الآثار: المطرية كانت المركز العلمي لمصر.. وتمثال بسماتيك الأول "الأضخم"

قال عضو المكتب العلمي لوزير الآثار الدكتور مصطفي الصغير، لـ"بوابة أخبار اليوم " ، أن "مدينة المطرية" كانت أحد أهم أجزاء مدينة أون أو ما يعرف بـ (هيليوبوليس) والتي كانت بمثابة المركز الديني والعلمي لمصر، كما أنها كانت مركز عبادة الشمس، وهي مدفونة تحت ضاحية عين شمس ومنطقة المطرية القريبة منها.


أعلنت وزارة الآثار عن التمثال الملكي الذي تم اكتشافه في منطقة المطرية وبالتحديد فى سوق الخميس يعود للملك "بسماتيك الأول" مؤسس الأسرة الـ 26.

الذي حكم أكثر 54 عامًا حتى عام 1050 قبل الميلاد تقريبًا، ومؤسس عصر النهضة فى مصر القديمة الذى يطلق عليه العصر الصاوي، وهو الملك الوحيد الذي حصل على اسم "نبعا" فى تاريخ مصر.

حكاية الملك "بسماتيك الأول" 
حكاية الملك "بسماتيك الأول" كان أول فراعنة الأسرة السادسة والعشرون، وقد وحد بسماتيك الأول مصر فى العام الثامن من حكمه عندما أرسل أسطولاً قوياً فى مارس 656 ق.م، إلى طيبة وأجبر" ملكة مصر" على اتخاذ ابنته "نيتوكريس" وريثة لها.

وتبدأ الأسرة 26 بالملك بسماتيك الأول ابن الملك نيكاو وتنتهى بالملك بسماتيك الثالث، ويرى سليم حسن أنه بدأ عصرا جديدا فى حياة مصر،فلقد أصبحت البلاد فى عهده مستقلة تماما بعد أن كانت من قبل تحت نير الحكم الأشورى، وخلص مصر ليس من الأشوريين فقط بل ومن الكوشيين، ونهض بالبلاد نهضة كانت مضرب الأمثال فى تاريخ مصر.

وهناك الكثير من الجدل حول مسمى هذا الملك يرى "بيترى" أن اسم بسماتيك فى تركيبه هو من طراز اسم (شبتاكا) والذى يعنى القط البرى، ويعود إلى الأصل الكوشي، لكن هناك رأيا مخالفا تماما يرى أنه له أصل ليبى ويعنى ابن الأسد، أما "فيدمان وشبيجلبرج" فيؤكد أن أصل التسمية مصرى خالص، وأن التفسير اللغوى للاسم هو "إنسان الإله تك"، وأن تك هو الإله المحلى للمكان الذى نشأت فيه هذه الأسرة فى دلتا النيل وخاصة منطقة سايس.

زاهي حواس : يحكي قصة بسماتيك الأول 
يحكي زاهي حواس وزير الاثار الاسبق ، عن قصة الملك بسماتيك الأول الذي ظهر فجأة اسمه في كل وسائل الإعلام .

لقد اعتقد علماء الآثار أن التمثال الذي عثر عليه في المطرية ـ أو كما أسماها أجدادنا الفراعنة " أون" ? أو هليوبوليس كما عرفها اليونانيون ـ يخص الملك رمسيس الثاني؛ لكن المفاجأة كان بالعثور علي الاسم النبتي " ?نب عا " للملك بسماتيك الأول من الأسرة السادسة والعشرين مسجلا علي الكتف من الخلف؛ والاسم النبتي يعني الاسم الذي به ينتسب الملك إلي السيدتين نخبت وواجيت ـ الربتين الحاميتين للشمال والجنوب ـ وهو أحد خمسة أسماء للملك في مصر القديمة ومعروف أن الأسماء الملكية تسجل علي التماثيل في ثلاثة أماكن رئيسية وهي في موضع عصبة حزام النقية الملكية أسفل منطقة السرة مباشرة؛ أو أسفل الكتف من الأمام أو الخلف.

وأضاف حواس، أن مدينة أون أو عين شمس الحالية والتي قامت بها أقدم عاصمة دينية لمصر القديمة وكان بها أقدم جامعة في التاريخ؛ بها تعلم سيدنا يوسف عليه السلام؛ بل وتزوج من ابنة كاهن أون؛ والي أون حضر الفلاسفة والمعلمون من اليونان ومن كل أقطاب العالم القديم لينهلوا من علومها ويتعلموا في جامعتها والتي ضمت أقدم مكتبة في تاريخ الأرض. 


وأضاف حواس أن مدينة أون كانت مركز عبادة الإله رع؛ ولذلك ترك بها الملوك كثيرا من العمائر الدينية سواء كانت مقاصير أو معابد؛ وأهمها بالطبع معابد عصر الرعامسة وعلي رأسهم عميد الرعامسة الملك رمسيس الثاني.


وأوضح حواس ان مدينة اون أستمر العمران بها دون انقطاع في منطقة عين شمس خاصة في العصور الحديثة حيث بني الأهالي منازلهم فوق آثار أون؛ ونفس الحال نجده في معظم الأماكن في مصر من الإسكندرية شمالا وحثي أسوان جنوبا ولذلك تسمي الحفائر التي نقوم بها في هذا الموقع حفائر إنقاذ حيث يتم انتشال تلك الآثار من أسفل المساكن أو من تحت المياه الجوفية.


وقد قمت من قبل بالعمل في منطقة عين شمس وعثرت علي مقبرة من العصر المتأخر أسفل فيلا بالمنطقة ومقبرة أخري نصفها أسفل مساكن بالمنطقة وغارقة في المياه الجوفية بل إنني حفرت من خلال بعثة الآثار المصرية بعين شمس بمنطقة سوق الخميس وعثرنا علي آثار مهمة تعود إلي تحتمس الثالث وأخناتون ورمسيس الثاني.


وأشار حواس ، أن هذا الكشف الذي حدث بالأسبوع الماضي يعتبر أضخم تمثال يتم العثور عليه بالمنطقة لقد عثرت البعثة علي جزء من الرأس والتاج الملكي بالإضافة إلي جزء من الجسم بوزن يقترب من التسعة أطنان؛ ولو تم العثور علي هذا التمثال كاملا لتجاوز ارتفاعه الثمانية أمتار.


وبالنظر إلي التفاصيل الفنية لهذا التمثال نجدها تقترب من المدرسة الفنية للأسرة التاسعة عشرة أو عصر رمسيس الثاني ولا أعتقد أنه تم العثور من قبل للملك بسماتيك الأول علي تمثال بهذا الحجم.


وأوضح حواس أن يكون التمثال للملك رمسيس الثاني وقرر بسماتيك وضع أسمائه عليه ربما بعد قيامه ببناء مقصورة أو معبد بالمنطقة والعثور علي باقي أجزاء التمثال أمر مرجح جدا وربما يثبت الكشف عن باقي التمثال صحة نسبه الأصلي للملك رمسيس الثاني.