«تهديدات بالقتل وحراسة أمنية».. انتخابات بريطانيا تحت وطأة العنف السياسي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تشهد المملكة المتحدة انتخابات عامة في ظروف استثنائية، حيث يواجه المرشحون تحديات أمنية غير مسبوقة، ووفقًا لتقرير مفصل نشرته صحيفة بوليتيكو الأمريكية، فإن موجة من التهديدات والترهيب ضد السياسيين قد ألقت بظلالها على العملية الانتخابية، مما أدى إلى اتخاذ إجراءات أمنية مشددة وتغيير في أساليب التواصل مع الناخبين.

مرشحون يتجنبون اللقاءات العامة
كشف تقرير بوليتيكو عن حالة من القلق الكبير تسود أوساط المرشحين البريطانيين، إذ قرر عدد منهم تجنب الظهور في الاجتماعات العامة بعد تلقيهم تهديدات بالقتل وأشكال أخرى من الإساءة. 

اقرأ ايضًا: اليونسكو ترغب في وضع معلم أثري بريطاني على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر

وفي هذا السياق، نقل التقرير عن مرشحة من حزب العمال، طلبت عدم الكشف عن هويتها لدواعٍ أمنية، قولها إنها تلقت تهديدًا بالقتل في الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية. 

وأضافت المرشحة أنها "صُدمت" من الحادث الذي جعلها قلقة على سلامة عائلتها، مشيرة إلى أنها "لم تكن تتوقع أن تواجه مثل هذا الأمر في وقت مبكر من الحملة".

وفي حالة أخرى، أصدر روبرت لارجان، المرشح المحافظ، بيانًا أعلن فيه أنه لن يحضر أي مناظرات في دائرة هاي بيك التي يمثلها منذ عام 2019، وذلك بسبب مضايقات مزعومة من قبل شخصين في حدث عام سابق. 

وادعى لارجان أنه طلب حماية أمنية لكنه لم يحصل عليها، متهمًا شرطة ديربيشاير بعدم أخذ سلامة المرشحين على محمل الجد.

تصاعد العنف السياسي

يشير تقرير بوليتيكو إلى أن المخاوف بشأن سلامة السياسيين في المملكة المتحدة قد تفاقمت بشكل خاص في أعقاب مقتل النائب المحافظ ديفيد أميس في عام 2021 والنائبة العمالية جو كوكس في عام 2016. 

ولفت التقرير إلى أن بريطانيا ليست وحدها في مواجهة هذا العنف، مشيرًا إلى موجة حديثة من الهجمات على السياسيين في ألمانيا ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء السلوفاكي في 15 مايو الماضي. 

هذه الأحداث تسلط الضوء على تنامي ظاهرة العنف السياسي على المستوى الدولي.

توسيع نطاق "عملية بريدجر"

في استجابة للتهديدات المتزايدة، كشف تقرير بوليتيكو عن اتخاذ السلطات البريطانية إجراءات أمنية غير مسبوقة، فللمرة الأولى في تاريخ الانتخابات البريطانية، تم تقديم حزمة من الخدمات الأمنية الأساسية للمرشحين البرلمانيين. 

وتشمل هذه الخدمات توفير إرشادات وإحاطات أمنية، بالإضافة إلى خدمات الأمن عبر الإنترنت، مع إمكانية طلب حماية جسدية، وهو أمر كان مقتصرًا في السابق على النواب السابقين فقط.

كما تم توسيع نطاق "عملية بريدجر"، وهي عملية أمنية وطنية تركز على سلامة أعضاء البرلمان، وبموجب هذا البرنامج الموسع، أصبح من حق جميع المرشحين الحصول على جهة اتصال مخصصة في الشرطة يمكنهم من خلالها إثارة المخاوف أو الإبلاغ عن التهديدات. 

ومع ذلك، أشار بعض المرشحين إلى صعوبة الحصول على دعم إضافي ما لم يصل الترهيب إلى مستوى التهديدات بالقتل أو تخريب مقرات الدوائر الانتخابية.

استجابة الشرطة والحكومة

نقل تقرير بوليتيكو عن متحدث باسم المجلس الوطني لرؤساء الشرطة تأكيده أن الشرطة تأخذ دورها في حماية العملية الديمقراطية "على محمل الجد"، وأنها تريد أن يعرف كل مرشح أنهم "هنا لمساعدتهم والحفاظ على سلامتهم". 

وفي المقابل، امتنعت وزارة الداخلية عن التعليق على الترتيبات الأمنية المحددة، لكن مسؤولين من الوزارة شددوا على أنهم يشجعون جميع المرشحين على المشاركة في عملية "بريدجر".

هذه الإجراءات تثير تساؤلات حول التوازن الدقيق بين ضمان سلامة المرشحين والحفاظ على حرية التعبير والتواصل المباشر مع الناخبين، وهو أمر أساسي في العملية الديمقراطية.

تأثير التهديدات على مسار الحملة الانتخابية

يشير تقرير الصحيفة الأمريكية إلى أن التهديدات والترهيب قد أثرت بشكل ملموس على طريقة إجراء الانتخابات ومدى التواصل بين الناخبين والمرشحين المحتملين للبرلمان، فقد اضطر بعض المرشحين إلى تقليص ظهورهم العام أو تغيير أساليب حملاتهم الانتخابية.

على سبيل المثال، نشرت جيس فيليبس، وهي مرشحة أخرى من حزب العمال، تغريدة على موقع  أكس "تويتر سابقًا" قالت فيها إن "التهديدات بالترهيب والمضايقة في هذه الحملة تجعل من شبه المستحيل الذهاب إلى الفعاليات المخططة". 

هذا الوضع يثير مخاوف جدية حول قدرة المرشحين على التواصل بفعالية مع ناخبيهم وعرض برامجهم الانتخابية بشكل كامل.