عاجل

أنهى حياته كحشرة

ما أمر أن يقع الإنسان في قبضة اليأس، ويسيطر عليه شيطانه، ويحطم معنوياته، حيث قرر رب الأسرة بعدما أثقلت رأسه بالتساؤلات، وأصابته حالة نفسية شديدة وسيطرت عليه الهواجس والأفكار وشعر بأنه أصبح مثل حشرة صغيرة لا حول لها ولا قوة، وعدم استطاعته تلبية احتياجات أسرته، وقيامه بواجباته ولم يجد إلا طريق الضلال وهو أن يتخلص من حياته.
وفي جلسة مع الشيطان احكم خطته بمداد قاتم وعقل هائم، وقام بالاتصال بصديقه الذي اعتاد أن يفتح له قلبه وألح عليه بالحضور بسرعة ومقابلته في المكان الذي اتفقا عليه وهو داخل إحدى الأراضي الزراعية.
ووسط الظلام الذي يشوبه الأضواء الخافتة، أغرورقت عيناه بالدموع وتحشرج صوته، أخبره بأنه قرر أن يترك الدنيا التي تخبط بين جنباتها، وتلاطم أمواجها، وأخرج من بين طيات ملابسه زجاجة مليئة بمبيد حشري ولم يتركها إلا بعد أن فرغت تماما، علت صرخات الصديق المكتومة، وفشل في إثناءه عن عدم فعل ذلك، وانتفض من مكانه مهرولا تسابق قدماه الرياح، وتركه يلاقي مصيره المحتوم.
أشرقت شمس الصباح لامعة تداعب الأغصان وفروعها التي ترتجف حزنا وألما كما لو كانت تخبرها عن جريمة رب الأسرة الممدد جثة هامدة.
وأثناء مرور أحد أهالي القرية الذي اكتشف الجثة تجمع الأهل والجيران في مشهد مأساوي، ووسط بكاء وعويل النساء.
انتقل على الفور مدير نيابة قليوب عمر الصغير، والذي أصدر تعليماته بسرعة التحريات حول الواقعة، وصرح بدفن الجثة بعد العرض على الطب الشرعي، وبورود التقرير الطبي المبدئي تبين أن سبب الوفاة تناول المجني عليه كمية كبيرة من المبيد الحشري، وباستدعاء صديقه أكد أنه كان في حالة غير طبيعية وأخبره بأنه يأس من حياته بعدما ترك عمله كفرد أمن بإحدى الشركات، ولم يستطع تلبية احتياجات أسرته، وباءت كل محاولاته بالفشل في إقناعه بالعدول عن قراره الذي اتخذه بالانتحار.
وبرر هروبه خوفا من المساءلة القانونية واتهامه بقتله.
وأكدت أسرة المجني أقوال الصديق، ولم تتهم أحد، وأن المجني عليه كان يعاني من حالة اكتئاب نفسي شديدة لعجزه عن توفير احتياجات أسرته، خاصة بعدما ترك عمله كفرد أمن.