة بيطرية وبنك زراعى ومكتب بريد ومجلس قروى وأجتماعى ومبنى ورش يدوية للفتيات و9 مساجد تم توزيعها على القرى الثلاث، بالإضافة إلى زراعة 7500 فدان بالفرافرة منها 1500 فدان قمح و6000 شعير، كنواة للمشروع لسد الفجوة فى محاصيل الحبوب والأعلاف وفحص حالة الزراعات الموجودة.


وعن إدارة وتشغيل المشروع أعلنت الحكومة إنشاء شركة قابضة لإدارة هذا المشروع الضخم بعيدا عن وزارة الزراعة، وهى شركة «الريف المصرى الجديد مما يعكس تغير فكر الدولة تجاه المشاريع القومية لتجنب مصير مشابه للمشروعات السابقة مثل توشكى، إذ إن نظام الإدارة بالشركات القابضة يضمن نجاح المشروع واستمراره وإبعاده عن الروتين الحكومى، ويبلغ رأس مال الشركة 8 مليارات جنيه، وستتبع الشركة القوانين المنظمة لهيئة الاستثمار باعتبارها شركة تابعة للدولة، على أن يتم تشكيل مجلس الإدارة والهيكل الإدارى من ذوى الخبرة من الوزارات المعنية لتشكيل مجلس إدارة قوى قادر على تسويق المشروع بنجاح.

وتقوم هذه الشركة بتنظيم العمل وتضع اللوائح والقوانين ويكون لها الحق فى الحصول على قروض لتخفيف العبء عن موازنة الدولة، وهى المسئولة عن وضع الضوابط الحاكمة لطرح وتوزيع الأراضى على الشباب وصغار المزارعين والمستثمرين، بالإضافة إلى مسئوليتها عن إدارة وصيانة وتطوير البنية الأساسية للمشروع بحيث تكون هذه الشركة كيانا مسئولا عن المشروع بالكامل. 
طرح الأراضي
ومؤخرا أعلن د. عبد المنعم البنا وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، أن شركة الريف المصرى ستبدأ فى طرح اراضى المرحلة الثانية من مشروع المليون ونصف المليون فدان، وأضاف أن اراضى الطرح الثانى يبلغ مساحتها نحو 400 الف فدان.
كما أعلن المهندس عاطر حنورة رئيس مجلس شركة تنمية الريف المصرى، أن الشركة تعتزم تسليم أراضى المليون ونصف المليون فدان بالكامل منتصف 2018، وأوضح أن طرح المرحلة الثانية للمشروع بواقع 400 ألف فدان، وتسليمها قبل نهاية العام الحالى، يعقبها طرح المرحلة الثالثة أبريل 2018، وتسليم أراضى الطرح فى وقت قصير.
وأضاف أنه سيتم الانتهاء من تسليم أراضى الطرح الأول الذى اقتصر على صغار المستثمرين، نهاية نوفمبر المقبل، وأشار إلى أن بعض الفائزين طلبوا استلام الأراضى قبل تنفيذ المدقات فى المغرة، إذ إنه من المقرر تسليم أراضى تلك المنطقة بنهاية نوفمبر المقبل، ومنطقة الفرافرة نهاية سبتمبر الجارى، وتوشكى منتصف أكتوبر، عقب انتهاء الهيئة الهندسة للقوات المسلحة، من حفر الآبار وتشغيلها بالطاقة الشمسية.

موارد المشروع
المورد المائى: ويعد بمثابة التحدى الأكبر فى المشروع، حيث ان أغلب مناطق المشروع ستعتمد فى زراعتها على المياه الجوفية، فقد أكدت الدراسات توافر المخزون الجوفى من المياه فى جميع مناطق المشروع بشكل كبير ومتجدد، كما أعدت وزارة الموارد المائية والرى برنامجاً آلياً للتحكم فى تشغيل الآبار وتركيب عدادات لمراقبة رفع المياه من الآبار حتى لا يتم استنزاف المخزون. 

ومن المخطط حفر 13 ألفا و225 بئراً جوفية فى إطار المشروع القومى لاستصلاح 4 ملايين فدان، وأن العدد الإجمالى للآبار اللازمة للوفاء بالاحتياجات المائية للمرحلة الأولى للمشروع «1.5 مليون فدان» تبلغ 5000 بئر، كما تم من خلال وزارة الرى حصر 14 موقعا ضمن المشروع تعتمد على المياه الجوفية، و3 مواقع تعتمد على المياه السطحية، وبذلك تكون نسبة المساحة التى ستعتمد على المياه الجوفية 88.5 % بينما تعتمد 11.5 % من المساحة على المياه السطحية.

كما سيتم الاعتماد على الطاقة الشمسية كأحد موارد الطاقة المتجددة النظيفة فى تشغيل المشروع حيث تم بناء محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية،كما تم عمل دراسات متطورة على خصائص التربة والأرض التى سيتم زراعتها وتحديد التركيب المحصولى الأنسب لها، حيث إنه من المقرر أن يتم زراعة محاصيل استراتيجية كالقمح والذرة الصفراء، وأخرى تصديرية مثل البصل والفول السودانى والبازلاء والنخيل والنباتات الطبية، بالإضافة إلى زراعة محاصيل تصنيعية مثل بنجر السكر وعباد الشمس وفول الصويا والتين والجوافة.