خطة تتبناها ألمانيا..

"مارشال أفريقيا".. زورق إنقاذ أوروبا من تدفق المهاجرين

قمة الشراكة مع أفريقيا
قمة الشراكة مع أفريقيا
جهود مكثفة وتحركات على كافة الأصعدة تجريها حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع اقتراب موعد انعقاد قمة العشرين، كان أخرها قمة الشراكة مع أفريقيا، الأسبوع الماضي التي ألقي فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة الافتتاح، مؤكدًا أهمية الشراكة بين دول القارة وأوروبا وفي مقدمتها ألمانيا.

وكانت ميركل أعلنت أن "الشراكة مع أفريقيا" ستكون على رأس أولويات القمة المقرر عقدها في هامبورج في السابع من يوليو، فمنذ بداية العام الجاري وتسعى الحكومة إلى بلورة ملامح خطة "مارشال أفريقيا" التي أعلن عنها وزير التنمية الألماني "جيرد مولر" مشددا على أن هدفها الأساسي وقف تدفق اللاجئين من القارة عبر دول الشمال الأفريقي.

حينها، قال مولر: "إذا لم نتعاون على حل المشاكل في عين المكان، فإن المشاكل ستأتي إلينا"، مضيفًا: "مصيرنا مرهون بمصير أفريقيا.. التعداد السكاني هناك سيتضاعف.. ملايين الشباب الأفارقة يبحثون عن فرص مستقبلية".

دعوة المستشارة الألمانية للرئيس السيسي لإلقاء كلمة الافتتاح في القمة التي جرت الأسبوع الماضي ينم عن إدراك تام لفكرة أن العبور نحو إفريقيا لن يتم إلا عبر دول الشمال الإفريقي وعلى رأسها مصر وكان ذلك جليا من خلال الزيارة التي قامت بها المستشارة ميركل لمصر وتونس في الشهر التالي لإعلان تفاصيل الخطة التي يمكن وصفها "بمبادرة القرن".

الخطة وفقا ما أعلنها الوزير الألماني تنص على أهمية توفير فرص مستقبلية للشباب الأفريقي في بلادهم وإرشاد الدول الأفريقية إلى مبادرات خاصة ومنح حكوماتها المستعدة للإصلاح المزيد من الأموال وتقليص المساعدات للحكومات التي ترفض الإصلاح.

دول الشمال الأفريقي الطريق نحو إفريقيا
جانب أساسي من الخطة وفق ما صرح به المتحدث باسم وزارة التنمية الألمانية فريدريك جاول لـ"الأخبار" هو ما يتعلق بتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة في أفريقيا كأحد الأركان الأساسية للخطة، مشيرًا إلى أن التكامل الإقليمي في منطقة البحر الأبيض المتوسط عامل أساسي للنمو والتنمية الاقتصادية والعمالة في بلدان شمال أفريقيا، ولذلك تقترح مارشال دعم التعاون القائم مع اتحاد البحر الأبيض المتوسط الذي تأسس في عام 2008. 

وتابع: "من أجل تحقيق هذه الغاية، تقترح الخطة توسيع التعاون السياسي والاقتصادي داخل الاتحاد من أجل المتوسط، إبرام وتنفيذ اتفاقات شراكة تجارية واقتصادية معنية بالتنمية، بالإضافة إلى مواصلة الاندماج في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي وفتح أسواق مشتركة مع كل دول الشمال الإفريقي".

مارشال أوروبا التي أنقذت ألمانيا
خطة "مارشال أفريقيا" هي مبادرة مقتبسة من خطة مارشال التاريخية التي أعلنتها الولايات المتحدة عام 1947 لإنقاذ الاقتصاد الأوروبي المنهار بعد الحرب العالمية والتي خصصت لها واشنطن آنذاك 13 مليار دولار أي ما يعادل 130 مليار دولار بالقيمة الحالية للدولار الأمريكي.

الخطة الأمريكية التي قيل إنها أنقذت أوروبا وخاصة ألمانيا من الانهيار الاقتصادي تثير العديد من الانتقادات فيما يتعلق بأن هدفها الأساسي كان مواجهة المد الشيوعي والحفاظ على مصالح الرأسمالية الجديدة والشركات المتعددة الجنسيات التي تحكم قبضتها على اقتصاديات العالم منذ ذلك الحين.

هل خطة مارشال الجديدة تختلف؟
وفقا لتفاصيل الخطة المعلنة فإنها ستركز على التجارة العادلة، وزيادة الاستثمار الخاص، والتنمية الاقتصادية من القاعدة إلى القمة، وتنظيم المشاريع، وخلق فرص العمل والعمالة. ومع التأكيد على التنمية الأفريقية، ولم تتجاهل الحكومة الألمانية الفرص التي تقدمها الاقتصادات الأفريقية سريعة النمو إلى الشركات الألمانية. 

واستشهد الوزير مولر بالبيانات التي تبين أن 400 ألف شركة ألمانية كانت نشطة على الصعيد الدولي، ولكن حوالي ألف شركة فقط كانت تعمل في أفريقيا، وأعرب مولر  في تصريحات نقلتها صحيفة "فرانكفورتر روندشاو" عن أسفه قائلا: "لا يمكننا مغادرة أفريقيا للصينيين والروس والأتراك".

"الأخبار" اطلعت على مسودة الخطة الألمانية لأفريقيا المكونة من 30 صفحة مقسمة لخمسة أجزء في الجزء الأول تناقش أهمية التعاون بين أوروبا والقارة السمراء والإمكانات الهائلة التي تسمح بتعاون مثمر وشراكة ندية. 

والجزء الثاني يتناول 3 عناصر أساسية اعتبرت الخطة أنها أساس هذه الشراكة وهي الأنشطة الاقتصادية وخلق فرص عمل والتدريب والتمويل وتوفير والعمل مع الشركاء الأفارقة على توفير حماية اجتماعية للشباب والعاملين.

أما العنصر الثاني فيركز على الأمن والاستقرار، والجزء الثالث وهو التحدي الأكبر أمام دول القارة الإفريقية ويركز على الديمقراطية وحكم القانون كشرط أساسي من شروط التعاون في إطار الخطة.

تحديات التنفيذ
وفق تفاصيل الخطة المفصلة لا توجد إشارة عملية لكيفية التنفيذ، وهو ما أشار إليه المتحدث باسم وزارة التنمية الألمانية ردا على سؤال "الأخبار" عن الخطوة التالية، فقال إن "الخطة تنص على أنه لا يوجد حل واحد، أو خطة واحدة، تعتبر أفضل طريقة للاستجابة للتحديات التي تواجهها أفريقيا". 

ولتحفيز هذه المناقشة، قدمت خطة مارشال للنقاش في محافل عديدة، منها الاتحاد الأوروبي و الاتحاد الأفريقي وقطاع الأعمال والمجتمع المدني، وفي مناقشات خلال الزيارات الرفيعة للمستشارة الألمانية واتصالات الوزراء مع نظرائهم في أفريقيا، وخصوصا دول الشمال الأفريقي.

وتقول الخطة إنه مع التوقعات بأن يتضاعف عدد سكان أفريقيا بحلول عام 2050، فإن "مارشال" تهدف إلى إصلاح الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا من أجل مواجهة التحدي المتمثل في إنتاج الغذاء والطاقة وفرص العمل للجميع. 

وتسعى إلى التعاون قائم على القيم والمصالح ويعالج قضايا ملحة مثل خلق 20 مليون فرصة عمل جديدة للشباب دون تدمير البيئة.

ووفقا لتقديرات خطة مارشال، فإن تحقيق الأهداف الإنمائية لأفريقيا يتطلب توفير 600 مليار دولار على المدى القريب، ومن أجل التمويل تقترح الخطة عدة تدابير، أولها بجانب تعبئة الأصول المالية الأفريقية، فإن الخطة ستعجل بتنمية الاستثمار الخاص، مستخدمة الصناديق الرسمية للمساعدة الإنمائية من أجل زيادة هذه الاستثمار.

وفيما يتعلق بالتدابير القصيرة الأجل، تقترح الخطة الاستفادة من الهياكل القائمة، مثل خطة الاستثمار الخارجي للاتحاد الأوروبي وغيرها، وأخيرًا فإن ألمانيا تعتزم خلال فترة رئاستها لمجموعة العشرين، إطلاق مبادرة استثمارية خاصة مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومصارف التنمية الإقليمية لهذا الغرض.