أطلقوا عليه »شمو« أي عيد الخلق.. «الفراعنة» أول من احتفلوا بـ«شم النسيم»

تمشيا مع ما توارثوه منذ عهد الفراعنة خرجت جماهير الأقصر فى ساعة مبكرة من فجر اليوم للاحتفال بعيد شم النسيم، تجمعوا على صفحات النيل ثم قاموا بفتح عيونهم على النيل عند أول ضوء ثم غسلهما بعد ذلك بماء النيل، وهذه بالمناسبة عادة فرعونية قديمة ممتدة من آلاف السنين عندما كان يحرص المصرى القديم على الخروج مبكرا إلى ضفاف النيل مع أول ضوء من يوم شم النسيم ليمارس عادته التى توارثها أبناء الأقصر ولاتزال موجودة بينهم حتى يومنا هذا.
من ناحية أخرى امتلأت الحدائق العامة والمناطق الأثرية بالزوار القادمين من معظم مدن المحافظة حيث يحرصون على ركوب المراكب الشراعية إلى البر الغربى للمدينة وزيارة وادى الملوك والملكات وقضاء اغلب الأوقات علي كورنيش النيل بالأقصر وفى الحدائق والمتنزهات والكافيتريات المنتشرة بالمناطق السياحية.
كان محافظ الأقصر محمد سيد بدر، قد أمر برفع درجه الاستعدادات داخل الأجهزة التنفيذية بالمحافظة خاصة تلك التى لها تعامل مباشر مع الجماهير وبخاصة مستشفيات الأقصر ومرفق الإسعاف حيث تمتلئ شوارع الأقصر خاصة طريق الكورنيش والحدائق العامة والمتنزهات بجماهير الأقصر كما يمتلئ المجرى الملاحى للنيل بالمركب الشراعية والبواخر الشعبية التى تتنقل فى النيل فى رحلات مكثفه بين البر الغربى والشرقى وجزيرتى الموز وأرمنت، وقام بجولة موسعة بدأها منذ الصباح الباكر على مستشفيات المحافظة ، شملت المستشفى الدولى ، ومستشفيات مدن أرمنت والقرنة، ومدينة الأقصر، حيث اطمأن المحافظ على إستعدادت تلك المستشفيات لاستقبال اى حالات طارئة فى مناسبة احتفالات آلاف المواطنين بشم النسيم.
وتفقد المحافظ أعمال فرق النظافة المشكلة بهدف الحفاظ على صورة المدينة فى عيون زوراها من المصريين والأجانب فى يوم شم النسيم، وكلف المحافظ رؤساء المدن والأحياء والقرى، بمواصلة عمل فرق النظافة على مدار 24 ساعة ، لرفع اى مخلفات من الميادين والحدائق وكورنيش النيل أولا بأول ، واطمأن المحافظ خلال الجولة ، على الخدمات المقدمة للمواطنين لتيسير احتفالاتهم بشم النسيم.
ومن ناحيته أعلن اللواء عصام الحملي مساعد وزير الداخلية مدير أمن الأقصر رفع درجة الاستعداد القصوى بمختلف إدارات المديرية لاستقبال ذلك اليوم وتعزيز التواجد الأمنى فى الشوارع وبمحيط الحدائق العامة والمناطق الأثرية والسياحية والمتنزهات وأمر بانتشار قوات المسطحات المائية بطول مجرى النيل لمراقبة حركة المراكب الشراعية واللنشات ومراكب نقل الأهالى إلى البر الغربى والتأكد من استيفائها لشروط الصلاحية والأمان وعدم تحميلها لأفراد أكثر من سعتها القانونية كما أمر بنشر الأكمنة المرورية الثابتة والمتحركة ونشر رجال الشرطة السريين وسط التجمعات خوفا من حدوث ما يعكر صفو الاحتفالات.
أما فى الشوارع فقد أعد العميد محمد صلاح مدير إدارة المرور خطة شاملة لتحقيق الانسياب المرورى وعدم ظهور تكدسات فى الشوارع الرئيسية وفتح محاور مرورية جديدة. 
والاحتفال بعيد الربيع فى الأقصر له شكل وطعم يختلف عن أى محافظه فى مصر  كما يقول الأثرى الطيب غريب كبير مفتشى آثار الكرنك.. ففى الأقصر القديمة " طيبة" نشأ فيها هذا الاحتفال منذ قديم الأزل وسمى بعيد الحصاد والنماء ولا تزال صور الاحتفال به منقوشة فوق جدران المعابد  فهم يخرجون إلى الحدائق العامة يرقصون ويمرحون ويأكلون أكلاته المشهورة مثل الفسيخ والسمك المملح والخس والملانه والترمس والحمص ولاتزال بعض العادات متأصلة فى أبناء الأقصر حيث يخرجون فرادى وجماعات  مع بدايه فجر يوم شم النسيم يحرصون على عدم غسل وجوههم ويتجهون إلى النيل ليشهدوا أول ضوء عند الشروق حيث يفتحون عيونهم فى صفحات النيل عند الشروق ثم يقومون بغسلها بمائه العذب يتبركون به تارة ويحافظون على تراث توارثوه منذ زمن بعيد  ثم يقومون بعدها بركوب المراكب الشراعية يرقصون ويمرحون فى جولات نيليه كما يحرص بعض أبناء الأقصر على الانتقال إلى البر الغربى وزيارة المعابد الدينية والجنائزية والمقابر الفرعونية هناك.
ويقول أيمن أبوزيد رئيس مجلس إدارة جمعيه التنمية السياحية والأثرية أن عيد شم النسيم يعتبر من أقدم الأعياد الشعبية في التاريخ الأنسانى وتم الاحتفال به قديما فى مصر الفرعونية وفى حضارة بلاد ما بين النهرين وفارس كما كانت تحتفل بة الشعوب الصينية والهندية  وغيرها من البلدان الأخرى حول العالم ويطلق علية ألان عدة مسميات تختلف من بلد لأخرى  مثل النيروز عند الشرق والايستر عند الغرب وشم النسيم فى مصر .واختلف تحديد بداية فصل الربيع باختلاف المناخ والطقس  أيضا من بلد معينة عن غيرها.
ويضيف أن هذا العيد حمل رمزية اختلفت من حضارة لأخرى حسب موروثها الثقافي والروحي  فكان على سبيل المثال إيذانا ببداية العام الجديد  في الحضارة الفارسية والصينية وإيذانا ببداية موسم الحصاد في حضارة بلاد ما بين النهرين  والحضارة المصرية القديمة واحتفل به المصريين القدماء أيضا كرمز للبعث وتجديد الحياة، فقد غلبت روح الاحتفال بعيد الربيع ومظاهرة الشعبية  في مصر القديمة والمتوارثة منذ الآلاف السنين على الاحتفال بة ليس في مصر فقط بل امتد تأثيرها إلى كثير من دول العالم في الشرق والغرب ليظهر مدى تأثير الحضارة المصرية القديمة بموروثها الثقافي على الحضارة الإنسانية في شتى المجالات العلمية والثقافية .
وتعددت مظاهر الاحتفال بهذا العيد في مصر القديمة مابين خروج شعبي كبير كما يحدث الآن فى عصرنا الحديث ويملئ الناس المناطق المحيطة بالنيل والمتنزهات أو حرص  المصرى القديم  فى هذا اليوم  على إهداء زوجته زهور اللوتس.
ولم يكن الاحتفال بهذا العيد مجرد احتفال ترفيهي فقط  بل كان احتفال ديني يحمل معاني روحية كثيرة فقد ربط المصريون القدماء بين فصول السنة بأساطير الإلهة وخاصة أسطورة ايزيس وأوزوريس التي كانت ملحمة تؤكد على دوام الحياة وتجددها وانتصار الخير على الشر . فربطوا بين فصل الحصاد وبين البعث في جسد أوزوريس الذي يهب الأرض الخصب والنماء وأطلقوا علية (شمو) أى عيد الخلق أو بعث الحياة والذي حرف في العصر القبطي بشم النسيم . وتؤكد كثير من الشعوب ألان حول العالم على استخدام بعض الأكلات المصرية القديمة من سمك مملح وبيض وخس وحمص اخضر لتجعل روح الحضارة المصرية القديمة تعيش في كل زمان ومكان .